الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحوار مع الأبناء غائب عن منازلنا

الحوار مع الأبناء غائب عن منازلنا
24 مايو 2008 23:19
يؤكد المعنيون بالعلاقات الانسانية والارشاد والتوجيه الأسري أن غياب الحوار وفقدان التواصل والمودة بين الزوجين من جانب، وبين الآباء والأمهات والأبناء من جانب آخر، سبب رئيسي في تصدع وانهيار كثير من المؤسسات الزوجية، وتفكك أركانها، بل يذهبون الى أكثر من ذلك عندما يضعون غياب الحوار في قفص الاتهام، عندما يتعرض أي من أفراد الأسرة لمشاكل سلوكية أواجتماعية أوحياتية نتيجة عدم بالأمن النفسي، وفقدان الانتماء الناجم عن فقدان التواصل الأسري لغياب الحوار· فالآباء يقعون في حيرة كبيرة عندما يلاحظون أبناءهم أسرى الصمت والضجر والنفور داخل المنزل، فيما يعيشون حياتهم المرحة بشكل طبيعي مع أصدقائهم خارج المنزل، فإن هذا الصمت وهذا الغموض المطلق يثير لدى الكثير من الآباء التساؤلات والريبة ويعظم لديهم عقدة الذنب في أحيان كثيرة، وهنا نستذكر قول الرسول الكريم''صلى الله عليه وسلم'': ''كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول''· ونتساءل: هل هي فجوة وصراع بين جيلين؟ أم تحفظ من جانب الأبناء تجاه تصرفات الأبوين وعتاب مكبوت في الأعماق؟ أم افتقاد لجسور التواصل وغياب ثقافة الحوار؟ وما هى الأسباب؟ استطلاع رأي في استطلاع لرأي مائة حالة ''من بين الآباء والأمهات الذين تمت الإشارة إليهم في عدد الأسبوع الماضي''، والذين تم اختيارهم بطريقة عشوائية أشار ''4 في المئة فقط'' من الآباء إلى أنهم ''نادراً ما يستمعون إلى ملاحظات أبنائهم وآرائهم لعدم وجود الوقت الكافي للحوار، بينما أشار ''86 في المئة'' منهم إلى حرصهم على ذلك بصفة دائمة، فيما ذكر''10 في المئة'' منهم أنهم يحرصون على ذلك كلما أتيحت لهم الفرص والوقت، بينما أشار''55 في المئة'' من الآباء إلى اعتمادهم في معرفة أخبار وأحوال أبنائهم على الأم، بينما أكد ''45 في المئة'' على اتباعهم الطريق المباشر مع الأبناء، هذا وقد أشار'' 36 في المئة'' من الآباء على أن شؤون الأبناء ''أمر يخص الأم فقط'' ولاسيما في مرحلة الطفولة المبكرة والمتوسطة· هذا وقد أيد ''92 في المئة'' من الآباء والأمهات سياسة وأسلوب الحزم في التربية، ونفس النسبة رفضته إن اقترن بالتخويف· فيما ذهب ''88 في المئة'' من الآباء إلى أن مشاكل البنات أمر يهم الأم فقط، وأشار''12 في المئة'' منهم إلى أهمية مشاركة الأم فيما يخص بناتهن وحتى عمر معين، بينما لم يوافق أي من أفراد العينة على أن ''الحوار مع الأبناء مضيعة للوقت''، وأيد جميع أفراد العينة المسؤولية المشتركة في التربية وإن أوكل للأم حق الرعاية والمسؤولية الكاملة لصغار السن، وقد أشار''88 في المئة'' من الآباء إلى اتخاذ كثير من القرارات المتعلقة بأطفالهم دون الرجوع إليهم في حالات معينة تتعلق بمصالحهم ورعايتهم وحياتهم ومستقبلهم إن كانوا في عمر لا يسمح لهم بالتفكير الموضوعي ولا يدركون مصالحهم الحقيقية، بينما أيدوا الحوار مع الأبناء من هم في عمر المراهقة، واضطرارهم لاتخاذ ما يرونه مناسباً من قرارات حتى وإن تعارضت مع ميولهم في كثير من الأحيان· الصداقة والمصارحة وأشار جميع أفراد العينة