الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صحة تشافيز... لماذا كل هذه السرية؟

6 يناير 2013 22:26
سارة ميلر لانا مكسيكو سيتي وصفت حكومة الرئيس هوجو شافيز حالته الصحية لأول مرة بـ«الخطيرة» عقب العملية الجراحية التي خضع لها في الحادي عشر من ديسمبر المنصرم في كوبا بعد إصابته بالسرطان من جديد. ولكن هذا الإعلان من غير المرجح أن يضع حداً لطاحونة الشائعات التي دارت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية في ذلك البلد الأميركي اللاتيني. ويقول جيرولد بوست، الذي ساهم في كتابة مؤلف بعنوان «عندما يمرض الزعيم، معضلة الملك الأسير» وهو أيضاً مدير برنامج علم النفس السياسي بجامعة جورج تاون: «إن هذا النوع من التكتم على صحة الزعيم نمط قديم». وبغض النظر عما إن كان ذلك يمثل قاعدة أم لا، فإن غياب الأخبار هو الذي يدفع الناس إلى الحديث ويطلق العنان للتكهنات والشائعات. وما على المرء سوى القيام بإطلالة على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت ليقف على حجم التكهنات المتعلقة بفنزويلا منذ أن سافر شافيز إلى هافانا طلباً للعلاج الشهر الماضي، ولم يُسمع منه تصريح منذ ذلك الوقت. إنه بخير. لقد مات. إنه في غيبوبة. إنه موصول بأجهزة الإنعاش. إنه يتماثل للشفاء... إن أي سيناريو ترغب في تصديقه قد طُرح، ويعزى ذلك في المقام الأول إلى حقيقة أنه لا أحد يعرف حقيقة الموقف. ذلك أنه منذ أن أعلن شافيز أول مرة عن إصابته بالمرض، في عام 2011، لم يقدم أي تقرير طبي معلومات أو تفاصيل دقيقة حول ما يعانيه أو ما هي احتمالات الشفاء. فالحكومة تقول إنها تطلع الجمهور على حالته الصحية، مثلما يرغب الرئيس نفسه في ذلك، ولكن تقاريرها في الواقع تثير من الأسئلة أكثر مما تقدم من أجوبة، في وقت تتهم فيه المعارضة بنشر الشائعات في إطار «حرب نفسية». ومن جانبها، تشعر المعارضة بالغضب وتطالب بمزيد من التوضيحات وبإخبار الشعب الفنزويلي بـ«الحقيقة الكاملة» بخصوص وضع زعيم البلاد. والواقع أنه حتى في حالة الرئيسين الأميركيين السابقين رونالد ريجان إلى فرانكلين روزفلت، كانت الحالة الصحية للزعماء تُحفظ بعناية من قبل الإدارات. وفي مثال يشار إليه في أحيان كثيرة، فإن الرئيس الفرنسي الأسبق ميتران أخفى عن الجمهور حقيقة إصابته بالسرطان لأكثر من عقد من الزمن. ويقول الدكتور بوست في هذا الصدد: «ومع ذلك، فقد كان الطبيب يقول كل عام إنه يتمتع بصحة جيدة». وفي بعض الأحيان، تعكس السرية عادات اجتماعية وتاريخية مختلفة حول الخصوصية وحق الجمهور في المعلومة. وفي العديد من الحالات شكلت أيضاً جهداً يهدف إلى عدم تقليص تفويض الزعيم. ولكن في عصر وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد هذه السرية محتمَلة -أو حتى ممكنة. وعلى سبيل المثال، فإن الوضع الصحي الأخير لزعماء أميركيين لاتينيين آخرين مصابين بالمرض، مثل رئيسي باراجواي والبرازيل، سرعان ما وصل إلى علم الجمهور. والحقيقة، يقول بيدرو بوريلي، والعضو السابق في المجلس التنفيذي لـ«بتروليوس دي فنزويلا» وهو أيضاً محلل سياسي في واشنطن حالياً معروف بانتقاده لشافيز، هي أن الزعيم اختار العلاج في كوبا، التي لا توجد فيها صحافة حرة، من أجل ضمان السرية. ويقول بوريلي في هذا الصدد: «إن الاختيار الطبيعي يفترض أن يكون البرازيل»، وذلك لأنها تفخر بكونها من بين أفضل مراكز علاج السرطان في أميركا اللاتينية. كما أنها المكان الذي عولج فيه زعماء آخرون من المنطقة. ولكن في دولة ديمقراطية لديها صحافة قوية، يقول بوريلي، «خشي تشافير أن تتسرب معلومات (حول حالته)». ولذلك، فقد اختار «علاجاً أقل من مثالي» في كوبا حتى يبقي على حقيقة حالته الصحية طي الكتمان. وفي عام 2006، تنحى فيديل كاسترو عن الحكم بشكل مؤقت، ثم بشكل نهائي في عام 2008، بعد أن أُعلن أن أزمته الصحية مجرد مشكلة تتعلق بالأمعاء وظلت «سراً من أسرار الدولة» منذ ذلك الوقت. ولكن مع مرور السنوات، عج «تويتر» بالتكهنات حول حقيقة وضعه الصحي، وخاصة بعد فترة طويلة قضاها بعيداً عن الأضواء. وعلى نحو لا يمكن تفاديه، ظهر كاسترو مرة أخرى، إما على التلفزيون أو من خلال اسمه مكتوباً على مقال له على صفحات صحيفة «جراما» التي تديرها الدولة. ويرى محلل سياسي آخر أنه في حالة الزعماء مثل كاسترو وشافيز، تكون السرية مرتبطة بعجز عن تخيل بلديهما بدونهما إذ يقول: «إننا نتحدث عن (شخص)، ربط هويته الخاصة بهوية فنزويلا». والواقع أنه من الممكن جداً أن أحدث إعلان بشأن الوضع الصحي لشافيز من قبل وزير الاتصال والإعلام الفنزويلي، أرنستو فيليجاس، يمثل خطوة نحو الشفافية من جانب الحكومة. ولكن الفنزويليين، في الوقت الراهن، يتساءلون حول أسباب قيامه بهذا الإعلان، وخاصة أنه تحاشى الإشارة إلى تنصيب شافيز المقرر في العاشر من شهر يناير الجاري -بعد فوزه بولاية رابعة في انتخابات السابع من أكتوبر الماضي. ولكن بدلا من ذلك، ندد فيليجاس بـ«الحرب النفسية التي تشنها وسائل إعلام حول صحة رئيس الدولة، بهدف زعزعة استقرار الجمهورية الفنزويلية». وعليه، يمكن القول إن حسابات «تويتر» ستظل نشطة وحافلة بالتكهنات على الأرجح، إلى حين تقديم الحكومة لمزيد من التوضيحات. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©