السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«أسباير» تستغل اللاعبين الأفارقة الصغار بعلم الأسرة الحاكمة بالدوحة

26 مارس 2018 02:09
دينا محمود (لندن) ألقت صحيفة «وينيبيج فري بريس» الكندية الضوء على جانبٍ مسكوتٍ عنه من جوانب الاستغلال المشين من جانب النظام القطري للرياضة بشكل عام ولكرة القدم على نحوٍ خاص؛ وذلك عبر استعراضها لكتابٍ جديدٍ يتناول السجل الأسود لأكاديمية «أسباير» التي يزعم حكام الدوحة أنها من بين أحدث المرافق الرياضية على مستوى العالم، دون الإفصاح عما يجري بين جنباتها من ممارسات استغلال للمواهب الكروية الفتية القادمة من دولٍ فقيرة في أفريقيا. وفي مقالٍ للكاتب جيلبرت جريجوري حمل عنوان «المدافع الشابة»، أكدت الصحيفة أن إقامة الدويلة المعزولة لمعسكرات كروية تُدّرب فيها مراهقين أفارقة موهوبين في كرة القدم يثير الكثير من «الشكوك والتساؤلات». وأبدى جريجوري استغرابه من إقدام «دولة غنية بالنفط مثل قطر، على تجنيد 24 من أفضل لاعبي كرة القدم في أفريقيا في سن الثالثة عشرة، وإلحاقهم بأكاديمية للنخبة لتنمية مهاراتهم». ولكن الرجل يقدم بعض التفسيرات التي تبرز الأغراض الحقيقية للدويلة المعزولة من وراء خطواتٍ مثل هذه، قائلاً إن وجود هؤلاء اللاعبين الصغار في أكاديمية «أسباير» يساعد على تحسين مستوى موهبة اللاعبين القطريين الملتحقين بدورهم بالأكاديمية نفسها، وهو ما يردفه بتساؤلٍ مفاده: «هل يشكل ذلك استغلالاً للفتية الأفارقة، أم مساعدةً لهم، أم ربما هو جانبٌ كبيرٌ من كلا الأمرين؟» وذلك في إشارة واضحة إلى المحاولات القطرية لامتصاص دماء شبان أفارقة موهوبين وإغوائهم بالأموال لتحسين المستوى الكروي المتردي في أراضيها. ويشير الكاتب إلى أن مثل هذا التساؤل هو ذاك الذي سيتردد في أذهان من سيطالعون كتاباً جديداً يحمل عنوان «اللعب بعيداً: البحث الملحمي عن النجوم المقبلين لكرة القدم»، والذي ألفه الكاتب الأميركي سباستيان آبوت، حول الأكاديمية القطرية الرياضية المشبوهة وما يجري بداخلها من ممارساتٍ تتنافى مع قيم الرياضة وأخلاقياتها. ولرسم ملامح هذه الممارسات المشينة، يركز مؤلف الكتاب على أربع شخصيات رئيسة تتمثل في جوسيب كولومر الخبير في اكتشاف المواهب الكروية الشابة، بجانب ثلاثة من اللاعبين الأفارقة الصغار الذين أغواهم بريق المال القطري، وهم الغاني برنار أبياه والسنغاليان دياواندو دياجني وإبراهيما درامي. ويستعرض آبوت في كتابه أسباب استعانة القطريين الراغبين في شراء المواهب الكروية بالأموال بخبيرٍ مثل كولومر، مُشيراً إلى أن هذا الرجل كان من بين فريق التدريب الخاص بمنتخب البرازيل خلال مشاركته في بطولة كأس العالم لعام 2002. لكن الأهم من ذلك أن هذا الخبير الكروي عَمِلَ من قبل في أكاديمية المواهب الشابة التابعة لفريق برشلونة الإسباني، حيث ساعد وقتذاك على تنمية مهارات النجم الأرجنتيني الشهير ليونيل ميسي الذي يصفه مقال الصحيفة الكندية بـ«موهبة كل العصور». وفي اتهامٍ واضح للمسؤولين عن الأكاديمية القطرية بتحقيق منافع مالية واقتصادية عبر استغلال الرغبة المحمومة لدى الصبية الأفارقة في التخلص من حياة الفقر والحرمان، يقول آبوت إن خبيراً مثل كولومر يدرك أن «في أفريقيا عدداً كبيراً للغاية من اللاعبين الشبان المتميزين، ممن لم تُستغل مواهبهم بعد، والذين سيقومون بأي شيء تقريباً حتى ينالوا الشهرة والثروة والمجد من خلال اللعب على المستوى الاحترافي في أوروبا». وبحسب مقال «وينيبيج فري بريس»، يفضح كتاب آبوت تورط العائلة الحاكمة في قطر مع مسؤولي «أسباير» في عمليات الاستغلال هذه، قائلاً إن كولومر تعاون مع عضوٍ في هذه الأسرة