الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخوف هو البطل·· والحكاية

الخوف هو البطل·· والحكاية
22 مايو 2008 02:50
الفيلم يبتعد عن الحكاية التي تتشابك فيها خيوط الدراما ويقدم عدة خيوط متوازية لا يجمعها سوى الخوف الذي اصبح سمة اساسية في الانسان المعاصر حيث يزداد احساسه بالعزلة في عالم مليء بالقصص والاحداث المفزعة· تدور الاحداث بشكل اساسي من خلال برنامج اذاعي بعنوان ''اسرار الليل'' تقدمه ''ليلى'' هند صبري التي تستمع الى اعترافات ومخاوف الآخرين دون ان تعرفهم وتجلس في ستديو محاط بزجاج عازل للصوت يشبه احواض السمك الكل يبوح ولا أحد يعرف حقيقته· و''ليلى'' نفسها تعيش حالة من الخوف ان يقترب منها احد وتبدو في حالة يتقبلها المجتمع فهي تتفاعل وتتعاطف لكنها نادرا ما تشارك· ويتعلق بالبرنامج ''د· يوسف'' عمرو واكد طبيب التخدير الذي يعاني الوحدة والعزلة واختار ان يعيش داخل سيارته التي يحتفظ فيها بكل ما يريد من ملابس ورغم انه يمتلك شقة لكنه يفضل ان ينام في الشارع وسط الناس ويغلق زجاج سيارته وكأنه هو الاخر في حوض زجاجي· وفي حوض زجاجي اخر نتعرف على ''زكي'' باسم السمرة مهندس الصوت الذي يعمل مع ''ليلى'' هند صبري ويحبها لكنه يخفي مشاعره عنها فهو يعرف طبيعتها وبعض التفاصيل عن حياتها حيث ترتبط بعلاقة خاصة مع احد اصحاب النفوذ الذي يساعدها في التغلب على بعض مضايقات العمل· ورغم التقارب الوجداني بين ''ليلى'' و''زكي'' فإن ''ليلى'' التي تجاوزت الثلاثين بعامين ترفض فكرة الزواج وتتخيل نفسها بطلة قصة ''الاميرة والعصفور'' حيث احبت الاميرة عصفورا اكتشفت انه أمير مسحور وطلب منها ان تعلن على الملأ حبها له حتى يعود لصورته الطبيعية ''اميرا'' لكن خوفها من سخرية امها والمجتمع يجعلها تتردد طويلا وبعد زمن تقرر اعلان حبها للعصفور لكنها تكتشف ان الوقت تأخر جدا والامير عاد الى صورته وتزوج اخرى· اما ''د·يوسف'' عمرو واكد فهو يمارس حياته بإزدواجية مثل الجميع يحتفظ بوظيفة طبيب تخدير في أحد المستشفيات الكبرى ويؤدي دور الابن البار بوالده المريض جميل راتب ويتعاطى المورفين حتى يقبل والده تعاطيه ويتناول الدجاج المسلوق امامه كنوع من المشاركة ويحضر له الورد البلدي من حديقة منزله· وعلى الجانب الاخر نجد الطبيب الذي يبدو وقورا في مظهره يرفض الارتباط ويكتفي بعلاقة عابرة مع امرأة مطلقة ويذهب في الخفاء الى عيادة زميل تخصص في اجراء عمليات الاجهاض و الترقيع للساقطات ليستمتع بسماع اعترافات البنات اثناء تخديرهن وفي هذه العيادة نرى نموذجا آخر للانسان الخائف هو الممرض الذي يشعر بالخوف من الاخرة ومن عقاب الله كما يخاف من نظرة المجتمع له لو عرف حقيقته فأهل الحي الذي يسكنه يطلقون عليه الحاج ولا يعرفون شيئا عن عمله وهو يستغفر الله ويصلي بالمسجد ورغم ذلك يشعر انه يمارس عمل غير شريف ولا يقدر على التخلي عن ذلك العمل بسبب غلاء الحياة· اما الشاعر الشاب ''تامر'' احمد الفيشاوي فهو يعرف انه مريض بالسرطان وان ايامه في الحياة معدودة ورغم ذلك يهرب من مخاوفه من خلال رعايته لمريض آخر (جميل راتب) والد الطبيب الذي يشعر تجاهه بالارتياح اكثر من ابنه· ويواصل الفيلم استعراضه لاشكال الخوف الانساني من خلال تميم عبده طبيب الانف والاذن صديق ''د· يوسف'' والذي ادمن تفريغ شحناته العاطفية في مكالمات تليفونية عشوائية يختار فيها امرأة لا يعرفها ويجد في صوتها ما يثيره ورغم انه متزوج فإنه يشعر بانه لا يستطيع التواصل مع زوجته بالطريقة التي ترضيه ويخاف ان تعرف عنه ذلك· ويقترح ''زكي'' باسم السمرة على ''ليلى'' هند صبري ان تفكر في الاقامة بمفردها في شقة مستقلة فهو يعرف بعض التفاصيل عن حياتها وتستنكر ''ليلى'' الفكرة وتدعي انها سعيدة بالحياة مع امها وشقيقها رغم اننا نرى عدم التواصل بينهم· وفي الخفاء تذهب ''ليلى'' لمعاينة الشقة وهناك ترى ترددها بين ما تريد وما تخاف من نظرة المجتمع· ونتعرف على ''مارجريت'' سماح انور السيدة المسيحية التي تمتلك عقارا معظم سكانه من المثقفين وتدعي انها تشعر بالأمان بينهم وترفض فكرة الهجرة كما فعل والدها ولكننا نرى الخوف في صوتها ونظراتها وهي تتحدث عن تنامي التيار الإسلامي المتشدد وتنكر هذا الخوف· ويلتقي ''د· يوسف'' و''ليلى'' في العيادة حيث ذهبت مع جارتها الطالبة لتجري عملية اجهاض بعد ان غرر بها زميل لها، ويتعرف كل منهما على الاخر من الصوت وبسرعة يفترقان وكل يحمل مخاوفه وفي مشهد خيالي رمزي نجد ''د·يوسف'' و''ليلى'' في الطريق الصحراوي وقد احاط بهما عشرات الآلاف من الدجاج الذي طلقه احد اصحاب مزارع الدواجن خوفا من الأمن· الصدمة والمواجهة إعتمد المخرج يسري نصر الله اسلوب الصدمة والمواجهة في تقديم فكرته واختار لقطات مباشرة تتحدث فيها الشخصيات عن نفسها ومخاوفها حتى لو كانت تنكر هذا الخوف واختار بعناية اماكن التصوير في ''جنينة الاسماك'' وداخل ستديو الاذاعة· وقدم السيناريست ناصر عبدالرحمن تنويعات نابضة لحالات الخوف من خلال شخصيات الفيلم وعكست كاميرا سمير بهران حالة العزلة التي يعيشها الابطال وسط مخاوفهم ولعبت موسيقى تامر كروان دورها في العزف علي مشاعر الاضطراب·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©