الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

5 تجارب من التشكيل الباكستاني في دبي

5 تجارب من التشكيل الباكستاني في دبي
22 مايو 2008 02:43
نطقة تكاد تكون مجهولة بالنسبة إلى المشاهد والمهتم في العالم العربي، فقليلة أو نادرة هي المعارض التي تقدم تجارب من هذه الحركة التشكيلية، الحركة التي شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تغييرات كبيرة قامت على دمج الأصالة بالحداثة في ابتكارات حديثة حققت خلالها قفزة دولية، حيث وُجدت روح جديدة في الفن الباكستاني القائم على الربط بين الثقافات واكتشاف الذات· لذلك فإن من يطلع على بعض هذه التجارب يدرك أنها تمتلك طابعها وهويتها وخصوصيتها، لكن صالات العرض العربية نادراً ما تقدم على عرضها· يمثل الفن التشكيلي الباكستاني مصالة آرت أتاك جاليري في دبي أقدمت على ذلك وقدمت تجارب خمسة من أبرز الفنانين المعروفين في باكستان من جيل ينتمي إلى السبعينات والثمانينات· الفنانون هم: عبدالقدوس عارف، وطارق جاويد، وهاجره منصور، ومنصور راحي، ومشكور رضا· في جولة لنا على أجنحة المعرض، نتعرف على خمسة فنانين وخمسة أساليب من حيث الموضوعات والمعالجات الفنية ووسائل التلوين في تنوع يعكسه عنوان المعرض وهو ''أمزجة فنية''· العمارة الإسلامية أمام أعمال عبدالقدوس عارف نقف على لوحات تمثل العمارة الإسلامية بكل تفاصيلها وجمالياتها، إضافة إلى جماليات الخط العربي الذي يستخدم بقدر من الاقتصاد· فهذا الفنان ابن كراتشي يركز على ثيمة واحدة في عمله، هي مفردات العمارة، سواء على مستوى الكتلة الكلية التي تتكون منها اللوحة، وهي كتلة عمرانية من مجموعة بيوت أو مساجد، أو على مستوى التفاصيل التي تنطوي عليها هذه الكتلة من قباب ومآذن وأبواب تتخذ شكل القوس· يرسم عارف عمارته هذه بألوان باردة، فيغلب على لوحاته اللون الترابي بدرجات مختلفة، واللون الأخضر الباهت، ما يعطي لوحته طابع القدم ومرور الزمن، وكأنما تجسد عمارة موغلة في التاريخ، ولا تمت إلى الحاضر بأي صلة· فهي إسلامية تنتمي إلى عصور غابرة· ويقدم الفنان أعماله في تكوينات مختلفة من حيث حجم الكتلة الكلية، ومن حيث أسلوب تكوينها الطولي حيناً، والعرضي حيناً، والأقرب إلى الدائري حيناً ثالثاً· كما يلجأ إلى استخدام الحروف العربية والكتابة العربية بشكل مباشر مرة كما في استخدام البسملة ''بسم الله الرحمن الرحيم'' في لوحة، ومرة باستخدام الكتابة بطريقة النمنمة والزخرفة· مفردات يوظفها الفنان على نحو يجعل منها بصمة خاصة في لوحته، رغم اتكائها على تاريخ من فن العمارة الإسلامية، والفنين العربي والإسلامي اللذي استلهم منهما هذه العمارة· وفي أعمال الفنانة هاجرة منصور نقف على عالم الأنثى بأبعاده الأسطورية والرومانسية، فالمرأة هنا تأخذ شكل الحلم وصورته، حيث تخرج على الواقع بتكويناتها وألوانها الحلمية، فثمة ملامح أنثوية غير واقعية، سواء من حيث تشريح الملامح أو من حيث الإطار العام للجسد الأنثوي· العينان ساهمتان، القدمان المزينتان بالعقود والأساور مربوطتان إلى يد مزينة بالشيء نفسه وتحمل طائراً يتنقل بين اللوحات· هذه المكونات الحلمية والرومانسية البعيدة عن الواقعية إلى حد ما، لا تمنع حضور عناصر الواقع من خلال الملابس الباكستانية المطرزة أو المزركشة التي تختزل جانباً من الفولكلور، وأحياناً استخدام بعض الزخارف النباتية· وفي بعض الأعمال ترتدي المرأة الثوب الأبيض وتجلس بين عالم من الوردي والأخضر· ملامح أفريقية المرأة في لوحة منصور راحي تختلف تماماً، فهنا ثمة وجه العروس ذو الملامح الأفريقية بما تنطوي عليه من حدة وقسوة، وهو مرسوم مرة بالألوان الحارة، ومرة بالفحم والأسود والأبيض، ويركز الفنان في عمله على بناء الوجه والصدر والزينة التي تحيط بالعنق، وهو يكرر الوجه نفسه بتفاصيل وملامح جديدة كل مرة، أو بأحاسيس ومشاعر جديدة تثيرها كل لوحة لتختلف عن سواها في هذا الجانب· وفي جانب آخر من عمل راحي ثمة جسد أنثوي يحاول الفنان جعله يبدو عملاقاً في حالة حركة إلى أمام، مركزاً على تشريح ملامحه بشكل يقوم على التضخيم· نساء وخيول ويجمع مشكور رضا بين عالم الخيول وحضور الأنثى، حيث مجموعة من الخيول المتنافرة والمتصارعة فيما بينها في البداية، ثم الفتاة التي تعمل على ترويض هذه الخيول، هي فتاة لعبة البولو بردائها الأبيض والقمر البرتقالي فوق رأسها، وهذه اللعبة باكستانية بامتياز· هنا يجري رسم العلاقة الحميمة بين الفتاة والحصان على مستوى اللون ومستوى التكوينات البسيطة والواقعية ذات القدرات التعبيرية الهائلة، هناك تعبيرية تتعلق بملامح الفتاة البريئة، وتعبيرية ملامح حصان يخضع لهذه البراءة ويتفاعل معها· براءة الأنثى وبراءة الحيوان، تتداخلان هنا ضمن إيقاع لوني يتبادل فيه الأحمر والأبيض التأثير في خلق موسيقا لونية بأنغام تتصاعد من مركز اللوحة إلى أطرافها· وأخيراً نقف على تجربة طارق جاويد بوجوهه الحزينة وطائره الأبيض وألوانه القاتمة في الغالب، فالفنان هنا يتناول الموروث والزي الباكستاني في صور مختلفة، فمن خلال أعماله نطل على عالم ذي خصوصية محلية، سواء على صعيد تناول الزي المحلي المتوارث عبر الأجيال، بما فيه غطاء الرأس الواسع الذي يمتد ليغطي الظهر، أو من حيث تناول ملامح الوجه الباكستاني بسماته المألوفة· ذلك كله بألوان كثيفة ويمتزج فيها الأبيض والأحمر والأخضر مزجاً يتشكل في كتل صغيرة تتجمع لتشكل الكتلة الكلية للموضوع، وهو موضوع المرأة في حالات وأشكال عدة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©