الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المساعدات الخارجية... في مرمى المزايدات الحزبية

8 مارس 2011 21:02
إنني فخورة بكوني أميركية، وخاصة عندما أرى أناساً في بلدان قصية يحتضنون ويتبنون قيماً بنيت عليها هذه الدولة مثل الحرية والمساواة وحكم القانون. وأجد أن من واجبنا الوطني أن ندعم كلياً تحسين حياة الناس الذين يكافحون في الخارج في ظل الحرمان والقمع والفرص الاقتصادية شبه المنعدمة والأحلام المخنوقة. رجاء، أزيلوا كلمة "خارجية" من المساعدات الخارجية؛ فنحن نقوم بتحسين أنفسنا، ونجلب لبلدنا الفخر من خلال إطعام الجوعى، ومعالجة المرضى، وتعليم الشباب، وإيواء المشردين، وتوفير وسائل الديمقراطية للعالم. ولذلك، فمن المقلق أن نرى أولى الطلقات من مدافع ميزانية واشنطن تستهدف المساعدات الخارجية؛ حيث يصفها المنتقدون بأنها ضائعة، وموضوع للمزايدات الحزبية، بل وحتى بغير الوطنية – في وقت يرتفع فيه معدل البطالة. وقد تكون المساعدات الخارجية هدفاً سياسياً مناسباً، ولكن الحقيقة أن مساعداتنا إلى الخارج فعالة ومحل توافق حزبي وتعكس أفضل ما في أميركا. ثم إنه لم يسبق أبداً أن كانت الحاجة إليها (أو عائدها على الاستثمار) أكبر مما هي عليه اليوم. إن مجموع المساعدات الخارجية غير العسكرية يمثل نحو 1 في المئة من الميزانية الفيدرالية للسنة المالية 2011؛ والأكيد أن خفض هذه المساعدات لن يُحدث فرقاً في الدين العام أو بخصوص خفض العجز، ولكنه سيُحدث فرقاً كبيراً جداً في حياة مئات الآلاف من الناس الذين يعتمدون على المساعدات الأميركية من أجل الطعام والأدوية والتدريب المهني وتعليم الأطفال والسقي ومعونات الشركات الصغرى ومجموعة من المزايا والفوائد المحسنة للحياة. ونتيجة لذلك، فإن التقدير والامتنان اللذين يشعران بهما اليوم تجاه السخاء الأميركي سيتحولان بسرعة إلى سخط وغضب بسبب سحب الخدمات. والواقع أنه حتى قبل أن يجعل انهيار الاتحاد السوفييتي الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في العالم، حذر بوش الأب الأميركيين قائلاً: "استعملوا القوة لمساعدة الناس؛ فقد مُنحنا القوة ليس من أجل تحقيق أهدافنا، ولا من أجل القيام بعرض رائع في العالم، ولا اسم. بل هناك استعمال واحد تقريباً للقوة وهو خدمة الناس". ورغم أنها تنتمي إلى الحزب نفسه والولاية نفسها على غرار الرئيس بوش، إلا أن النائبة "كاي جرانجر" كانت جد فخورة عندما قالت لـ"دورية الكونجرس" إن المساعدات الخارجية "حصلت على ثالث أكبر نسبة مئوية من التخفيضات... وتمثل هذه التخفيضات التي طرأت على القسم الذي يعنيني من مشروع القانون خطوة أولى جيدة. وطالما أنني رئيسة لجنة العمليات الخارجية، فإنني سأسهر على أن لا تُستعمل مساعداتنا الخارجية كمشروع قانون تحفيزي للبلدان الخارجية". وبالتالي، فيمكن القول إن واشنطن اليوم توجد في قبضة حرب ميزانية كبيرة. ذلك أن "الجمهوريين"، الواعين بالمواقف المتشددة التي تبنوها تجاه الإنفاق الحكومي في حملة الخريف الماضي الانتخابية، عاقدو العزم على القيام بتخفيضات كبيرة، الأمر الذي يعارضه "الديمقراطيون". غير أنه في هذا الصراع الشرس، يمكن أن تصبح المساعدات الخارجية بيدقاً يمكن التضحية به. والسبب الرئيسي هو الأسطورة المنتشرة على نطاق واسع، والتي مؤداها أن المساعدات الخارجية تمثل جزءاً كبيراً من الميزانية الفيدرالية. ذلك أنه عندما سئلوا بشأن حجم ما يذهب من الميزانية الفيدرالية إلى المساعدات الخارجية، خمن الأميركيون أن النسبة هي 25 في المئة، وذلك حسب استطلاع لرأي أجراه الخريف الماضي موقع WorldPublicOpinion.org.وعندما سئلوا عن الحجم "المناسب" الذي ينبغي أن تتخذه هذه المساعدات في نظرهم، كان الرقم هو 10 في المئة. والحال أن المساعدات الخارجية تمثل 1 في المئة فقط من الميزانية الفيدرالية. ومن بين برامج أخرى يرغب الكونجرس في خفض: 889 مليون دولار من المساعدات الغذائية والبرامج الزراعية، و1.52 مليار دولار من برنامج الصحة العالمية وإنقاذ الأطفال التابع لوزارة الخارجية، وما قيمته 1.2 مليار دولار من مساعدات التنمية العامة. بل إن السيناتور "الجمهوري" راند بول عن ولاية كنتاكي ذهب إلى حد الدعوة إلى إنهاء كل المساعدات الخارجية – وهي دعوة يدعمها الكثيرون في حركة "الشاي". إن إجمالي ميزانية السنة المالية الحالية هو 3.82 تريليون دولار، وبالتالي فالـ4.4 مليار دولار من تخفيضات المساعدات الخارجية والصحة العالمية لا تمثل سوى 0.12 في المئة من الميزانية. هذا بينما تبلغ مخصصات الصحة العالمية المباشرة 1.88 مليار دولار، أو حوالي 0.049 في المئة من مجموع الميزانية. وإذا كان الهدف من وراء استهداف التنمية والبرامج الغذائية والصحة العالمية، هو القضاء على العجز والدين الفيدراليين، فإن هذه المبالغ تلعب دوراً هامشياً. الحزب "الجمهوري"، على سبيل المثال يرغب في إزالة 40 في المئة من الدعم الأميركي للصندوق العالمي لمحاربة الإيدز والسل والملاريا؛ و10 في المئة من الدعم المباشر للأطفال الصغار والرضع الذين يصابون بالملاريا؛ وحوالي 8 في المئة من العلاج للأشخاص المصابين بالإيدز. غير أن هذه المعدلات المقترحة تترجم في الواقع إلى أعداد مهمة من الأرواح التي لن يعود من الممكن إنقاذها، أطفال يموتون من الملاريا، ومجتمعات غير قادرة على الحصول على ماء آمن صالح للشرب. ثم كيف يمكن لمثل هذه التخفيضات أن تكون "وطنية"؟ فمثلما كتب مايكل جيرسون، كاتب خطابات بوش الابن، فـ"لا أحد يستطيع أن يزعم بأن أزمة الميزانية سببها هو إنفاق الأميركيين الكثير على شِباك الأسّرة (الواقية من لسعات البعوض الناقل لملاريا) وأدوية الإيدز.... إن المبادرات الرئيسية بخصوص الملاريا والإيدز أنشئت تحت زعامة "جمهورية". وإذا كان هدف مجلس النواب هو تضييع التركة "الجمهورية" حول الصحة العالمية، فيمكن القول إنه بصدد النجاح في ذلك. لوري جاريت زميلة «الصحة العالمية» بـ «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي وكاتبة حائزة على جائزة بوليتزر ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©