دخلت عملية تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، مرحلة الغموض، في ظل الصمت الذي يلتزمه الرئيس المكلف بتأليفها سعد الحريري، وما يحكى ويشاع عن تعثر على خط الرياض – دمشق، والرياض – القاهرة بشأن الأزمة اللبنانية.
والتقى الحريري الذي يواصل مشاوراته واتصالاته المكثفة، مع مختلف الأطراف اللبنانية بحثاً عن صيغة لحكومة وحدة وطنية توافقية، بدءاً بأركان قوى 14 مارس، وأبرزهم الدكتور سمير جعجع والنائب وليد جنبلاط والرئيس أمين الجميل، على أن يلتقي قيادات المعارضة تباعاً، في حين توقعت مصادر مطلعة، أن يتوصل الرئيس المكلف نهاية الأسبوع الحالي، إلى وضع تصور أولي لشكل الحكومة، غير أن الإعلان الرسمي عن الصيغة النهائية لها لن يتم قبل نهاية الشهر الحالي. وعزت المصادر نفسها توقعاتها لـ»الاتحاد»، إلى تراجع الحماسة العربية التي برزت قبل أسبوع لمساعدة لبنان، وبروز أصوات معارضة من فريق 14 مارس لزيارة كانت مرجحة إلى دمشق، على هامش قمة لم تكتمل شروط انعقادها، وأجلت إلى قمة عدم الانحياز في شرم الشيخ يومي 15 و16 الجاري. ورأى سفير الاتحاد الأوروبي باتريك لوران بعد لقائه الحريري، أن أمام الرئيس المكلف مهمة صعبة، لافتاً إلى أن تشكيل الحكومة في لبنان مسألة دقيقة، وهو يقوم بمشاورات واسعة ويجب الوثوق به، كونه زعيماً شاباً ولديه خبرة. ونقل لوران إلى الحريري دعم رئيس الاتحاد الأوروبي واصفاً الحكومة المقبلة بالمهمة لمستقبل لبنان، آملاً أن تقوم بجهود خاصة على صعيد الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولفت المراقبون في بيروت إلى التحرك المصري المستجد على الساحة اللبنانية أمس، ويتمثل بزيارات مكوكية وسريعة قام بها السفير المصري أحمد فؤاد البديوي لكل من رئيس البرلمان نبيه بري والرئيس المكلف تشكيل الحكومة. وفيما التزم البديوي الصمت بعد الزيارتين، علمت «الاتحاد» من مصادر دبلوماسية عربية في بيروت، أن السفير المصري دخل على خط المفاوضات الجارية بشأن تأليف الحكومة اللبنانية بقوة، ونقل رسالتين شفويتين إلى كل من بري والحريري، لكنها رفضت الكشف عن مضمونهما، وقالت: إن السفير المصري ينقل رسائل إلى جميع المعنيين بموضوع الحكومة من فريقي 8 و14 مارس. وكشف أحد نواب كتلة «التنمية والتحرير»، التي يتزعمها بري لـ«الاتحاد» طالباً عدم ذكر اسمه، أن رئيس البرلمان وعد البديوي بتسهيل الأجواء للتعجيل بتشكيل الحكومة، وأكد له أن المعارضة مصممة على قيام حكومة وحدة وشراكة حقيقية. وكان الحريري أوفد مدير مكتبه نادر الحريري إلى بكركي، حيث أطلع البطريرك الماروني نصرالله صفير على سير عملية التشكيل. أما وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال خالد قباني المقرب جداً من الحريري، فأكد أن الرئيس المكلف حريص على تشكيل حكومة منسجمة ومتضامنة، وهو على اتصال وتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من أجل تشكيل هذه الحكومة. وقال النائب حسن فضل الله «حزب الله»، إن المعارضة معنية بتسريع تشكيل الحكومة بمعزل عن كل ما يشاع من مناخات خارجية، وتعمل لفتح صفحة جديدة عنوانها التوافق والشراكة مع فريق الأكثرية البرلمانية. إلى ذلك، فصل رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان أمس بين عملية تشكيل الحكومة الجارية حاليا وتعزيز العلاقات مع سوريا في ظل تقارير صحفية عن دور سوري في تشكيل الحكومة. أكد الرئيس اللبناني أن العلاقات اللبنانية – السورية تشهد ثقة متبادلة يعززها تنفيذ الخطوات التي نص عليها البيان المشترك الذي صدر بعد القمة الرئاسية بدمشق في أغسطس 2008. ويأتي هذا التأكيد وسط فيض من الانباء التي تشير الى ان السعودية تسعى من خلال تقاربها مع سوريا الى الضغط على حلفائها في لبنان لتسهيل تشكيل الحكومة مقابل قيام الحريري بزيارة دمشق وذلك ضمن عدد من القضايا المرتبطة بالمنطقة. وكان الحريري أكد السبت الماضي اثر لقائه سليمان للبحث في حصيلة مشاوراته مع الفرقاء اللبنانيين، ان «حكومة لبنان تشكيل في لبنان ومراسيمها تصدر من بعبدا (مقر القصر الجمهوري) وان اي كلام آخر غير صحيح». وأبلغ سليمان زواره أمس «ان مصلحة البلدين العليا هي التي ترعى متابعة تنفيذ البنود الواردة في البيان بعيداً عن أي توظيف في تشكيل الحكومة الجديدة». وأشار إلى أن أي مساعٍ أو جهود عربية أو دولية للتوصل إلى ســـــلام شـــــامل وعادل، يفترض أن تنطلق من التفاهم مع سوريا. وكان الرئيس سليمان استقبل نائب وزير خارجية السويد فرانك بلفراغ، مع وفد هنأه بإنجاز الانتخابات النيابية على النحو الذي تم، وتبلغ بتولي السويد الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في أول يوليو الحالي. كما التقى المسؤول الاوروبي رئيس الحكومة المكلف وبحث معه في سبل تشكيل الوزارة واوجه التعاون المشترك.
عدد اليوم
