الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللحم المسروق

اللحم المسروق
7 يوليو 2009 22:43
«أغرس قدميك في أرضك وسافر بعيونك في كل مكان». لا أدري لماذا تذكرت هذه المقولة وأنا أزور قبرص لأول مرة في حياتي، بعد دعوة كريمة من الاتحاد للعطلات أحد الأقسام الرئيسية التابعة للاتحاد للطيران، التي تبدأ برنامجها في جزيرة قبرص كواحدة من أكثر 40 وجهة على مستوى العالم. ووجدتني منسجماً مع هذه الجزيرة التي انطلقت من قيمها ومن تراثها العريق، لتقدم إلى العالم نموذجاً متفرداً في الجذب السياحي. ملايين السياح من العرب والأجانب يقصدون هذه الجزيرة المبهرة التي تحتل قلب المتوسط، يقصدونها سنوياً خلال فصول السنة الأربعة للتنزه والاستمتاع بالبحر والأماكن الأثرية، يبهرهم المطعم القبرصي الذي تميز بـ«المزة»، والتي هي أطباق لا نهائية من أنواع السلطات والأكلات القبرصية الأصيلة التي لا تخطر على البال إلى جانب أطباق لن تجدها إلا في قبرص. و«الكلفتيكو» اللحم المسروق، أو لحم قطاع الطرق، هكذا يسمونه في قبرص أحد أهم الأطباق التي تستقبلك بها أغلب المطاعم في كل المدن، والتي يأخذك الشوق لزيارتها مع مرشدك الذي لا يتوقف عن الابتسام والرد على استفساراتك بمعلومات كلها حول تاريخ البلد الذي نال استقلاله في خمسينيات القرن الماضي. وقصة الطبق الرئيسي الذي يفخر به القبارصة غريبة حيث أنها ارتبطت بممارسات قطاع الطرق قبل أن تنال الجزيرة استقلالها، فقد كان يمنع صيد الماعز البري الذي يعيش في معظم مناطق قبرص، ولما كان قطاع الطرق يرغبون في لحوم هذه الماعز فقد ابتدعوا طريقة لصيدها وطهيها وأكلها دون أن يشعر أحد بهم. ففي كل مرة يصيدون هذه الماعز وما أن ترتفع رائحة شوائها حتى يبادر الجنود بالتوجه إلى مصدر الرائحة ويصادرونها قبل توقيع غرامة على من صائدها قبل سجنه، وابتدع قطاع الطرق طريقة يمكن من خلالها الهروب من العقاب من خلال صيد الماعز، وتغليفها بأوراق الأشجار بعد ذبحها ودفنها في باطن الأرض وسط كتل الجمر بهدف منع رائحتها ووهج النار من الخروج، وبالتالي مصادرتها. ذهب الماضي بكل ما فيه من معاناة وبقي«الكلفتيكو» كأشهر أطباق قبرص التي يقدمونها لكل سائح يبحث عن المتعة في هذه الجزيرة التي تبهر زائريها، وعندما هممت بالتهام طبق «الكلفتيكو» تذكرت «المدفون»، ذلك الطبق الشعبي الذي ما زال يحتل أهمية كبيرة عند قطاعات واسعة من أبناء الإمارات والخليج، خصوصاً أهل البادية، فإلي أي مدى ممكن أن تتشابه العادات والتقاليد بين سكان العالم أجمع. إبراهيم العسم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©