الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المحادثات السورية- الإسرائيلية وسياسة الحوار مع الأعداء

المحادثات السورية- الإسرائيلية وسياسة الحوار مع الأعداء
24 مايو 2008 01:30
قررت إسرائيل، وهي الحليف الأقرب إلى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أن تعطي نموذجاً للبلد الذي يفضل التعامل مع أعدائه بدل تجاهلهم· فإعلان إسرائيل مؤخراً أنها بصدد التباحث مع سوريا للتوصل إلى سلام شامل يختلف جوهرياً مع نصائح إدارة بوش التي عارضت في البداية إطلاق مباحثات مع سوريا، لاسيما خلال الأحاديث الخاصة التي جمعت المسؤولين الأميركيين مع نظرائهم الإسرائيليين· هذا التحفظ الأميركي برز بشكل واضح في الأسبوع الماضي عندمـــا ألقى الرئيس بوش خطابه في ''الكنيست'' الإسرائيلي وشبّه فيه المحاولات الجارية ''للتفاوض مع الإرهابيين والراديكاليين'' بمهادنة النازية قبل الحرب العالمية الثانية، وفي هذا الإطار قال بوش: ''لقد سمعنا هذا الهراء من قبل، فعندما كانت الدبابات النازية تعبر بولندا في العام 1939 أعلن سيناتور أميركي أنه لو كان فقط قادراً على الحديث إلى هتلر لتم تجنب كل الفظائع''· لكن وفي أمثلة عديدة، يبدو أن سياسات إدارة بوش تناقض نفسها في الكثير من المناسبات، ففيما كان بوش ومساعدوه ينتقدون فكرة التحدث إلى الأعداء دون تلبية بعض الشروط المسبقة حادت سياسة الإدارة الأميركية طيلة السنوات السبع الماضية عن تلك النظرية، بل تركت الباب موارباً لاحتمالات أخرى· والحقيقة أن الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس بوش حددت معاييرها الخاصة للحديث مع خصومها كلما رأت مصلحة في ذلك، وهكذا قامت الولايات المتحدة في عهد الرئيس بوش بعقد محادثات مباشرة مع ليبيا، كما أرسلت مبعوثين إلى كوريا الشمالية ومعهم رسالة ودية من الرئيس بوش شخصياً، بل وشاركت من خلال دبلوماسييها بالعراق في مباحثات مع إيران التي تتهمها أميركا بالوقوف وراء الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق· ومع أن الدبلوماسيين الأميركيين لا يتحدثون إلى ''حماس'' ولا إلى ''حزب الله'' اللذين يعتبرها البيت الأبيض منظمتين إرهابيتين، كمـــا سحبــت إدارة بــــوش سفيرهـــا مــــن سوريــــا، إلا أن الولايات المتحدة لا تتردد في التعامل اقتصادياً مع دمشــق التي تدعم ''حزب الله''، وتصنفها وزارة الخارجية الأميركية ضمن الدول الراعيـــة للإرهـــاب· فما الذي قصده الرئيس بوش عندما قارن في خطابه بين التفاوض مع الإرهابيين والراديكاليين وبين المهادنة؟ الواقع أن العديد من المسؤولين داخل الإدارة الأميركية، وخاصة في وزارة الخارجية، يعترفون بأن الولايات المتحدة لا تلتزم بسياسية واحدة في التعامل مع أعدائها· وقد عبر عن ذلك أحد المسؤولين البارزين في الإدارة الأميركية قائلاً: ''أفضل أن أكون محقاً على أن أكون منتظماً في العلاقات الخارجية''، مشيراً إلى استعداد الولايات المتحدة للتفاوض مع كوريا الشمالية، رغم اتهامها بمساعدة سوريا في بناء مفاعل نووي· ويبدو أن أميركا تسعى إلى تحقيق مصلحتها قبل أي موقف مبدئي تجاه الدول، وهو ما دفع واشنطن إلى الإصرار على تلبية بعض الشروط قبل الدخول في الحوار· وفي هذا الصدد تمكــن الإشارة إلى تعهد ليبيا بنبذ العنف قبل استعادة العلاقات الدبلوماسية معها، رغم أن الإدارة الأميركية كانت تتفاوض مــع النظام الليبي حتى قبل أن يغير من مواقفه ويتعهد بالتخلي عن دعم الإرهـــاب· أما فيما يتعلق بالتعامل مع ''حماس'' و''حزب الله'' اللذين يرفضان الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، أو نبذ العنف، فقد أوضحت الولايات المتحدة أن شرط التفاوض معهما هو تغيير موقفهما· لكن إسرائيل نفسها تجمعها مباحثات غير مباشرة مع ''حماس'' عبر الوسيط المصري للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة· وبموجب الاتفاق الذي يدرسه الطرفان ستنهي إسرائيل حصارها على غزة مقابل وقف ''حماس'' لإطلاق الصواريخ على إسرائيل· والحقيقية أن المصلحة أحياناً تجعل من أعــــداء الأمس حلفــــاء اليـــوم، وهـــو ما حدث في العراق الذي كانت الإدارة الأميركية تعتبره خــط المواجهة الأمامي ضد ما تسميه الحرب على الإرهـــاب· فقد تحول عناصر التمرد السابقين الذين حاربوا أميركا إلى أعضاء في مجالس ''الصحوات'' السُنية الذين تدفع لهم الولايات المتحدة رواتبهم ويساهمون في خفض مستويات العنف بالعراق، كما سارعت الإدارة الأميركية إلى إعلان تأييدها لاتفاق الدوحة بين اللبنانيين، رغم أنه أعطى لـ''حزب الله'' حق الفيتو على قرارات الحكومة اللبنانية· وفي الوقت الذي ستواصل فيه الولايات المتحدة رفضها للتفاوض المباشر مع ''حزب الله''، إلا أن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وصفت الاتفاق بين الفرقاء اللبنانيين ''بالخطوة الإيجابية''، بل وتحدثت عبر الهاتف مع المسؤولين السعوديين والمصريين للمساعدة على التوصل إلى حل للأزمة اللبنانية· وفيما يتعلق بتصريحات بوش التي يبدو أنها تناقض سياسة إدارته على أرض الواقع، يقول ''مارتن إنديك'' رئيس معهد بروكينجز: ''بينما كان الرئيس بوش يدلي بخطابه حول المهادنة في الأسبوع الماضي كان حزب الله يسيطر على الحكومة اللبنانية''· وقد جاءت أحداث لبنان، حسب ''إنديك''، لتظهر حاجة الإدارة الأميركية إلى تغليب الاعتبارات البرجماتية على المواقف المبدئية· ويأتي الإعلان عن استئناف المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل ليعطي مثالاً واضحاً على رفض الولايات المتحدة الحديث إلى دمشق، رغم دفاع كل من رئيس الوزراء ''إيهود أولمرات'' ووزير دفاعه ''إيهود باراك'' عن المفاوضات· ويبدو أن السبب وراء تحفظ الولايات المتحدة على التفاوض مع سوريا هو ما حذر منه ''إليوت أبرامز''، نائب مستشار الأمن القومي للرئيس بوش من أن ذلك سيكافئ سوريا في وقت تسعى فيه واشنطن إلى عزلها ومعاقبتها على تدخلها في لبنان ودعمها لـ''حزب الله''· هيلين كوبر محررة الشؤون الخارجية في نيويورك تايمز ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©