الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النقاب وخدمات «كيبيك»!

20 ابريل 2010 23:15
يجري حوار في كافة أنحاء أوروبا حول ما تلبسه النساء المسلمات وبالذات النقاب (الذي يغطي الوجه)، والبرقع (الذي يغطي جسم المرأة كاملاً)، والحجاب (الذي يغطي الرأس). وقد انتشر هذا الحوار مؤخراً في مقاطعة كيبيك الكندية. ويميل هذا النقاش، كما هو الحال في أوروبا، إلى تجاهل التنوع داخل المجتمعات المسلمة، وكذلك الخطوات التي اتخذها المسلمون للانخراط والمشاركة بنشاط في مجتمعاتهم المحلية. قد يجبر التشريع المقترح في كيبيك بعض النساء المسلمات على الاختيار بين النقاب والحصول على الخدمات العامة. ويعكس هذا الاقتراح، المعروف بمشروع القانون رقم 94، منظوراً ضيقاً لتكامل الأقليات الدينية، تدفعه الصور النمطية. أصبحت كيبيك المقصد المختار للقادمين المسلمين إلى كندا بعد تيسير قوانين الهجرة في أواخر ستينيات القرن الماضي. كانت ثنائية اللغة نعمة للمهنيين الذين يتكلمون الفرنسية والعاملين المهرة في أفريقيا وآسيا، الذين بحثوا عن فرص في الخارج. وبفضل سياسة كندا المتعلقة بثنائية اللغة، التي حدّدت الإنجليزية والفرنسية كلغتين رئيسيتين، لم تعد أوروبا المكان الوحيد الذي يُنظَر إليه كوطن جديد، فقد فُتحت أبواب أميركا الشمالية كذلك. وصل المسلمون من شمال أفريقيا والشرق الأوسط للدراسة أو ملء وظائف شاغرة في الجامعات والمستشفيات والمصانع. كان هؤلاء القادمون من مستعمرات فرنسية سابقة يتكلمون الفرنسية بطلاقة، ودخلوا الثقافة الكيبيكية بسلاسة وسهولة. كما قام مهاجرون مسلمون آخرون لم يجيدوا الفرنسية بتعلّمها كخطوة باتجاه التكامل والانخراط. وقد كشف تعداد عام 2001 أنه بالنسبة لأكثر من 50 في المئة من مسلمي كيبيك، كانت الفرنسية اللغة التي استخدموها في أوطانهم، وهي نسبة أعلى من العديد من الجاليات الدينية الأخرى في المقاطعة. كذلك وجد تعداد عام 2001 أن ضعف عدد المسلمين نسبياً، مقارنة بجميع الكنديين، يستخدمون اللغتين الرسميتين الإنجليزية والفرنسية، في مكان عملهم، الأمر الذي يثبت، من الناحية اللغوية بأن المسلمين في كيبيك، بغض النظر عما إذا كانوا مهاجرين جددا أو مواطنين منذ فترة طويلة، على استعداد للانخراط في الثقافة المحلية. إلا أن النقاب، الذي يلبسه عدد قليل من النساء المسلمات، تم إبرازه كرمز لعدم استعداد المسلمين أن يتغيروا ويحترموا قيم الإقليم. تتوقع حكومة كيبيك، من خلال إجبارهم على الاختيار بين النقاب والخدمات العامة تحقيق التكامل والمساواة في النوع الاجتماعي. ولكن هل ستنجح في ذلك؟ إذا كان النقاب يشكّل "رمزاً لخنوع المرأة للرجل"، كما لمّح رئيس وزراء كيبيك عبر ذكر المساواة في النوع الاجتماعي دفاعاً عن مشروع القانون رقم 94، فإن قرار إلغائه لن يُترك للمرأة بغض النظر عن الوصول إلى الخدمات العامة، حيث أن آباءهن أو أزواجهن على الأرجح سيفكرون في الخيارات ويؤثرون على صنع القرار بشكل كامل، إذا لم يتخذوا القرار بأنفسهم. وستتعرّض النساء اللواتي يلبسن النقاب، إلى المزيد من تحديد حرياتهن إذا نجح التشريع. يُعتبر التغيير في المجتمعات الدينامية عملية طبيعية. وتماماً كما هو الحال في بقية كندا، تطورت ثقافة كيبيك نتيجة لتداخل واختلاط الشعوب من خلفيات متنوعة وأفكار مختلفة. يُنتج النوع نفسه من التفاعل بين المسلمين وغيرهم من الكنديين، وبين المسلمين من ثقافات متنوعة، تغييراً ويدفع باتجاه هوية كندية مسلمة جديدة لا تضحي بالدين أو العرق. تتواجد المرأة المسلمة في الواقع، وحتى لا يتم تركها في الخلف، في مقدمة هذه الظاهرة الجديدة، فرضت النساء المسلمات حواراً عاماً حول تفسير قانون الأسرة الإسلامي عندما حاولت مجموعة من الرجال الحصول على وضع قانون لقرارات التحكيم التي تقوم به محاكم الأسرة المسلمة في أونتاريو. الثقافة معيار ما فتئ يتطور، وخاصة في مجتمع تعددي، فهي الآلية الاجتماعية التي يتأقلم الأفراد من الأعضاء القدامى المؤسَّسين والقادمين الجدد من خلالها مع الأوضاع الجديدة. يتوجب على الدول الليبرالية الديمقراطية أن تيّسر هذه العملية، لا أن تفرضها من خلال تحديد الحريات. مؤلف كتاب «على خطوات النساء الكنديات المسلمات 1837-2001» ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©