الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حداد وعبد الجابر وسماوي يفتحون الدهشة إلى أقصاها

حداد وعبد الجابر وسماوي يفتحون الدهشة إلى أقصاها
27 مايو 2016 23:20
محمد عريقات (عمّان) قليلة هي الأمسيات الشعرية التي يذهب إليها المرء مأخوذاً بالدهشة مسبقاً.. الأمسيات التي نذهب إليها فلا نغادرها ولا تغادرنا حيث تبقينا في حالة من التوهج الذي يضيء عتمة الأسرار وتجعلنا قادرين على معاينة الجمال وبلوغ أقاصيه. من هذه الأمسيات الأمسية التي احتضنتها حجارة مسرح الأوديون الرومانية في العاصمة الأردنية عمّان ضمن مهرجان خان الفنون في دورته الثانية حيث ألقى كل من قاسم حداد من البحرين، سمر عبد الجابر من فلسطين، وجريس سماوي من الأردن رافقهم الموسيقي الأردني نور أبو حلتم على آلة الناي. ابتدأت الأمسية بقراءات لسمر عبد الجابر التي امتازت قصائدها (حيفا، الأزرق، وحدة، سيناريو مكرر، المرثية الأخيرة) بالنبرة الخافتة الحزينة المتخففة من ثقل البلاغة : «يقول لي جدّي دائماً/‏‏ أنّ حيفا هي أجمل مدينة في العالم/‏‏ أنا لم أرَ حيفا/‏‏ وجدّي لم يزر كل مدن العالم/‏‏ لكنّي، رغم هذا، أصدّقه كثيراً». ونقرأ أيضاً: «أحياناً في اللّيل/‏‏ نسمع طرقةً خفيفةً/‏‏ على خشب طاولةٍ/‏‏ أو مكتبةٍ/‏‏ أو سرير/‏‏ أحياناً/‏‏ لمبة الغرفة تبدو أكثر شحوباً/‏‏ والحيطان باهتة البياض». تلا ذلك قراءة للشاعر جريس سماوي حيث خص سوريا وياسمينها بقراءته: «من على رأس (قاسيون)/‏‏ أطل على نقط الضوء/‏‏ المدينة في سفحه امرأة/‏‏ تتزين بالضوء/‏‏ كم من بيوتاتها تشعل عبر النوافذ أحلامها/‏‏ كم تطل البنات على غبش الليل منها/‏‏ وتنتظر العابرين/‏‏ عابرون على الشام مروا/‏‏ وهي الأميرة/‏‏ كل رمى عند أقدامها سيفه وهداياه/‏‏ كل رآها على عرشها/‏‏ لم تبارحه منذ تفتقت الأرض عن بردى/‏‏ بردى مذ جرى وأفاض على الزرع/‏‏ والياسمين يوزع أنسامه في فضاء من الشرفات/‏‏ شرفات من الياسمين يهيئن للعاشقات/‏‏ الحييات تشكيلة الشعر/‏‏ والياسمين نساء تفوح أنوثتهن على الماء/‏‏ يا بردى، عد قليلاً إلى الجريان، قليلاً/‏‏ كي تمر العذارى/‏‏ العذارى بناتك يا نهر». وكان ختام الأمسية مع الشاعر قاسم حداد حيث جاءت قراءته شفيفة وجدانية تحاكي الحب والحزن والحنين الذي يحز الروح بشفرته كلما بكى الناي: «سحقاً للقصب الذي صار ناياً/‏‏ لا تصغ للناي طويلاً/‏‏ سوف يجرحك وينال منك/‏‏ وكلما كان حزنك عميقاً/‏‏ طاب للناي أن يتوغل بشفرته نحو الشغاف/‏‏ شيء من حرير الشرايين يفري غزالة الدم/‏‏ شيء من ليل الأعماق/‏‏ من بهجة الجمر وهي تتصاعد في ريش الجناح الهائم البعيد/‏‏ الغائم الوحيد/‏‏ خفيف خفيف شفيف/‏‏ يمتد بين الصوت والصدى/‏‏ يسوق كوكبة الغزلان تطفر من شهقة القلب/‏‏ وزهرة الغرائز شيء يطالك/‏‏ وأنت في غيبوبة القصب/‏‏ شيء من العجب».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©