الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوات العراقية في مدينة الصدر ··· بوادر النجاح

القوات العراقية في مدينة الصدر ··· بوادر النجاح
22 مايو 2008 02:13
يوم الثلاثاء الماضي زحفت القوات العراقية دون توقف نحو مدينة الصدر الشيعية، وهو ما شكل تحولا دراماتيكياً في عمليات القتال التي شهدتها المدينة الواقعة إلى الشرق من بغداد منذ أكثر من شهرين، كما اعتُبر نجاحاً واضحاً لرئيس الحكومة ''نوري المالكي''، وعلى غرار عمليتها في مدينة البصرة الجنوبية خلال الشهر الماضي حددت الحكومة العراقية هدفاً طموحاً تمثل في فرض سيادة الدولة على كافة مناطق العراق، وتحجيم قوة الميلشيات، لكن الإنجاز الذي حققته الحكومة العراقية لم يأتِ دون محاذير، إذ سرعان ما تبخرت عناصر الميليشيات في المدينتين عندما دخلت القوات الحكومية مدعومة بالجيش الأميركي وتوارت عن الأنظار، وهكذا لا يستطيع أحد القول متى ستظهر الميليشيات مجدداً، أو متى سيكون على القوات العراقية والأميركية محاربتها مرة أخرى، لكن بحلول يوم الثلاثاء الماضي كانت القوات العراقية قد توغلت عميقاً داخل مدينة الصدر وأقامت مواقع لها حول المستشفيات ومراكز الشرطة· وإذا كان السؤال العسكري الأهم اليوم بعد دخول مدينة الصدر يتمثل فيما إذا كان الجنود العراقيون سيتمكنون من الحفاظ على مواقعهم خلال الأيام المقبلة، يبقى السؤال السياسي ما إذا كانت حكومة ''المالكي'' ستنجح في تعزيز مكاسبها من خلال تطبيق البرنامج الاقتصادي الذي تعهدت به سابقاً للمساعدة في خلق الوظائف واستمالة الأهالي المترددين، وإضعاف القاعدة العسكرية للميليشيات، ولئن شكلت مدينة الصدر على الدوام بؤرة ساخنة، ومعقلا رئيسياً للميليشيات الشيعية التي تقول الولايات المتحدة إنها تتلقى أسلحة إيرانية من بينها المتفجرات الخارقة للدروع التي أوقعت العديد من القتلى في صفوف القوات الأميركية، إلا أنها تحولت في الشهور القليلة الماضية إلى اختبار حقيقي لحكومة ''المالكي'' وقدرتها على فرض سلطتها في ظل السياسة الشيعية المعقدة في الشرق الأوسط والخلافات التي ظهرت بين الكتلة الشيعية الحاكمة في العراق· وقد اندلعت المواجهات الأخيرة في نهاية شهر مارس الماضي عندما أرسل ''المالكي'' جنوده للسيطرة على مدينة البصرة، حينها ردت الميليشيات بالاستيلاء على مراكز الجيش في ضواحي مدينة الصدر واستخدمتها كمنصة لإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء، ولم يكن أمام الأميركيين والقوات العراقية من خيار سوى قتال الميليشيات ووضع حد لإطلاق الصواريخ، وهكذا نزلوا إلى شارع القدس وتمركزوا في أطرافه، ما سمح لهم بالسيطرة على الجزء الجنوبي من المدينة، كما أقيم سور كبير من الخرسانة لإبقاء الميليشيات بعيداً، غير أن مدينة الصدر ظلت في أيدي الميليشيات الشيعية التي استمرت في إطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء ومهاجمة القوات الأميركية، وما لبث أن جاء رد ''المالكي'' على تحدي الميليشيات لسلطة الحكومة في البصرة بشن حملة متسرعة فاجأت المسؤولين الأميركيين، وبدا أن القوات العراقية تواجه بعض المصاعب في تطبيق خطتها العسكريــة بسبب المشاكل اللوجستية وامتناع أكثر من ألف جندي عراقي عن القتال· لكن بعد استمرار الحملة العسكرية على البصرة ووصول المزيد من التعزيزات العسكرية انسحب قادة الميليشيات، بدا ''المالكي'' أكثر قوة من الناحية السياسية بعد أن ظهر بمظهر القائد الحاسم الذي يتطلع إليه الشيعة والسنة لحكم العراق، فرمى ''المالكي'' بثقله في مدينة الصدر وقرر مواجهة جيش المهدي وتعزيز دوره السياسي، لكن المسؤولين في القوات الأميركية فضلوا أسلوباً أقل عنفاً وأكثر ميلا إلى التفاوض، وفي ظل العمليات الجارية في البصرة والموصل ومناطق أخرى من العراق لم يكن بوسع القوات العراقية توفير العدد الكافي من الجنود لاقتحام مدينة الصدر· والواقع أنه رغم كل تصريحات العسكريين العراقيين حول قدرتهم على المحاربة حتى الرمق الأخير، إلا أنه كان واضحاً أن الطرفين معاً سيخسران الكثير إذا لم يتوصلا إلى اتفاق بينهما، فرغم أن القوات العراقية كانت ستنتصر لو خاضت حرب مدن مع الميليشيات في مدينة الصدر بدعم من الجيش الأميركي، إلا أنها كانت ستتكبد خسائر كبيرة، وسيعلق المدنيون في الاشتباكات ما سيؤدي إلى سقوط الضحايا وإبعاد المواطنين أكثر عن الحكومة، أما على جانب الميليشيات الشيعية فلا شك أنها كانت ستتعرض لاستنزاف كبير بعد مقتل العديد من أفرادها في الاشتباكات السابقة، ولعل هذا العدد الكبير من القتلى في صفوف جيش المهدي دفع بعض المسؤولين في التيار الصدري إلى الإعراب عن تحفظهم عندما أُعلن اتفاق الهدنة في البداية، حيث نقل عن أحدهم قولــه ''وماذا عن الشهداء·· هل ماتوا للاشيء؟''· وبالطبع كانت هناك أخطار أخرى تنتظر القوات العراقية في حال اشتباكها مع الميليشيات داخل مدينة الصدر ليس أقلها القذائف الخارقة للدروع، لا سيما بعدما دمرت دبابة أميركية بسلاح متطور مضاد للدروع· وفيما استمرت خطة اقتحام مدينة الصدر أورد المسؤولون العسكريون في الجيش الأميركي تقارير حول هروب قادة جيش المهدي الذين تدعمهم إيران خارج المدينة، وربما خارج العراق،وبظهور بوادر اتفاق سياسي بدأ الجيش العراقي يطور خطة جديدة تقوم على دخول القوات العراقية إلى مدينة الصدر دون تعرضها لإطلاق النار وترحيب السكان بقدومهم، وبدلا من الدخول في اشتباكات سيسمح لقوات الجيش بإقامة نقاط للمراقبة والبحث عن الأسلحة، ويبدو أن الجيش العراقي نجح إلى حد الآن في المهمة، كما أن قادة الجيش تعاملوا مع النصائح الأميركية بمرونة كبيرة، إذ يقبلونها تارة ويرفضونها تارة أخرى· مايكل جوردن وأليسا روبين-بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©