الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عيّن خير- (كل أربعاء)

عيّن خير- (كل أربعاء)
20 ابريل 2010 21:05
الدمية الجميلة المشكلة عزيزي الدكتور أنا خريجة جامعية، تخرجت قبل خمس سنوات، ولم أعمل حيث تزوجت وبقيت بالمنزل لرغبة زوجي، حيث إن حالته المادية جيدة، وتفرغت له وللمنزل ولرعاية أطفالي الثلاثة، بعد ذلك بدأ ينتقص من شأني لأنني لست موظفة مثل زوجات زملائه وإخوته، وأخذ يعاملني كأداة أو كقطعة من الأثاث أو دمية جميلة يمتلكها ويريد وحده التحكم فيها والاستمتاع بها بغض النظر عن رغبتي الشخصية، ويتحكم في كل تصرفاتي وعلاقاتي مع أسرتي وجيراني وأقاربي، وتسبب في قطع جميع اتصالاتي مع صديقاتي وأقاربي وأقاربه أيضاً منذ مدة، بل ويعتبر أن من حقه التحكم في أموري الشخصية مثل نوع الأكل، ووقت الأكل، ومشاهدة برامج التلفزيون، ووقت النوم والاستيقاظ، وما إلى ذلك من أشياء دقيقة جداً، مما يسبب لي الضيق والانزعاج الشديد، ثم يراني دائماً مقصرة وفاشلة، ولا أصلح لأي شيء، ولا أجيد حتى التفكير وحسن التصرف؟ أفقدني ثقتي بنفسي، وشعرت أنني لا بد وأن أستعيد هذه الثقة، وأن أثبت له أنني قادرة على إثبات ذاتي، ومن ثم بدأت البحث عن وظيفة بشروط تعجيزية منه، ووفقت أخيراً في إيجاد وظيفة محترمة ولله الحمد وبراتب معقول جداً أساهم بجزء كبير منه أو كله في مصاريف البيت، لكنه سرعان ما اعتبر عملي ونجاحي فيه إنقاصاً في حق رعايته ومسؤولية المنزل والأبناء، وبدأ يشعرني دائماً بالذنب والتقصير أمام أي مشكلة يومية بسيطة. إنني أعيش جوّاً من الضغط النفسي مما يجعلني أفكر إما بالطلاق أو أن أستقيل من وظيفتي، لكن الاستقالة تعني أن أعود إلى السجن مرة أخرى، فوظيفتي هي مجال الخروج الوحيد لي بعد حرماني من جميع وسائل الترفيه الممكنة أو علاقاتي الاجتماعية التي افتقدتها. إنني حائرة في التصرف السليم معه، وكيف يمكن أن أحدد معالم خطواتي القادمة معه؟ سيرين س.س. النصيحة أظن أن زوجك نوع شائع من الرجال الذين ما زالوا ينتمون إلى عصر الجواري، وثقافة التسلط، ويرى أن بإمكانه تحريك دميته الجميلة «بالريموت كنترول»، وما من شك أنك أسهمت في تكريس هذه النظرة منذ اليوم الأول لزواجكما، وقد تكوني ظننت أن أسلوب الخنوع والاستسلام يضمن لك حياة مستقرة، حتى أنك استسلمتي راضية بتقطيع علاقاتك وصلاتك الاجتماعية مع أقاربك وجيرانك وأهلك وأهله، وبعد فوات الأوان ضقتي ذرعاً بكبت حريتك بعد أن استشعرتي فقدان ثقتك بنفسك. أنا لا أحرضك هنا بالطبع، لكنك أهملت أبسط حقوقك التي تريدين أن تستعيديها الآن بعد أن أصبحت مجرد قطعة أثاث أو دمية جميلة في نظر زوجك - كما تقولين - لكن من الأهمية أن أذكرك بحقوقك الزوجية والإنسانية، وإذا كان عملك وضعك على بداية الطريق وإن كان متأخراً، فإنني لست معك في