الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة واللغز

18 ابريل 2017 23:51
فتاة ذات حسن وجمال وأخلاق تزوجها رجل من عشيرتها، وبعد مدة عام من زواجه خرج للصيد ومعه أبناء عمه وأصدقاؤه، وعن طريق الخطأ قتل أحد أبناء عمه، فحزن لذلك حزناً شديداً رغم عفو أهل المقتول.. ورحل عن دياره وأقربائه ليطيب خاطرهم بالبعد عن الأهل والأقارب وتوجه إلى ديرة ثانية، وكان يجلس كل ليلة عند الشيخ في مجلسه، كما هي عادات الرجال في السابق يذهبون عند شيخ القبيلة للسمر وتدارس أمورهم، وفي أحد الأيام مر الشيخ من عند بيت الرجل وشاهد زوجته، وكانت في غاية الجمال تسحر الألباب، وبقيت عالقة في ذهنه. وخطرت له فكرة أن يبعد الزوج عن البيت وفي مجلسه قال لجماعته: «الديرة الفلانية يقال إن فيها ربيعاً وأريد أن أرسل إليها رجالاً يتأكدون لنذهب هناك».. واختار ثلاثة من الرجال ومن بينهم زوج المرأة الجميلة، وقال له إننا لا نريد أن نكلفك ولكني سمعت أنك خبير في الطرق، والمكان الذي ذكره يستغرق الذهاب إليه ثلاثة أيام، وذهب الفرسان من عنده، وعندما أرخى الليل سدوله وانتظر إلى أن ينام الناس سار إلى بيت الرجل، حيث لم يكن سوى المرأة وحيدة وكانت نائمة، وقبل أن يصل ارتطم في العمود، وأحدث صوتاً!! أفاقت المرأة على الصوت وهي تحمل السلاح وقالت: من في البيت؟ قال: أنا فلان شيخ القبيلة. فقالت: حياك الله بماذا تأمر؟ فأخذ يسأل إن كانوا يحتاجون لشيء وأخذ يتغزل بجمالها. احتارت المرأة وعلمت أن نيته سوء وإذا صاحت قد يتهمها الناس ولا يصدقونها، وإن سكتت ودافعت عن نفسها وقتلته، وقالت إنه أراد أن يعتدي عليّ خافت أن يكذبوها أيضاً وخاصة هي غريبة.. فاهتدت لحيلة تبعده عنها لبعض الوقت وقالت: أنت رجل ونعم الرجل ولا ترد وشكراً لكل ما عرضت، ولكن أريد أن أختبرك وأسألك عن لغز إن حللته فأنا أيضاً يسعدني قربك، فطار من شدة الفرح وقال هاتي ما عندك. فأنشدت تقول: «أنشدك عن غدير الحيا لو جاف/‏ وأنشدك على الملح شدواه لوجاف/‏ وعن اسطورن ماهي بحبر لو جاف/‏ انحصت بيهن العدله والردية». فاحتار في أمره، وقال أمهليني ليوم غدٍ فقالت لك ذلك.. وذهب الشيخ إلى بيته بخفي حنين، وفي الليل كان الرجال جالسين في مجلسه سأل الشيخ السؤال نفسه للمجلس وكل رد على قدر فهمه للموضوع. وكان أحد الشيوخ المحنكين موجوداً في المجلس، وسأل شيخ العشيرة هل صاحب اللغز امرأة أم رجل؟.. قال: امرأة. فتنهد ونظر للشيخ وسكت، إلى أن ذهب الجميع ولم يبق إلا شيخ العشيرة، وذلك الشيخ، وقال له الشيخ: أنت ماجاوبت على سؤالي؟ فرد: أعرف الجواب، ولكنني أردت أن يخلو المجلس ولا نبقى إلا أنا وأنت لأجيبك، فقال: هل تعتدي على أحد؟ فقال: لا، هل أنا أعتدي على أحد، ولكن أخبرني عن تفسير البيت؟، قال: على كل حال أنت قلت صاحب اللغز امرأة وإن كانت كذلك، فهي تعني بقولها «أنشدك عن غدير الحياء لوجاف» تعني إذا طار الحيا من الرأس فلا علاج له وشبهته بالغدير الذي لا يستغني أهل البادية عنه، فإن ذهب وجف هلك الناس وقد قيل قديماً «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» قال هذه واحدة.. قال شيخ العشيرة والثانية.. قال: أما الملح لو جاف فتعني أن الطعام يعالج بالملح حتى لا يفسد والملح هو العلاج، فمن الذي يعالج الملح إذا فسد وتقصد بذلك كبير القوم يحتكم الناس له فإن كان فاسداً فبِمَ يعالَج؟ فسلام على الدنيا، أما السطور التي لم تكتب بقلم حبر أو جاف فتقصد ما يدون من صحيفة الإنسان من أعماله إن كانت أعمال خير أو شر، فكيف ننسى يوم الحساب وكل إنسان كتبت سيئاته وحسناته في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة. فصدم الشيخ من الجواب وكانت هذه الإجابة صحوة لضميره النائم وأصابه الخجل من فعلته، وكتم الأمر ولم يحدث به أحداً! فرح محمد - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©