الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكونغو.. حرب على النساء

12 مارس 2014 23:58
«ليوني وانجيفريوا» امرأة صغيرة يبدو عليها التعب ويتخلل حياتها العنف. ويظهر على كتفها ندبة كبيرة حيث مزق جسدها ذات يوم أثناء القبض عليها خلال قيامها بتعريف النساء بحقوقهن. وقد استلهمت هذا النشاط بعد أن نجت عدة مرات من الاغتصاب: فهي واحدة من آلاف النساء اللائي كن هدفاً للعنف الجنسي الذي يرتكبه الرجال في الكونغو على مدار عقدين من الزمان. ولكن بعكس أغلبية الحالات التي ذكرها الإعلام الغربي، فإن «وانجيفريوا» انتهكت ليس فقط من قبل المقاتلين، ولكن أيضاً من قبل ما يسمى بـ«المدنيين العاديين». وهذه الجماعة تضم رجالاً كانوا في الجيش أو الميليشيات في وقت ما، ولكنهم تركوه أو طردوا منه. وتضم كذلك رجالاً آخرين لم ينضموا لصفوف المسلحين، ورجالا متزوجين ولديهم يوجد أطفال وبنات، وقد يكونون في بعض الأحيان من الجيران أو الأصدقاء. وباختصار فإن قصة وانجيفريوا لا تقع في إطار «الاغتصاب كسلاح للحرب» الذي يستخدم كثيراً لوصف محنة النساء في الكونغو. وقد ذكر ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في شرق الكونغو مؤخراً أن هناك زيادة كبيرة في حالات اغتصاب المدنيين منذ عام 2011، وأن 77 بالمئة من الحالات قد سجلت في عام 2013. كما وجدت دراسة أجرتها منظمة «أوكسفام» عام 2010، أن حالات الاغتصاب في الكونغو زادت بنحو 17 ضعفاً خلال الفترة بين عامي 2004 -2008. وقالت «ساندرا سجوجرن،» منسقة منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» في الكونغو إنه «من الصعب تقدير حجم المشكلة المدمرة لاغتصاب المدنيين». وأضافت أن حوالي 2 بالمئة فقط من النساء يبلغن عن حالات الاغتصاب في الكونغو. وأشارت كذلك إلى أنه يتم استغلال الحرب الدائرة في البلاد كنوع من العذر في هذه المرحلة، «من السهل إلقاء اللوم على الصراع، لأنك إن فعلت ذلك، فسوف يبدو الأمر وكأنه غير منتظم ، فإذا كان لدينا سلام، فلن يكون هناك عنف جنسي». «هناك الكثير من الناس يقولون إن العنف الجنسي يحدث على يد الجماعات المسلحة أو الروانديين. لكن هناك قدراً كبيراً من هذا العنف يحدث من قبل الكونغوليين ضد الكونغوليين»، كما يقول أليخاندرو سانشيز، من وحدة مكافحة العنف الجنسي في بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو. وأشار أيضاً إلى ارتفاع حالات اغتصاب المدنيين من قبل مدنيين، وأن هذا يحدث نتيجة عدم المساواة بين الجنسين. الناس يعانون من العنف الجنسي بسبب الإفلات من العقاب، فهناك فرصة ضئيلة لتحقيق العدالة. لقد تعرضت «وانجيفريوا» للاغتصاب لأول مرة عام 2006، وهي واحدة من ست نساء مستهدفات من قبل العديد من الرجال، بعضهم يرتدي زي المنتزه الوطني، حيث كانت تزرع الفول في حقلها بمدينة «بيني». وقد ألقي القبض على الرجال ولكن أفرج عنهم بسرعة. وخوفاً على سلامتها، فرت «وانجيفريوا» إلى «أويتشا» في إقليم «كيفو» الشمالي لاستئناف حياتها. وبعد مرور ثلاثة أعوام، تم اغتصابها مرة أخرى. فبينما كانت يوماً تقوم بالزراعة في السادسة مساء اقترب منها عدد من الرجال في ملابس مدنية. في ذلك الوقت، كانت «وانجيفريوا» تقوم بما يسمى بـ«توعية» حول اليوم العالمي للمرأة، الذي حلّ في 8 مارس. وقد جمعت 50 دولاراً من النساء المحليات للإعداد للحفل. وجاء الرجال إليها في ذلك اليوم في الحقل ليأخذوا ما لديها من مال. ولكن أحد الرجال اقترح اغتصابها بدلا من سرقتها. ثم تناوبوا على اغتصابها حتى فقدت الوعي. سألت إحدى المنسقات بـ «شبكة سونكى للعدالة بين الجنسين» ومقرها جنوب أفريقيا، لماذا يغتصب الرجال نساء مثل وانجيفريوا إلى جانب سرقتهن. فردت قائلة «لماذا يدخن الناس في بلادك؟». بعبارة أخرى إنه أمر غير مفهوم لكنه شائع. إن انتقاص النساء والبنات يبدأ عند الولادة في جمهورية الكونغو وقد خلقت المعتقدات التقليدية الى جانب أهوال الحرب كماً هائلا من الأدوار الفاسدة للجنسين. فقد كان والد وانجيفريوا يرفضها لأن أمها كانت تلد إناثاً فقط. وذكرت «كارين سافاري»، محامية بمكتب «سوفيبادي» أن هناك قائمة من المعتقدات التقليدية التي تجعل الرجال يغتصبون النساء، مثل الاعتقاد في السحر الذي يعلمهم أن اغتصاب العذارى سوف يمنحهم القوة والمناعة والصحة. ولكن السبب الرئيسي الذي تشير إليه المحامية هو أن الرجال يتدربون منذ الصغر على القتال والهيمنة على الضعفاء حتى يتمكنوا من الحصول على ما يريدون. ومن بين العوامل الأخرى أن الرجال الذين قاتلوا في صراعات البلاد قد احتفظوا بالعنف الشديد الذي شهدوه بداخلهم حيث وجدت دراسة أعدتها شبكة «سونكى» عام 2012 أن 43 بالمئة من الرجال الذين تمت مقابلتهم قد انخرطوا بشكل مباشر مع الجماعات المسلحة أو القوات الحكومية. وعلى رأس هذا العوامل، أن هناك نقصاً في القيادة والقدوة الذكورية في البلاد. فالجميع يغتصب، المحافظ يغتصب والجار يغتصب، فماذا يفعل الشباب؟ كما أوضح أحد الصحفيين أن هناك انهياراً كاملا بداخل المجتمعات والأسر، وأن هناك الكثير من القيم المجتمعية التي لم تعد موجودة. وأضاف أن التغلب على ظاهرة الإفلات من العقاب هو الحل، غير أن ذلك يتطلب سن المزيد من القوانين. ‎لورين وولف صحفي ومدير مشروع «نساء تحت الحصار»- نيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©