ترك العمل بعد أن استشعرتي بكيانك الاجتماعي من خلاله، وأعاد إليك جزءاً من الاعتبار والثقة. أما إذا أردت الإصلاح، علينا أن نذكرك بالآية القرآنية الكريمة: «وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً»؛ لذلك يجب أن تستجمعي وسعك في إصلاح زوجك، وقد يكون بطريقة لفت نظره إلى أخطائه في التعامل معك، أو إطلاعه على بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تحض على حسن التعامل مع الزوجة، وقد يكون هذا الإصلاح بالمال الذي تعطيه إياه من راتبك، فبما أنك تساهمين في مصاريف البيت فلا بد أن يكون لك كرامة وكلمة مسموعة ورأي. لا تضعي نفسك في ندية معه، لكن حاولي بالرفق تارة وبالحزم تارة أخرى، فالرجال ليسوا إلا أطفالاً كبار، وحاولي أن تستعيدي علاقتك بالناس بداية من أهلك وأهله، وأسعِ دوماً للحوار معه بدلال وخفة وأشعريه دوماً أنك لن تحسني التصرف بأمر ما إلا به ومعه، وحاولي أيضاً أن تخففي من حدة تحكماته من خلال لعبة تبادل الأدوار معه بشكل افتراضي كأن تقولي له ماذا لو حاصرتك بحرصي وأكثرت عليك من التنبيهات والتحذيرات وقطعت علاقتك بهذا وذاك.. ما شعورك؟؟ أظن أن زوجك يفهم مفهوم القوامة بمعنى خاطئ، وحاولي أن تشعريه بأن التحكمات غير المبررة والتعليمات الناهية الآمرة تخلق فجوة كبيرة بين الزوجين وتوجد بينهما الجفاء وتتحول العلاقة بين الزوجين لعلاقة حاكم وخادم ولا بد أن يتمرد ذلك الخادم يوماً ويحيل الحياة بينهما جحيماً ونكداً دائماً. وبالطبع لا أنصحك بالتفكير بالطلاق قبل محاولة الإصلاح بينك وبينه، فإذا لم ينفع فاصعدي إلى المستوى العائلي، باستجلاب من يكون طرفاً لصالحك، سواء من أهلك أو من أهله أو من الاثنين معاً، ولعل الله أن يصلح بينكما فهو على كل شيء قدير. المشكلة عزيزي الدكتور أنا أم في منتصف العقد الثالث من العمر، أنهيت دراستي الجامعية واشتغلت بالتعليم لمدة ست سنوات ثم تزوجت وأنجبت بنتاً. أما زوجي، فلا أقل عنه إنه قوي الشخصية، إنه شخص عادي، لكنه لا يحب الاختلاط بالناس ولا يخرج إلا نادراً، لكنه يتهمني كثيراً أني لا أحسن التصرف، وأنني أخاف من الناس ونظرة الآخرين، بينما هو لا يهتم بهم. لكنه يحبني ويهتم بي. كانت عندي موهبة الكتابة وكان أملي منذ صغري أن أصبح كاتبة مشهورة. لكن مشاكلي النفسية جففت قلمي وشعرت مؤخراً أنني فقدت الموهبة تماماً كأم جف حليبها، وأتمنى أن تعود موهبتي، لا أريد أن أصبح كاتبة مشهورة وإنما فقط لكي أثبت مقدرتي وأرضي نفسي وأشعر بالاكتفاء العاطفي وبالرضا وبالثقة، وأنني أنجزت شيئاً في هذه الدنيا. منذ طفولتي وأنا أعاني من الخجل، كنت أشعر بنقص الحنان من قبل الجميع، وكنت أشعر أن كل الأولاد من مثل عمري أفضل مني، كنت أتعلق عاطفياً بكل رفيقة عرفتها فتهجرني بحكم الحياة فأجعل منها مأساة، فأنا بطبعي أحب المأساة. واليوم لا يزال الخجل يعكر علي صفو حياتي التي هي من أفضل أنواع الحياة، الحمد لله لا شيء ينقصني: زوج رائع وابنة صغيرة لا أطيب منها ولا أجمل، لكنني أشعر بالاكتئاب من جراء ما أفكر، وأشعر بالتقصير في كل شيء وأن الموت سيحين وأنا لم أقدم شيئاً لديني ولا تركت أثراً في هذه الدنيا.