الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تغييب اختياري للذات

تغييب اختياري للذات
10 يوليو 2009 00:00
أستكمل ما توقفت عنده في الأسبوع الماضي، والذي يتناول غياب وجود تصنيف محلي خاص بالأفلام المعروضة عندنا في الإمارات، والاكتفاء بالتصنيف القادم معها من الخارج والذي لا يتناسب بالضرورة مع قيمنا وعاداتنا، ولكن مع ذلك تجده يمثل الحل الوحيد المتاح أمامك . وإذا كنت في المرة الماضية قد استشهدت بفيلم « كارولاين» باعتباره فيلماً للأطفال بينما هو في الواقع لا يناسبهم مطلقاً، فإنَّ القضية بالتأكيد اكبر من ذلك المثال، وتكشف عن غياب شبه مطلق لأي جهة حكومية تعيد تصنيف ما يقدم من أفلام بما يتوافق مع ثقافتنا. صحيح أنَّ جميع الأفلام تأتي مصنفه بفئات سنية لمساعدة الجمهور في الانتقاء، وتحديد مدى مناسبة الفيلم لهم، لكن لا يمكن بحال من الأحوال التسليم المطلق بهذه التصنيفات واعتبارها تصنيفات صحيحة ومناسبة لأنها تحاكي ظروف مجتمعات أخرى لديها نظرتها وحساباتها المختلفة عنا. ما يصلح في أميركا ويعتبر مقبولاً في بريطانيا ومرحباً به في إيطاليا ليس بالضرورة أن يكون مناسباً لنا في الامارات، لأنَّ لدينا قيماً وعادات ومفاهيم مختلفة عنهم، والأمر الذي قد يعتبرونه أمراً عادياً عندهم نراه نحن من الكبائر، ولست بصدد تقديم الأمثلة لأنَّ العارف لا يعرف! ومع ذلك ارتضينا أن نكون في موقع التابعين من خلال الاكتفاء بالتصنيفات القادمة مع الأفلام باعتبارها من المسلمات، ولاعتمادها على معايير عالمية في التصنيف، وأغفلنا حقيقة أنَّ هذه المعايير وضعت لأنها تناسب ثقافات وعادات مجتمعاتها التي نشأت فيها. في كل الأحوال لا يمكن ترك الحبل على الغارب، ولا بدَّ من وجود جهة في الدولة تتولى الإشراف على تصنيف جميع الأفلام المعروضة، وتحدد إذا كانت تتوافق مع التصنيفات القادمة معها من الخارج أم أنها تحتاج إلى إعادة تصنيف من أول وجديد، أو في أضعف الإيمان تقوم بوضع إشارات تحذير على الأفلام التي ترى بأنها غير مناسبة. وسمعنا أنَّ بلدية الشارقة تقوم في بعض الأحيان بهذا الدور، من خلال وضعها إشارات تحذيرية على بعض الأفلام المعروضة في دور العرض بالإمارة، ولاشك أنَّه أمر يحسب لهم، لكننا بحاجة إلى تعميم هذا الأسلوب على الكل وعدم الاكتفاء بالمحاولات الفردية. أما ترك الموضوع دون تدخل، والاكتفاء برقابة المشاهد الجنسية فقط، وحذفها وتجاهل المحتوى والمضمون ومدى مناسبته، فإنَّ هذه المسألة فيها تغييب اختياري للذات وإلغاء للعقل بترك الآخرين يفكرون بالنيابة عنا، ويحددون لنا ما هو مناسب وما هو غير مناسب. سيف الشامسي Saif.alshamsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©