الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حق ضائع

9 يوليو 2009 23:56
وهن العظم منه واشتعل رأسه شيباً، تقوس ظهره، ولم يتقلص عشقه للنساء بات يتزوج ويتزوج، ولم يتوان يوما في إرضاء نفسه، ينهل من معين السعادة ويرشف من رحيقها، عاش في منزل رحيب مملوء بالنساء والأولاد، حرص على تطبيق شرع الله وعدم مخالفة أوامره في العدل بين نسائه، يحافظ على النصاب دائما ثلاث زوجات وواحدة متحركة، لا يظلمهن ولا يقهر مشاعرهن، عاش بينهن يتناوبن على إسعاده، لا سعي لهن في الدنيا سوى إرضاء رغباته، تنافسن على تقديم أنفسهن له في أجمل صورة، يتبرجن ويتزين بالحلي ويلبسن الحرير، يحاولن جاهدات صرف نظره عن كل نساء العالم، لم يلغ يوما حقهن في الحياة كزوجات يصول ويجول وينثر رجولته وفحولته كلما حل عند واحدة منهن، إلى يوم سقطت عيناه على حسناء القوام وعذبة الكلام في مشارف الشباب، غزت قلبه وأشعلت ما تبقى منه من عواطف فتزوج منها، رحل تحت رغباتها لبيت آخر فسيح يتسع لمشاعره الملتهبة في جسم عليل يأكله الصدأ، منّى نفسه بالقبض على سعادة ما تبقى من عمر هارب وأيام لاهثة، أحدث في أسرته شغبا وصب في جوانبها غضبا، هي المرة الأولى حيث يبتعد، عاشق مسلوب الإرادة، كانت فتاة صغيرة السن مندفعة بقوة الشباب تفيض في الحديث فتلهبه بنبرات صوتها، أثارت أشواقه لدرجة الاشتعال، بين العشق والغضب والغيرة والحسرة عاش ما تبقى من عمر يلهث خلف غموضها، لم تمنحه كل سرها المغلق، وكحال كل سر مغلق شدّته إلى حافتها وغاص في ظلماتها وأضرمت النار في خياله، حركت السواكن داخله ودفعت به إلى حافة الجنون. هطلت السماء بأمطار جديدة، وزاد الغنج والدلال حملت الأنثى وحبلت أيامهما بمزيد من الاشتعال، حفاظا على مشاعرها الملتهبة وتغير نفسيتها جراء الوحم ولعدم ضياع حق وليدها المرتقب بدأت تنسحب بعض الهدايا العينية لحضنها، وتتحول بعض الأملاك إلى اسمها، مرت شهور فوضعت مولودا ذكرا زاد من قوتها وجبروتها المعنوي، ومرت السنون وتوالت دون كلل ولا ملل في إحكام القبضة على رجل يرجو خلود السعادة، وفي أحد الصباحات سكت صوته ونام إلى الأبد. حمل سعادته ورحل قبل أن يطبع صورته في وعي ولده، رحل وترك وليدا سيتطلع يوما لفتيان في عمره يمسك بأيديهم آباؤهم ليجتازوا بهم جسور الزمان وتقلباته، سيتطلع يوما لأب يملأ فراغ أيامه ولياليه قدوة وحبا واحتضانا، سيتمنى عطف إخوان فرقت بينهم ما تحمله مشاعر أمهاتهم من غضب، وسيرقب، أما هي في عنفوان وتأجج شبابها ستمضي في طريقها تنهل هي الأخرى من فيض سعادتها، وحتما ستصادف من يشعل مشاعرها لتسترجع معه حياتها التي توقفت برهة من الزمن. لكبيرة التونسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©