أشعر أني زائدة على هذه الحياة، وأن ذنوبي التي اقترفتها قبل الزواج لن تغفر ولا بد أن يأتي يوم أعاقب بمثلها. أخاف من الناس، من الفشل، من نفسي، الخوف عنوان شخصيتي... وأنا أكرهها كرهي للموت. أنا أكره نفسي. قرأت كتباً كثيرة عن الشخصية والتعامل مع الآخرين وتقدير الذات وما إليه وتوصلت إلى أن كل ذلك لن ينفع وأني بحاجة إلى مرشد نفسي، فقط ليرشدني إن كنت أفكر بطريقة صحيحة أم لا أو إن كان تصرفي في موقف ما في يوم ما صحيحاً أم لا.. وكم أخاف إن لم يكن صحيحاً! لا أعرف من أنا؟ أعرف بعض صفاتي، لكنني لا أعرف كيف أتصرف؟ «تائة» النصيحة سيدتي: أستشعر من الوهلة الأولى أنك تبالغين في جلد ذاتك، رغم صدق أحاسيسك، وتحاولين أن تقللي من شأن نفسك، في الوقت الذي تصارعين فيه بين طموحاتك السابقة وإنجازاتك ودورك في الحياة. بداية.. أدعوك - قبل كل شيء - إلى احترام ذاتك، وأدوارك البسيطة وعدم احتقارها، فأنت على الأقل تخرجت من الجامعة، وتزوجت زوجاً رائعاً، وأنجبت طفلة رائعة أيضاً، وتؤدين دورك الأول في الحياة كأم جديرة بالاحترام. قد يكون لديك رغبة ملحة في اكتشاف ذاتك ونفسك وتحديد شخصيتك وتطويرها، فبالطبع أنت لن تستيقظي يوماً من النوم فجأة فتكتشفين شخصيتك، وتعرفين هل أنت حكيمة أم متهورة أو مرحة أو غير ذلك، لكن أنت لك تجارب سابقة في الحياة، ثم تجارب أخرى لاحقة، ومع كل تجربة تكتشفين جانباً جديداً في شخصيتك، وبالتدريج تلاحظين نقاط ضعف حقيقية إلى جانب نقاط قوة أو غير ذلك، المهم أنك طوال رحلة الاكتشاف والتطوير تحققين ثلاثة عوامل مهمة هي القدرة على رصد المميزات، والشعور بقيمتها وتغريزها، وتأكيدها، واستثمارها. ثم القدرة على رصد نقاط الضعف. ثم تقبل بعضها تماماً، وعمل برنامج متدرج لإصلاح البعض الآخر بهدوء ودون جلد للذات. وأخيراً القدرة على الحب لنفسك والتعاطف معها، وتقبلها على أي حال، واليقين أن الكمال لله وحده، وأن الاختلاف بين البشر في الطباع أمر بشري ومقبول، وأنك لست مضطرة أن تكون إلا نفسك، بكل جوانبها، بكل أوجه قوتها وضعفها أيضاً. لا أخفي عليك أنك قد تحتاجين مساعدة مُرشد نفسي متخصص- ولو بين الحين والآخر- ليساعدك في تطبيق هذه الشروط الثلاثة عملياً، وليتابع معك برنامجاً علاجياً سلوكياً مناسباً، وكلما تقدمت شجعي نفسك، وكلما انتكست لا تفقدي تفاؤلك وصبرك وإرادتك أبداً، لأن اليأس من الشيطان، مع أطيب التمنيات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©