الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فراشات صينية.. تهمس على شفاه «البُكم» وترقص مع الألوان

فراشات صينية.. تهمس على شفاه «البُكم» وترقص مع الألوان
9 يوليو 2009 23:51
مدينة صور هي عاصمة الفينيقيين، مدينة الأحلام التي تغفو على شاطئ السحر والجمال، تفتش عن ماضٍ مجيد، تبعثر حروفها الأبجدية، وصباغ الأرجوان، علها تستعيد بعضاً من أمجادها الغابرة يوم قهرت الإسكندر المقدوني وأباطرة الروم... إنَّها مدينة صور اللبنانية تتباهى بروائع آثارها، وصدق عذاباتها التي تغازل أمواج بحرها الساكن عند تخوم حدود الوطن الجنوبية. الحياة مليئة بالأحلام في هذه المدينة التاريخية التي ولدت من رحم الغزاة المتعاقبين على احتلالها، وفي كل مرة كانت تتحرر من العبودية بسواعد رجالاتها وتتجمل بجديدها، حتى غدت قبلة أنظار العالم، فيها عشعشت الحضارات، ومنها انطلقت أساطيل تجارتها التي حطت رحالها في بلاد ارض الكنانة، ولتنسج صداقات مع مصر وفراعنتها، ولتصير مع مرور الزمن مقصداً لكل هاوٍ ومتعطش للمعرفة على اختلاف انواعها. تحولت صور، وتحديداً الملعب الروماني التاريخي العريق الذي يحاكي قلعتها الشهيرة، هذا العالم الى مهرجان عالمي للفرح، وفيه تعملقت الفرقة الصينية القادمة من خلف المحيطات، لتنشر ثقافتها الفنية في لوحات راقصة باهرة، اعادت الى المدينة واهلها وكل اللبنانيين ومعهم العرب والاحباب ايام العز، وتركت بروعة ادائها الكل مشهودين وكأنهم في حكايا السحر وليالي الف ليلة وليلة. فالفرقة الصينية (MY DREAM) التي الهبت المشاعر وحركت احاسيس المتفرجين، ابدعت في عطائها رغم كونها تضم فنانين نادرين ومميزين، جاؤوا من عالم آخر، فهم لا يسمعون ولا يبصرون، يحاكون عقولهم ويعبرون عن مشاعرهم من خلال رقصات تملؤها الالوان، ويفتحون قلوبهم عبر الحان ورقصات فاتنة. راقصون يعانون اعاقات جسدية، تحدوا واقعهم، واجادوا في فهم لغة مميزة يعجز اصحاب العقول الراجحة والابصار الحادقة والايدي الماهرة عن تقليدها وفهم مغزاها، فكانوا رسل جمال للبشرية ونجوم الفن المميز وسفراء لبلدهم الى كل العالم، ليعرِّفوا من لا يعلم بأن الاعاقة يجب ان تشكل حافزاً لاصحابها في توظيف حواسهم السليمة في خدمة المجتمع وانتاج ما لم يكن في حسبان الاصحاء، اعمالاً فنية خلاّقة ترقى الى الإبداع. فمن صور مدينة الانسانية، ومن فضاءات اللون ودفء اللحن، ومن على خشبة مسرح الرومان، انطلقت الفرقة الصينية، تحمل في خيالها امانات... رقصت جماعات وفرادى، عزف وغنى افرادها واجادوا في ابداعاتهم النادرة، ليبقى لبنان وطن الرسالة والضرورة الحضارية للعالم، وها هي تستعيد مدينة صور امجادها لتطلقها في رحاب العالم، وتترك للمشاهد الحالم بالروعة والجمال خيارات تفسير الاحلام في عالم اليقظة
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©