الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سِقْط اللِّوَى··· الفضائيات والعربية

سِقْط اللِّوَى··· الفضائيات والعربية
22 مايو 2008 02:47
الإعلام في الثقافة السياسيّة المعاصرة الهادفة والذكيّة معاً، إنّما يسعَى إلى تحقيق جملة من الأهداف الوطنيّة والعقَدِيّة والتاريخيّة والحضاريّة، بالإضافة إلى الغاية السياسيّة التي تعني تقديم وجهة نظر معيّنة تتلاءم مع سياسة البلد الذي يمتلك ذلك المنبر الإعلاميّ المعيّن· وهذه من البدَهِيَّاتِ التي يتّفق عليها النّاس جميعاً ولا يختلفون من حولها فتيلاً· وفي مقدّمة الأهداف المسطَّرة لكلّ فضائيّة منتمية إلى بلد معيّن هو البثُّ بلغته العربيّة السليمة النقيّة من عُجْمَة اللّغات الأجنبيّة ورَطانتها· ولقد أفضى التطوّر التكنولوجيّ المدهش، في الربع القرن الأخير، إلى إنشاء مجموعة ضخمة من الفضائيّات الإعلاميّة في العالم، منها الفضائيّات العربيّة التي تعَدُّ بالعشرات··· وكانت الفضائيّات العربيّة الأولى تبُثّ برامجها، وتقدّم إشهاريّاتها باللّغة العربيّة الفصحى، وكان العرب جميعاً يتابعونها ويفهمونها ويتعلّقون بها دون صعوبة تُذكَر، حتّى جاء العهد الأخير فظهرت فضائيّات لا تحترم اللّغة العربيّة، ولا تبثّ بها برامجَها، ولا تكتب بها إعلاناتها، باللغة الفصيحة الصحيحة التي تحترم قواعد النحو والإملاء، فأصبحت هذه الفضائيّات، بكلّ حزن، عاملَ تهديمٍ للّغة العربيّة وإفساد الذوق العربيّ العامّ· وإنّا لا ندري لماذا تبثّ مثل هذه الفضائيّات برامجها، وهي في بعضها منحطّة جدّاً، باللهجات المحلّيّة؟ فهل لأنّها تعتقد أنّها تكون مفهومة لدى المتلقّين العرب أكثرَ، إن هي فعلتْ ذلك؟ وإذن، فلمَ لا تستعمل اللّغة العربيّة الفصيحة البسيطة التي يفهمها كلّ العرب في المشرق والمغرب، وتستريح؟ أو أنّها تسعى إلى اكتساب أكبر عددٍ ممكن من المتلقّين المحلّيّين، ولكنْ ألاَ ترى هذه الفضائيّاتُ أنّ عدد المتلقّين المحلّيّين مهما يعظم فلن يغطِّيَ عدد المتلقّين الذي يكون أكثَرَ وأكبرَ على المستوى العربيّ؟ أو أنّ أصحابها لا يعرفون العربيّة فيسعَوْن، بكلّ بساطة، إلى تكريس الجهل بها وتوسعتِه حتّى لا يفهمَ عربيٌّ عربيّاً آخرَ، فيفقد العربُ آخرَ ما يربط بينهم في العصر الحاضر، وهو اللّغة؟ وعلى أنّا نميّز بين الآداب الشعبيّة التي تبثّ بها بعض القنوات العربيّة برامجَ معيّنة مثل مسابقة ''شاعر المليون'' الذي تبثّه فضائيّة أبوظبي، فهذا غير ما نريد، لأنّ لغة الشعر النبطيّ هي لغة تراثيّة راقية، وهي أقرب إلى الفصحى في نقاوتها وأصالتها منها إلى العاميّة، ولأنّ هذا البرنامج الكبير يُحْيي جانباً مهمّاً من الثقافة العربيّة الأصيلة التي توشِك أن تندثرَ··· في حين أنّ لغة تلك الفضائيّات هي لغة محلّيّة سقيمة، ولا تحمل فكراً، ولا تُحْيِي تاريخاً غابراً، ولكنّها تكرّس سطحيّة الثقافة، وتبشّر بضحالة الفكر··· أم أليس من حقّ أيّ عربيّ، تاريخيّاً وإديولوجيّاً، أن يطالب مثل هذه الفضائيّات بأن تنقِّيَ من لغتها، وتهذِّبَ من أسلوبها، إذا أرادت أن تبرهن، حقّاً وفعلاً، على انتمائها إلى الأمّة العربيّة، وأنّها تسعى حقّاً إلى خدمة لغتها وثقافتها وحضارتها؟ يبقَى أنّنا نعتذر للقارئ عن تسميَة هذه الفضائيّات، فهو يعرفها، كما تعرف هي نفسَها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©