السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فقراء أميركا وخفض الضرائب

18 ابريل 2017 23:56
كثيراً ما يردد خبراء الاقتصاد الذين يميلون أيديولوجياً إلى السوق الحرة، أن خفض الضرائب من شأنه أن يساعد الاقتصاد الأميركي، بتشجيع الناس على العمل أكثر. وزعم «جريج مانكيو»، الخبير الاقتصادي في جامعة «هارفارد»، والذي يحقق دخلاً كبيراً جداً من كتبه الشهيرة، مراراً وتكراراً أن رفع الضرائب من شأنه أن يثبط الناس عن العمل أكثر. والآلية المفترضة بسيطة، فخفض الضرائب يزيد المبلغ المالي الذي يحصل عليه المرء عن كل ساعة عمل، وهو ما يجعل الناس يرغبون في العمل مزيدا من الساعات. بيد أن هناك آخرين أكثر تشككاً، ويشيرون إلى أن معدل الضريبة الفيدرالية على الدخل الإضافي في ستينيات وخمسينيات القرن الماضي انخفضت من 90 في المئة إلى أقل من 40 في المئة في الوقت الراهن، لكن بدلاً من الارتفاع، تراجع عدد ساعات عمل الموظفين في الحقيقة. وبالطبع، ربما كانت ستنخفض أكثر لو أن التخفيضات الضريبية لم تشجع الناس على مواصلة العمل. غير أن الأبحاث الحذرة التي أجراها خبراء اقتصاد تظهر أن الضرائب يكاد لا يكون لها تأثير على ساعات العمل. وأحد أسباب ذلك أنه مع تراجع الضرائب، يشعر الناس بأنه أكثر ثراء، وبالتالي، لا يشعرون بالضغط من أجل العمل. وبالمنطق ذاته، عندما تقفز الضرائب، يشعر الناس بأنهم بحاجة إلى مزيد من العمل ساعات إضافية من أجل تلبية احتياجاتهم. وهذا هو ما يُطلق عليه خبراء الاقتصاد تأثيرات الدخل. ولعل هناك سبب آخر وراء عدم تأثير التخفيضات الضريبية، هو أن معظم الناس قد لا يكون لديهم رغد اختيار عدد الساعات التي يعملونها، وإنما يختار المدير نيابة عنهم! لذا، يبدو وكأن «مانكيو» وخبراء آخرين يبالغون في تأثيرات التخفيضات الضريبية. ولكن دراسة جديدة تشي بوجود استثناء كبير ومهم، ألا وهو أنه عند خفض الضرائب عن الفقراء، فإنهم يعملون أكثر. وأعد «أوين زيدار»، الأستاذ في كلية «بوث للتجارة» بجامعة «شيكاغو»، الدراسة، التي تظهر الفرق بين خفض الضرائب عن الأغنياء، وتقليصها عن كاهل أصحاب الدخل المحدود. وأوضح أن «خفض الضرائب الذي يصب في مصلحة دافعي الضرائب من أصحاب الدخل المرتفع يتمخض عن نمو أقل، مقارنة بخفضها عن كاهل دافعي الضرائب من أصحاب الدخل المنخفض والمحدود». وأضاف: «إن العلاقة الطردية بشكل عام بين خفض الضرائب ونمو التوظيف يدفعها بشكل كبير خفض الضرائب عن أصحاب الدخل المحدود، ويكون تأثير خفض الضرائب عن الأثرياء، الذين يشكلون 10 في المئة من المجتمع محدوداً». وسلّط «زيدار» الضوء على ما حدث في مختلف الولايات الأميركية، عند رفع أو خفض الضرائب الفيدرالية. وفي بعض الولايات، مثل «كونيكتيكت»، أغنياء كُثُر، في حين أن ولايات أخرى مثل «ميسيسبي» تحتضن كثيراً من الفقراء. وأكد «زيدار» أن التخفيضات الضريبية عززت التوظيف في الولايات الفقيرة، أكثر منها في الولايات الغنية. وللتخفيضات الضريبية تأثير على الطلب الإجمالي، فالأغنياء يدخرون معظم أموالهم، لذا عند خفض ضرائبهم، يميلون إلى إبقاء أموالهم في البنك. ولكن إذا تم خفض ضرائب الفقراء أو أبناء الطبقة المتوسطة فإنهم يميلون إلى إنفاقها، وهو ما يزيد الطلب أضعافاً مضاعفة. ويفضي ذلك إلى زيادة معدلات التوظيف! لذا، إذا كان المطلوب تعزيز الاقتصاد من خلال التخفيضات الضريبية، فينبغي أن تكون لأبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة، وليس الأغنياء. *أستاذ مالية سابق في جامعة «ستوني بروك» يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©