السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرب التجارية.. هل أطلق ترامـب «الشرارة الأولى»؟!

26 مارس 2018 02:21
منذ تولي الرئيس دونالد ترامب زمام الأمور في البيت الأبيض، لم يتوقف عن العمل على مواجهة التهديد الذي تسببه السياسة التجارية الصينية لاقتصاد الولايات المتحدة. وقال إن الصين تصرّ على ممارسة اللعبة غير المتكافئة، باعتمادها أسساً وممارسات تجارية غير عادلة تضرّ باقتصاد الولايات المتحدة، وتختطف فرص تشغيل العمال الأميركيين، وتساهم في زيادة العجز الضخم للميزان التجاري الأميركي الذي وصل إلى 375 مليار دولار سنوياً. وقال في خطاب ألقاه أمام رؤساء دول آسيا في المنتدى الاقتصادي الذي تم تنظيمه خلال شهر نوفمبر الماضي: «إن الخلل الراهن في الميزان التجاري غير مقبول. ولن تنظر الولايات المتحدة بعد الآن بعين عمياء لهذه الانتهاكات وأساليب الخداع والعدوان الاقتصادي. لقد ذهبت تلك الأيام إلى غير رجعة». ويوم الخميس الماضي، اتخذ ترامب أول الإجراءات العملية ضد بكين عندما أعلن عن قرار يقضي بفرض رسوم جمركية على واردات صينية إلى الولايات المتحدة تزيد قيمتها عن 60 مليار دولار سنوياً، وأوعز بتقييد قدرة الصين على الاستثمار في الصناعة التكنولوجية الأميركية. ودافع ترامب عن الإجراءات الجديدة بدعوى أنها تندرج ضمن إطار سعي الولايات المتحدة إلى استعادة القدرة على المبادرة في قضايا تتعلق بالدبلوماسية والتجارة العالمية. واكتشفت إدارته من خلال تحقيق أجرته في شهر أغسطس، سلسلة من الممارسات «غير العادلة» من جانب الصين، ومنها بشكل خاص ما يتعلق بسرقة الصينيين حقوق الملكية الفكرية من الشركات الأميركية. وإذا ما أضفنا إلى هذه التحركات الجديدة لإدارة البيت الأبيض القرار الذي يقضي بفرض رسوم جمركية على الواردات الأميركية من الفولاذ والألمنيوم من الصين وبعض الدول الحليفة، فسوف نستنتج من ذلك أن الرئيس ترامب ماضٍ نحو تحقيق وعوده الحمائية التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية. وقال ترامب في تغريدة على موقع «تويتر»: «عندما كنت مرشحاً، وعدت الناخبين بأنه لو تم انتخابي فسوف أستخدم كل الأدوات القانونية المتاحة لمكافحة التجارة المجحفة ولحماية العمال الأميركيين وللدفاع عن الأمن الوطني. واليوم، قطعنا خطوة مهمة في طريق الوفاء بهذه الوعود». وبمجرد توارد الأنباء حول قرار ترامب الجديد، انخفضت مؤشرات الأسهم في البورصات للدرجة التي صعّدت المخاوف من اندلاع حرب تجارية وشيكة. وقدّرت مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية أنه مقابل كل شركة واحدة ترحب بسياسات ترامب الحمائية، هناك 3 آلاف شركة تعارضها. وكتب «ستيف أودلاند» المدير التنفيذي للجنة التنمية الاقتصادية في موقع قناة «سي إن بي سي» على الإنترنت أن: «التجارة ليست معادلة المحصّلة الصفريّة. ونحن نحتاج لاستيراد المنتجات الرخيصة من خارج الوطن حتى نتمكن من رفع مستوى معيشتنا. وبما أننا نشكل 5 بالمئة فقط من عدد سكان العالم، فإننا نحتاج للانفتاح على الأسواق العالمية من أجل تصدير بضائعنا والرفع من معدل نمونا الاقتصادي». وبعد ساعات قليلة من إعلان ترامب عن قراره الجديد، عبرت الصين عن رغبتها بردّ الضربة، حيث أصدرت وزارة التجارة الصينية صباح يوم الجمعة بياناً جاء فيه: «لا تريد الصين خوض حرب تجارية، لكنّها لا تخاف أبداً من خوضها لو وقعت». وقد أخبرني صحفي صديق أن الوزارة جهّزت قائمة تضم ما يزيد على 120 من المنتجات التي تستوردها الصين من الولايات المتحدة، ومنها عصائر الفواكه والنبيذ، استعداداً لفرض رسوم جمركية لاستيرادها بنسبة 