الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صلاحيات الرئيس الأميركي في زمن الحرب

صلاحيات الرئيس الأميركي في زمن الحرب
24 مايو 2008 01:35
من السهل أن ينغمس المرء في تعقيدات تكنولوجية فيما يتعلق ببرنامج الرئيس الأميركي ''بوش'' الخاص بمراقبة الإرهاب، ففي جوهره، فإن البرنامج يُدخل إشرافاً إلكترونياً لا مبرر له على المكالمات الهاتفية الدولية ورسائل البريد الإلكتروني، حتى تلك التي تبدأ في الولايات المتحدة وتنتهي في داخلها، لقد تم تطبيق البرنامج بشكل سري في عام ،2001 وقد تم توسيع ذلك البرنامج -كشفت عنه النيويورك تايمز- من قبل الكونجرس في أغسطس من العام 2007 في ''قانون حماية أميركا''· يجري التفاوض بين الكونجرس والبيت الأبيض بعد التمعن في هذه القضية الدستورية المهمة، من هو الذي يقرر ما إذا كان البرنامج يرسم توازناً صحيحاً بين الحقوق المدنية والسلامة الوطنية، أي هل يتعارض القانون مع التعديل الرابع الذي يمنع التفتيش ''غير المعقول''؟ لقد كان موقف إدارة ''بوش'' ثابتاً ومتصلباً، وقد أعرب عن ذلك الموقف ''ألبرتو جونزاليس'' -النائب العام السابق- على الوجه التالي: المادة 2 من الدستور تقول ''إن السلطة التنفيذية هي موكولة إلى الرئيس'' وهو ''القائد العام للقوات المسلحة''، تلك السلطة وفق ما ذكر ''جونزاليس'' تتغلب على أي عمل يقوم به الكونجرس في زمن الحرب· المفترض أنه إذا دعت مصلحة الأمن في زمن الحرب إلى اتخاذ إجراءٍ ما، فإن الرئيس يستطيع من جانب واحد أن يضع الأميركيين تحت المراقبة في أي مكان، وتوقيفهم إلى أجل غير مسمى، وتفتيش سجلات المكتبات، ومخاطبات الأمن القومي، وسجون وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وتصريحات ''المحاربين الأعداء''، والمحاكم العسكرية وتقنيات التحقيق التي قد تكون مخالفة لالتزاماتنا بموجب المعاهدات· يقول القاضي ''روبرت جاكسون'' إن الأمر ليس كذلك، مؤيداً ما جاء في قرار محكمة الاستئناف الأميركية عام 1952 في قضية ''يانجستون آند تيوب'' -الذي حجب عن الرئيس ''هاري ترومان'' سلطة وضع اليد على معامل الفولاذ- وكتب ''جاكسون'' يقول: عندما يتخذ الرئيس إجراءً بموجب تفويض من الكونجرس ''تكون سلطته في حدها الأعلى''، ثانياً، في حالة أن الكونجرس لم يعط السلطة كما لم يحجبها، ''تنشأ حالة من الغموض تكون فيه سلطة الرئيس والكونجرس متوازية، أو يكون فيه توزيع السلطة غير مؤكد''، ثالثاً، عندما يتخذ الرئيس إجراءات تكون غير مطابقة لإرادة الكونجرس -سواء صراحة أو ضمناً- ''فإن سلطته تكون في حدها الأدنى''· البرنامج السري لمراقبة الإرهاب، يقع في الفئة الثالثة، فقد اتخذ الرئيس إجراءاته في وجه منع قانوني محدد ضمن قانون مراقبة المخابرات الخارجية، معظم الرؤساء، عندما يظنون أن قانوناً ما أصبح قديماً أو عديم الجدوى، أو غير حكيم، فإنهم يطلبون من الكونجرس تعديل أو إلغاء القانون، غير أن الرئيس ''بوش'' اتخذ الطريق الأقصر، فقد حاول على مدى سنوات إلغاء قانون مراقبة المكالمات الخارجية بنفسه عن طريق تجاهل بنوده· إن ادعاءات الرئيس الزائفة بسلطاتٍ تنفيذية غير محدودة، هي الآن تدور في مكانها، فمؤخراً في جملة من القرارات -رفعت ضد رامسفيلد وبوش- رفضت محكمة الاستئناف مرة أخرى فكرة أن السلطة التنفيذية تستطيع أن تفعل ما تشاء في زمن الحرب، بغض النظر عن استشارة الكونجرس· ونتيجة لذلك، فقد جُرت إدارة ''بوش'' مذعنة مستغيثة بتفويض الكونجرس، لقانون معاملة الموقوفين ،2005 وقانون اللجان العسكرية ،2006 وقانون حماية أميركا ،2007 ومشروعي قانونين لإعادة تفويض برنامج مراقبة الإرهاب· ربما أن الكونجرس سوف يتخذ الخيارات السياسية الخاطئة عندما يُعيد النظر في البرنامج، إذا كان الأمر كذلك، فإن من المحتمل جداً أن يُقدَّم تحدٍّ دستوري من قبل إحدى مجموعات الحقوق المدنية أو أكثر من مجموعة، بيد أن صدور أحكام خاطئة من قبل الكونجرس، سوف يكون من الصعب تحديها على أسس دستورية تحت قاعدة ما نص عليها قرار المحكمة في قضية ''يانجستون''، ذلك أن سلطة الرئيس تكون ''في أوجها'' عندما يتصرف بتفويض صريح من الكونجرس، إن ما يعنيه ذلك، بطبيعة الحال، هو أن الالتزام بالدستور لا يحمينا دائماً من القوانين الرديئة، ومع ذلك، وحتى إذا كان الدستور غير كافٍ كمرشد، فإنه بكل تأكيد مُرشد ضروري· لسنوات عديدة، كنا نغامر بفقدان حقوق مدنية مهمة من خلال عدم التصدي للتجاوزات التي ترتكبها السلطة التنفيذية، ربما أننا ما زلنا نواجه ذلك الخطر، ولكن وبفضل وسائل الإعلام، والمحاكم، و-مؤخراً-معارضة أصبحت أكثر نشاطاً في الكونجرس، فقد استسلمت الإدارة أخيراً إلى القبول بطيف من الرقابة من قبل الكونجرس، حتى وإن كان التدقيق القضائي ما زال غير كافٍ· إن ادعاءات الرئيس الزائفة فيما يتعلق بسلطات غير محدودة، هي الآن، موقوفة، إن ذلك يشكل السابقة الدستورية الصحيحة، حتى إذا ما نتج عنها في نهاية الأمر نتائج سياسية خاطئة، وعلى المدى الطويل، فإن السابقة هي أكثر أهمية من أحكام السياسة المؤقتة، وقد أعربت القاضية ''ساندرا أوكونر'' عن قرارها في قضية ''حمدي''، واضعة يدها على المبدأ الأساسي الذي تنطوي عليه بقولها: ''مهما كانت السلطة التي يتصورها الدستور الأميركي بالنسبة للسلطة التنفيذية في زمن الحرب، فإنها بكل تأكيد تطرح تساؤلات حول أدوار فروع الحكومة الثلاثة، عندما تكون في الميزان قضايا الحريات المدنية للأفراد''· إدوارد كرين وروبرت ليفي رئيس وكبير الزملاء للدراسات الدستورية لمعهد كيتو بواشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة مصباح الحرية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©