الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تعزيز الديمقراطية في مصر... مصاعب أميركية!

تعزيز الديمقراطية في مصر... مصاعب أميركية!
8 مارس 2011 21:01
لسنوات طويلة سعت الولايات المتحدة إلى تقديم مساعدات إلى مصر في مجال تعزيز الديمقراطية، لكن جهودها كانت تتعرض لقيود كثيرة ومضايقات عديدة من قبل الحكومة التي كانت ملتزمة بعكس ذلك، واليوم بعدما أزالت الثورة المصرية العديد من العقبات والمحظورات تنتاب المصريين رغبة أكيدة في بناء ديمقراطيتهم بسرعة وبفعالية. وفي هذا الإطار يمكن للولايات المتحدة بما تملكه من خبرة وأموال أن تساعد المجتمع المدني المصري، وإنْ كان عليها العمل بحذر وتوخي أقصى درجات الحيطة حتى لا يُساء فهم نواياها في بيئة لا تثق كثيراً في الأهداف الأميركية، وهو ما يعبر عنه "طارق الملط"، المتحدث باسم حزب "الوسط" الذي لا يتوفر على مقر حقيقي ولا يملك وسائل التواصل مع الناخبين ولا نية له لطلب المساعدة الأميركية قائلاً: "إن أي دعم أميركي يُفهم بشكل آخر في مصر"، ولدعم الثورة وتبديد أية شكوك تحول حول الأهداف الأميركية ونواياها قام وفد أميركي رفيع بزيارة القاهرة خلال الشهر الماضي لبحث سبل دعم الثورة المصرية، دون إثارة المشاكل والحساسيات، وعملوا في صمت مع مسؤولين دبلوماسيين ومتخصصين في مجال التنمية كما تواصلوا مع الأهالي والتقوا نشطاء وقيادات سياسية مستوضحين منهم الطريقة الأمثل لإنفاق 150 مليون دولار كانت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، قد خصصتها لدعم الاقتصاد المصري، وتقديم المساعدة التقنية لدفع عملية التحول الديمقراطي في البلاد. لكن وحتى وقت مغادرة الوفد الأميركي للقاهرة ورجوعه إلى الولايات المتحدة لم تتقدم أية منظمة مصرية تنشط في مجال الديمقراطية بطلب واحد إلى واشنطن للمساعدة والحصول على الدعم. فالمصريون على ما يبدو مازالوا غير مرتاحين تماماً لتلقي الدعم من أميركا، لا سيما في ظل التشويه الذي تعرض له المعارضون في السابق ممن تجرؤوا على التحدث إلى مسؤولين أميركيين. وقد تبدت هذه الريبة الراسخة في أعماق المصريين تجاه كل ما يأتي من أميركا خلال اللقاء الذي عقدته وزيرة الخارجية الأميركية عبر الإنترنت مع مجموعة من الشباب المصري، الذين أمطروها بأسئلة صعبة حول الدعم الأميركي للنظام السابق على حساب الشعب لترد قائلة: "لقد كنا على الدوام ندعو إلى الديمقراطية"، مشيرة إلى أن مثل هذه الدعوة كانت تجري سراً مع النظام السابق؛ والحقيقة أن المنظمات الأميركية عملت لسنوات مع المصريين مثل معهد "الجمهوريين" الدولي والمعهد الوطني الديمقراطي اللذين تواصلا عن مدى السنوات الماضية مع نشطاء ومنظمات مصرية رغم معارضة الحكومة، وهما يؤكدان معاً أن العلاقات التي استطاعا نسجها مع فعاليات المجتمع المدني المصري ستسهل عملية التواصل اليوم وتقديم الخبرة الضرورية مثل تدريب الأحزاب السياسية على شحذ خطابها ومساعدة المراقبين على تتبع العملية الانتخابية. ومع أن المعهدين الأميركيين لم يحصلا قط على ترخيص حكومي رسمي للعمل في مصر، إلا أنهما لم يتوقفا أبداً عن مطالبة السلطات المصرية بالسماح لهم بالعمل منذ العام 2006، ولتجاوز المضايقات والالتفاف عليها أقدم معهد "الجمهوريين الدولي" على تنظيم جولات للنشطاء المصريين في الولايات المتحدة وتدريب ما لا يقل عن ألف منهم عبر حضورهم ورشات في البلدان المجاورة. وقد كان المشاركون في الجهود الأميركية يتعرضون باستمرار لحملات تشويه على صفحات الجرائد بإيعاز من الحكومة. ففي العام الماضي على سبيل المثال استضاف المعهد مرشحين بارزين في الانتخابات التشريعية السابقة لتدريبهم على طرق العمل الديمقراطي، لكن ما أن ظهرت نتائج الانتخابات التي شابها تزوير صارخ حتى تبين إخفاق جميع المرشحين الذين زاروا أميركا في تأمين مقعد واحد. وفي المقابل، ركز "المعهد الوطني الديمقراطي" على مدار السنوات الماضية على العمل داخل مصر من خلال التواصل مع منظمات المجتمع المدني ومدهم بالكتيبات حول كيفية القيام بحملة انتخابية، لكن مضايقات الشرطة السياسية المصرية لم تتوقف، إذ كان يستدعى موظفو المعهد للاستجواب وتُراقب مكالماتهم التليفونية، هذا بالإضافة إلى حملات تشويه الصورة التي يتعرض لها المتعاونون مع المساعي الأميركية من خلال نعتهم بالخونة والفاسدين. ولم تسلم من هذا التضييق حتى الوكالات الأميركية الرسمية مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فقد سعت الوكالة في أحد برامجها بدعم التعليم المدني في أوساط أطفال المدارس، غير أن الحكومة المصرية رفضت وصادرت 60 ألف كتاب مدرسي وزعته الوكالة على المدارس. وفي جميع الأحوال، تنفق الولايات المتحدة ملياري دولار كل سنة على مصر منذ عام 1979 مكافأة لها على اتفاقية السلام مع إسرائيل، بحيث يذهب نصف المبلغ للمساعدة العسكرية للجيش المصري الذي عليه اقتناء المعدات الأميركية، ولم يكن غريباً أن تستخدم أسلحة من صنع أميركي في مواجهة ثوار ميدان التحرير. ويطالب العديد من المصريين الذين لا يرون مانعاً من تلقي الدعم الأميركي أن يستهدف الاقتصاد بالدرجة الأولى على أن يُصرف من خلال المنظمات الخاصة تجنباً للبيروقراطية التي تتهم بالفساد على نطاق واسع. وفيما يتوقع أن تستفيد القطاعات الاقتصادية من أغلب المساعدة الحالية التي رصدتها وزيرة الخارجية الأميركية والبالغة قيمتها 150 مليون دولار مثل التعليم والصحة وخلق الوظائف يصر النشطاء في مجال الديمقراطية على ضرورة إعطاء الأولية إلى برامج دعم الديمقراطية وتعزيزها قبل أي شيء آخر. كاثي لالي وماري بيث شيريدان - القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©