الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرفيو النحاس: نحيي مهن الأجداد.. وإبداعاتنا لا حدود لها

حرفيو النحاس: نحيي مهن الأجداد.. وإبداعاتنا لا حدود لها
9 يوليو 2009 23:58
قال حرفيون يمنيون في سمسرة النحاس بصنعاء القديمة «نحن نصنع من الصفائح النحاسية المستحيل، فصناعة النحاس المزخرف لدينا متوارثة كونها من الصناعات العريقة التي تتميز بها اليمن منذ القدم، ونحن في هذه الصناعة لا زلنا حتى اليوم ننتج أروع الأواني والأباريق والفازات والأطباق والمعلقات والمباخر، نقوم برسم الرسوم الهندسية الإسلامية الرائعة على هذه الأواني ونطعمها بالفضة والذهب والعقيق اليماني، كما نبتدع أروع الوسائل وبمهارة يدوية في هذه الصناعة من حيث استخدام الطرق والحرق والنقش والتطعيم، مما يعكس في أعمالنا المهارة والإبداع». «سمسرة النحاس» يستغرق صناعة بعض القطع النحاسية الخاصة بالمنازل عدة أشهر رغم أن قيمتها لا تتجاوز مائة دولار، لكن الحرفي اليمني لا يتوقف عن صناعتها، يقول بشير سعد صالح- يمتلك معمل نحاس مع شقيقه في سمسرة صنعاء القديمة: «إن التمسك بتراث الأجداد والآباء من حرف يدوية كان إلى وقت قريب يشكل تجمعا في أكبر سمسرة سميت «سمسرة النحاس» المعروفة اليوم بالمركز الوطني للحرف، فهي اليوم أكبر مركز للتدريبات على مختلف الحرف والمهن الحرفية وفيها محلات شهيرة لبيع مختلف الحرف والتحف والأزياء ومحلات للتدريس والتدريب على الصنع والتشكيل والحفر على النحاس». ويضيف: «يقبل السياح على شراء الأواني النحاسية المحلية الصنع، ذلك مما لفت اهتمامنا والكثير من الحرفيين إلى العودة لهذه الصنعة، فنجد هناك من يقترح أنه من الضروري أن تتولى الجهة المسؤولة في «المركز الوطني للحرف» عن تنمية هذه الحرفة والبحث عن أمهر الحرفيين وإغرائهم بالحوافز المشجعة ليقوموا بدورهم بتدريب طلاب على هذه الحرفة والحرف اليدوية الأخرى التي تكاد تختفي، فنحن نقوم بإنتاج العديد من الأدوات النحاسية وكل أداة تأخذ وقتا معينا حسب نوعها وأهميتها والنقوش الموضوعه عليها». زخارف ونقوش من بين أكثر من أربعين سوقا وثلاثين «سمسرة» تمارس فيها مختلف الحرف في صنعاء القديمة، كانت صناعة الأدوات والتحف النحاسية تحتل مكانة مرموقة، حيث حافظ الحرفي اليمني في القرون الماضية على أصول هذه الحرفة التي ارتبطت بصناعة العديد من الأدوات التي استخدمها اليمنيون القدماء في حياتهم اليومية منذ عصور ما قبل الإسلام وتحديدا في النصف الثاني من الألفية الثالثة ق.م.. يقول شقيقه مبروك سعد صالح: «نحن نصنع من الصفائح النحاسية مجموعة متنوعة من المستلزمات، مثل: مرشات العطور التي يتم عمل أقماع من الفضة تركب على أعناقها، وتركب لها أيضا قواعد من الفضة وكؤوس الشرب من النحاس الجيد المزخرف والمنقوش و»الطاسات»، إضافة إلى وضع فصوص من العقيق اليماني على الأواني ونطعمها بأجود أنواع الأحجار الكريمة، كما تشاهد في صناعتنا للسيوف أو ما يعرف بالخنجر اليماني. ويضيف مبروك: «كما نصنع أواني نحاسية ونخط داخلها آيات قرآنية كريمة، كما نصنع «المزاهر» النحاسية المزخرفة بنقوش إسلامية مخروطية الشكل من أعلى، ودائرية الشكل من أسفل، وعمقها مجوّف تستخدم لحفظ باقات الزهور والنباتات العطرية يانعة لمدة طويلة، إضافة إلى العشرات من الأواني النحاسية التي تستخدم في البيت اليمني ملاعق الطعام والأباريق والقدور ودلال القهوة والمواقد التي تستخدم لإشعال الفحم الخاص بالطبخ، إلى جانب العديد من أدوات الزينة والتجميل». إبداعات محلية تتعدد صناعات النحاس في اليمن ولا تقتصر على المستلزمات البسيطة، بل تتعداها إلى صناعة المباخر والشمعدانات والمحابر، وغيرها من الإبداعات المحلية التي يتم تسويقها محليا وخارجيا بحسب بشير، إذ يقول: «يتم عرض هذه المنتجات النحاسية في معملنا ثم في العديد من المتاجر في صنعاء القديمة، ونقوم بعرض الكثير من المصنوعات النحاسية المطعمة بالعقيق اليماني والفضة الخالصة قي الأماكن الراقية في أسواق صنعاء القديمة وبعض أسواق المدن الأخرى.. كما نصدر نماذج «الفانوس السحري» الذي يعيد للمنزل هيبته من النحاس مع قطعة قماش أبيض يكسب المكان الذي يقتنيه صورة رائعة». يعدل جلسته قبل أن يضيف قائلا: «إن الحرفي اليمني ما زال يبتكر الكثير من التحف النحاسية التي تخطف الأبصار لجمالها والدقة المتناهية في صناعتها كما هو الحال مثلا في الأباريق النحاسية المزينة بالكتابات المنحوتة من الشعر العربي، والحِكَمَ والأمثال المأخوذة في الغالب من ديوان «الإمام الشافعي» كما يُلاحظ ذلك فوق النجف التي استغرق نقشها وإنتاجها عدة أشهر وهي بطول متر و80 سم وبعرض 90 سم، وقد نقشنا عليها أمثالا من ديوان الشافعي». من جهته، يقول مبروك مشيدا بالنحاس كمعدن وحرفة: «النحاس هو معدن قابل للطرق، والسحب، ويفوق ما تبقى من الفلزات ويختلف في هذه الصفة عن الذهب والفضة، وهذه المميزات تجعلنا نبدع منه الأشكال التي نريدها، لذا أرجو ومعي كثر غيري يرجون أن تجد مهنتنا هذه نجاحا أكبر وانتشارا أوسع واهتماما أكثر من المسؤولين». ويبدو أن ثمة شكاوى لدى الحرفيين في صناعة النحاس، يشير إلى بعضها مبروك، ويقول: «يشتكي الحرفيون من عدم الاهتمام بالكوادر اليمنية المدربة وأعمالهم، ولا تقدم الدولة أي تشجيع أو دعم لهم، ونعاني هنا من كون الآلات والمعدات الموجودة في المعمل أصبحت غير مواكبة للتطور الحاصل حاليا في هذا المجال، فالمعمل بحاجة إلى دعم حتى يؤدي دوره المؤمل منه عبر رفده بالآلات والمعدات التي تواكب التطور»
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©