لإنشاء مشروع حمل اسم «أسباير أحلام كرة القدم»، وعكف كذلك على مدى عقدٍ كامل من الزمن على البحث المكثف في مختلف أنحاء أفريقيا، عن أفضل لاعبي كرة القدم الذين لا يتجاوز عمر كل منهم 13 عاماً ودعوتهم للالتحاق بالأكاديمية الواقعة في العاصمة القطرية الدوحة. ويكشف الكتاب -حسبما يلمح مقال «وينيبيج فري بريس»- النقاب عن القبح الكامن وراء المظهر البراق للمشروع الرياضي القطري الذي يعتمد على استغلال المواهب الكروية الأفريقية صغيرة السن، إذ يطرح هنا تساؤلاً استنكارياً مفاده عما إذا كان «كولومر ورعاته القطريون هم مجرد فاعلي خير ذوي توجهات غيرية يسعون لمنح الشبان الأفارقة فرصةً.. لتحقيق نجاحٍ قد يجلب لهم الشهرة والثروة وينتشل أسرهم من هوة الفقر؟». ويردف هذا التساؤل بسؤالٍ آخر يبدو أكثر منطقية ومعقولية يقول فيه: «أم أنهم (كولومر والمسؤولون القطريون عن أكاديمية أسباير أشبه) بالباعة المتجولين الذين لا يعنون سوى بمصالحهم، والذين يستخدمون هؤلاء اللاعبين -في حالة كولومر- في مسعى لكتابة اسمه في كتب تاريخ اللعبة.. باعتباره الرجل الذي اكتشف «‏ميسي القادم»‏؟». ولا يقتصر الأمر على مجرد امتصاص الأكاديمية القطرية والمسؤولين عنها لرحيق مواهب اللاعبين الأفارقة الصغار، بل يمتد إلى الضلوع في ممارسات احتيالٍ غير مستغربة على دولة سرقت حق تنظيم كأس العالم لعام 2022 من دولٍ مثل الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، عبر تقديم رشاوى لبعض أعضاء اللجنة التنفيذية لكرة القدم لضمان تصويتهم لمصلحة الملف القطري في التصويت الذي جرى أواخر عام 2010. فبحسب الكتاب، تثور شكوك حول ما إذا كان اللاعبون المنضوون تحت لواء هذه الأكاديمية في المرحلة السنية التي يُقال إنهم يندرجون في إطارها أم لا. ويشير مقال الصحيفة الكندية في هذا الشأن إلى أن المؤلف يتجنب فرض حكمٍ على قرائه ولكنه «يوثق تاريخ اللاعبين الأفارقة الذين يقللون عمرهم بعددٍ من السنوات، من أجل جعل اللاعب متوسط الموهبة ابن السبعة عشر عاماً يبدو وكأنه صبيٌ أعجوبة في الثالثة عشر من العمر يتمتع بإمكانيات غير محدودة» وذلك بهدف منح هؤلاء اللاعبين فرصة قد لا ينالونها ما لم يُقْدِموا على محاولة التزوير والتزييف هذه. ولا يكتفي سباستيان آبوت مؤلف الكتاب بمجرد إثارة الشكوك حول مدى التزام المسؤولين عن الأكاديمية القطرية المثيرة للريبة بالقواعد التي يقولون إنهم يضعونها للاعبين المنخرطين في صفوف المتدربين فيها، فهو يقدم -حسبما يقول مقال الصحيفة الكندية- أدلةً «دامغة على أن العديد من اللاعبين الذين جمعهم كولومر -بمن فيهم بارنار ودياواندو وإبراهيما- كانوا أكبر بالعديد من السنوات عن 13 عاماً عندما تم الاتفاق معهم للانضمام إلى الأكاديمية». ويخلص مقال «وينيبيج فري بريس» إلى وصف كتاب آبوت بأنه «نظرةٌ آسرة على أسلوبٍ معيب واستغلالي في أغلب الأحيان، يتم في إطاره اكتشاف المواهب الكروية وتنميتها». ويقول إن هذا الكتاب يكشف عن «التأثير الدائم الذي يخلفه هذا النظام» على اللاعبين أنفسهم. ويشير المقال إلى أن الكتاب يظهر كذلك أن اللاعبين «مستعدون بشكلٍ كامل لإخضاع أنفسهم لنظامٍ يقدم لهم بصيصاً من الأمل في تحقيق الشهرة والمجد والثروة». ويعرب خبراء في الشأن الرياضي عن مخاوفهم من أن يكون الهدف الحقيقي من وراء إلحاق اللاعبين الأفارقة بالأكاديمية القطرية، يتمثل في تجنيسهم في نهاية المطاف وتمكينهم من اللعب بألوان المنتخب القطري، الذي يخلو من أي مواهب كروية حقيقية، وذلك من أجل تمكين الدوحة من تحقيق انتصارات كروية زائفة على الصعيدين الخليجي والدولي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©