الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مباشرة.. من وكالة الاستخبارات المركزية

17 ابريل 2017 00:57
يوم الخميس الماضي، ألقى «مايك بومبيو» مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، أول كلمة علنية له. وكبداية، كان يتعين على «بومبيو» بث بعض الثقة في نفوس الأميركيين لتأكيد أن «سي آي إيه»، وعلى رغم بعض آراء الرئيس دونالد ترامب، ومزاجه الخاص، ستظل دائماً مؤسسة محترفة وجادة، ولديها إحساس واضح بطبيعة المهمة التي تضطلع بها. وكان يتعين على «بومبيو» أيضاً أن يثبت أنه يؤمن، ويستطيع أن يشهد، على مهنية موظفي الوكالة، وأنه على استعداد أيضاً للدفاع عنهم، بصرف النظر عن هوية من يوجهون لهم الاتهامات. ولذا قال «بومبيو» في كلمته: «هناك جهات تعمل على تشويه، وتحقير عمل ومنجزات سي آي إيه، وأجهزة الاستخبارات بشكل عام. وفي غيبة الردود القوية على تجاوزات تلك الجهات، فإن أصواتها تكتسب جاذبية لا تستحقها». وأضاف: «لقد حان الوقت لمحاسبة مثل هذه الأصوات، لأن رجال ونساء سي آي إيه يستحقون دفاعاً حقيقياً، كما أن الشعب الأميركي يستحق أيضاً شرحاً شاملاً يبين له ما تفعله الوكالة بالنيابة عنه». وفي إطار كشفه لزيف دعاوى خصوم جمع المعلومات من أقصى اليمين واليسار، قال «بومبيو» لمستمعيه: «نحن وكالة استخبارات خارجية تركز على جمع المعلومات عن الحكومات الأجنبية، والمنظمات الأجنبية الإرهابية، وما إلى ذلك -لا جمع المعلومات عن الأميركيين. وهناك عدد من القواعد والأنظمة المحددة، التي تجعلنا نركز تماماً على مهمتنا، وتحمي خصوصية مواطنينا الأميركيين. وكمثال واحد يؤكد على هذا الحقيقة، يكفي أن نعرف أن سي آي إيه، محظور عليها قانوناً، التجسس على الناس من خلال وسائل المراقبة الإلكترونية في الولايات المتحدة. فنحن لا نسجل المكالمات الهاتفية لأي شخص سواء في «ويتشيتا» أو في برج ترامب»! والشيء اللافت للنظر في هذه الملاحظات العمومية، التي أدلى بها «بومبيو» هو القوة التي فند بها الادعاءات الهستيرية، من جانب الرئيس، ومن جانب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب «ديفين نونيس» (جمهوري- كاليفورنيا)، والكثير من وجوه إعلام التيار اليميني، وغيرهم ممن أقنعوا أنفسهم بأن وكالات الاستخبارات كانت تتجسس على ترامب قبل الانتخابات، وبعدها. وفي الحقيقة أن المرء لو فكر لدقائق قليلة فقط، في الحكاية التي يختلقها ترامب، فلن يملك سوى الإقرار باستحالتها، وخصوصاً إذا ما وضع في اعتباره ما قاله «بومبيو» في هذا الخصوص عن «العملية الشاملة التي تبدأ بالرئيس، وتتكون من عدة مستويات من المراجعات، وإعادة الاختبارات القانونية والسياسية». وبومبيو باعتباره عضواً سابقاً في الكونجرس، مؤهل تماماً لأن يشهد بأنه: «عندما يتعلق الأمر بالعمل السري، فإن هناك إشرافاً ومسائلة في كل خطوة تقريباً على امتداد الطريق». وواصل بومبيو كلمته، متناولاً خرافة ثانية وجدت، مرة أخرى، جمهوراً من اليسار واليمين المتطرفين هي تلك المتعلقة بصورة «ويكيليكس»، وأنها مؤسسة محبة للعمل التي تقوم به، حيث رأي أن: «ويكيليس تتحرك وتتحدث كجهاز استخباراتي معادٍ، وتركز بشكل يكاد يكون كاملاً على الولايات المتحدة، في الوقت ذاته، الذي تسعى فيه للحصول على الدعم، من الدول والمنظمات غير الديمقراطية.. كما أن التقرير الذي قدمته أجهزتنا، تضمن أيضاً أن قناة (آر تي) التلفزيونية، التي تعتبر منبر الدعاية الروسي الرئيسي، قد تعاونت بشكل نشط مع ويكيليكس». ولم يتوقف «بومبيو» عند ذلك، بل دافع أيضاً عن وكالته، وجاء دفاعه عنها مطمئناً، حيث قال: «في سي آي إيه، أستطيع أن أؤكد لكم أننا ملتزمون بكسب ثقة الأميركيين في كل يوم تقريباً، فنحن نعرف أننا لا يمكن أن نأخذ حصولنا على هذه الثقة على أنه أمر مسلّم به». وأضاف بومبيو: «يجب أن نكون منفتحين بقدر الإمكان على الشعب الأميركي، وأن نستمر كذلك على الدوام بحيث يتمكن مجتمعنا من الوصول إلى أحكام وتقديرات سليمة، بشأن كيفية تحقيق التوازن الصحيح بين الخصوصية الفردية، والأمن القومي... إن الرجال والنساء الذين أعمل معهم في مقر الوكالة في لانغلي، يتميزون بالوطنية، وأنا نفسي أشعر بالفخر لقيادتهم. وهم يتمتعون بثقتي واقتناعي بقدراتهم». ولكن الشيء الذي يمكن ملاحظته في كلمة «بومبيو» هو تلك الإدانة المبطنة لأفعال الرئيس وخطابه، الذي حرص على أن يجعله سمة مميزة له، وهي إدانة يجب أن تكون مقلقة للغاية. ولذلك، يجب أن يتم تحديد الجهة التي يقف الرئيس في صفها، والتي يحصل منها على المساعدة بكل سرور! هذا أمر، مشروع تماماً، لم يجد الأميركيون أنفسهم مضطرين للتفكير فيه بجدية من قبل. * كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©