15 بالمئة لو فشل الطرفان في التوصل إلى حلول لخلافاتهما التجارية «خلال وقت محدد»! وحتى لو لم تتوافر تفاصيل حول قائمة البضائع الأميركية التي تعتزم الصين إخضاعها للرسوم، إلا أنه من السهل معرفتها. فالصين، التي تُعدّ أكبر مشترٍ في العالم للطائرات النفاثة التجارية التي تنتجها شركة «بوينج»، يمكنها أن تشتري الطائرات من شركة «إيرباص» الأوروبية أو أي شركة أخرى غير أميركية من أجل مجرّد إلحاق الأذى بصناعة الطيران الأميركية. كما أن شركات أميركية تكنولوجية عملاقة مثل «آبل» و«إنتيل»، تقوم بعمليات إنتاجية واسعة النطاق في الصين، وقد تتعرض لعقوبات وتدابير انتقامية من الحكومة الصينية. ويمكن لبكين أيضاً أن تستنسخ الإجراءات الانتقامية التي يستعد الاتحاد الأوروبي لتنفيذها ضد الولايات المتحدة، مثل فرض الرسوم على الواردات الأوروبية من الدراجات النارية التي تصنعها شركة «هارلي ديفيسون» الأميركية. ويمكن للصين أيضاً تخفيض القيمة السوقية لعملتها الوطنية «اليوان» حتى تزيد القدرة التنافسية لصادراتها وتصيب الرئيس ترامب بالمزيد من الإحباط. ولا ننسى القطاع الزراعي، حيث يمكن للصين أن تمتنع عن استيراد «قمح السرغوم» وفول الصويا من الولايات المتحدة. وجاء في تقرير صادر عن مؤسسة مختصة في بحوث التجارة الدولية ما يلي: «يمكن للصين أن تعتمد على دول أميركا الجنوبية لاستيراد فول الصويا، خاصة بعد أن سجلت البرازيل رقماً قياسياً في صادراتها منه خلال العام الماضي بلغ 51 مليون طن ذهب معظمها إلى الصين. ولا شك في أن أي قرار صيني بعرقلة استيراد فول الصويا من الولايات المتحدة سوف يصيب المزارعين الأميركيين بضرر كبير، بالرغم من أنهم يمثلون القاعدة الشعبية العريضة المؤيدة للرئيس ترامب. وقد جاء في افتتاحية لصحيفة «جلوبال تايمز» الناطقة باسم الحكومة الصينية: «لو خفضت الصين وارداتها من فول الصويا الأميركي إلى النصف، فلن يؤثر ذلك على الصين أبداً، لكنه سيدفع المزارعين الأميركيين للاحتجاج، علماً بأن الغالبية العظمى منهم هم من المؤيدين لترامب. ويمكننا أن ندعهم يتحدّون رئيسهم». كما قال «هون كواش»، المدير التنفيذي لقسم التجارة الدولية في «رابطة أرباب البيع بالتجزئة»: «المستهلكون الأميركيون هم الخاسرون، بغض النظر عن القطاع التجاري أو الاقتصادي الذي ستختار الصين فرض الضغوط عليه. وليس ثمّة من طريقة لفرض تعرفات جمركية بنحو 50 مليار دولار على الواردات الصينية لأميركا من دون أن يترك هذا الإجراء أثراً سلبياً على المستهلكين الأميركيين. وعلى ترامب ألا يرتكب هذا الخطأ لأن قيمة هذه التعرفات سوف تُسجّل على حساب الصين، إلا أن المستهلكين الأميركيين هم الذين سيدفعون فاتورتها الإجمالية عندما سيضطرون للدفع أكثر في المخازن بعد شراء متطلباتهم اليومية». وقال ترامب في تغريدة أخرى: «عندما يفقد بلد ما (أميركا) عدة مليارات من الدولارات مع كل دولة يمارس التجارة معها، فسوف تكون فكرة إطلاق الحرب التجارية جيدة، وسيكون الانتصار فيها أمراً سهلاً. وعلى سبيل المثال، عندما يبلغ عجزنا التجاري مع دولة ما 100 مليار دولار سنوياً، فإن التوقف التام عن التعامل التجاري معها يعني أننا سنكسب الكثير. إنه أمر سهل»! ويلخص «مايكل جونسون»، وهو من كبار المفاوضين التجاريين السابقين في بريطانيا، الوضع الراهن في مدوّنة تابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي حيث كتب يقول: «يبدو الآن أن شعار (أميركا أولاً) بات يشكل تهديداً للنظام التجاري العالمي متعدد الأطراف برمته». *محلل أميركي في العلاقات الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©