من الأمهات إلى أهمية الحوار مع بناتهن، والإطلاع على أسرارهن وخفايا أمورهن الشخصية، ولاسيما في مرحلة ما قبل المراهقة، وأكدت''87 في المئة'' من الحالات اتباع أسلوب ''الصداقة والمصارحة''، فيما أشارت''43 في المئة '' منهن إلى صعوبة إقامة الحوار مع الفتيات في مثل هذا السن رغم أهميته، وأبدت ''66 في المئة'' من النساء استعدادهن لتغيير قناعاتهن إذا اقتنعن بوجهة نظر بناتهن، بينما أشارت ''15 في المئة'' من الأمهات إلى عدم الأخذ بأسلوب الحوار في أمور عديدة تتعلق بأمور سلوكية أو أخلاقية، وأنهن يتدخلن مباشرة لفرض آرائهن دون مناقشة أو حوار· واتفقت جميع الحالات على أن الأمور التي يشملها الحوار مع الأبناء هي أمور تتعلق بالدراسة، وشغل أوقات الفراغ، واختيار الأصدقاء، والتعامل مع الزملاء والأصدقاء، والأمورالأخلاقية، والدينية، والعلاقات الإنسانية، والعادات والتقاليد، والأمور الأسرية والمنزلية والمشاكل اليومية التي يتعرض لها الأبناء، والإجابة على تساؤلاتهم واستفساراتهم المتعددة· آراء تقول هناء ''ربة أسرة'':'' لا يختلف اثنان حول أهمية اقامة الحوار مع الأبناء، وأنه أفضل الطرق التربوية للتعامل معهم، وأقصر الطرق الى فهمهم والولوج الى عوالمهم، فالابن عندما يبلغ سن العاشرة مثلاً، يحتاج الأهل لأن يسمعوا منه مشاكله ومعاناته وصداقاته، أين يذهب؟ ومع من؟ وكيف يقضي أوقاته خارج المنزل؟ ومثل هذه الأسئلة قد لا تصل الى إجابات صريحة من الأبناء الذين تربوا على أساليب الضرب والزجر والنهر والعقاب· فكيف لمثل هؤلاء أن يقيموا حواراً طبيعياً مع ذويهم ؟ اننا نجد الأبناء الذين اعتادوا الحوار مع آبائهم خلال فترة طفولتهم أقدر بكثير على فتح حوارات ومصارحات واسعة حول كل شيء مع الأهل، ومن هنا تأتي أهمية الحوار مع الأطفال في سن مبكرة، حتى لو كانت غير واقعية أو غير جدية، المهم أن يعتاد الطفل النقاش والحوار والصراحة، ويعتاد مناقشة والديه في كل شيء· وعندما يكبر الطفل ويصبح من الضروري محاورته خوفاً عليه من الانحراف أو الفشل أو الانجرار وراء الأفكار الهدامة أو صحبة السوء أو غيرها من الأخلاق والتصرفات السلبية· بينما تقول شفيقة سليم'' طالبة جامعية'' : ''ان أكبر ما يعذبني نظرة الشك اذا أتت من عيون أفراد أسرتي، فانها تدل على عدم الثقة، ويعتقدون أنني عرضة للانحراف ، فهل يعقل أن تفتش أمي خزانتي أو حقيبتي وتحاول أن تطلع على خصوصياتي؟ وحينما أسألها عن سبب ذلك تبرر تصرفها بالخوف علي''، وهذه النظرة لا تتأتى الا من غياب الحوار والصراحة وهما أمران ضروريان لفهم هذا الجيل الذي أنتمي اليه''· ويقول معاذ فاضل''طالب جامعي'' ان رفض تقبل الرأي الآخر يفقد الأسرة كيانها وتآلفها ويصبح الأبناء أيضا لا يحترمون الوالدين بالقدر الكافي نظرا إلى أنهم يتمتعون بحرية واسعة يمارسونها دون رقابة الأهل المشغولين بعالمهم الخاص، فانقطاع الحوار الأسري يعني فقدان التواصل بين العائلة الواحدة وقطع أواصر التلاحم والترابط، والمجتمع العربي بحاجة شديدة إلى الحوار لتوجيه الأبناء الذين مازالوا في أول الطريق، ويحتاجون إلى من يرشدهم وينقذهم من الثقافة الغريبة الدخيلة عليهم ويخشى أن تسيطر على عقولهم وافكارهم· وتؤيده نوال صالح ''موظفة'': '' ان كثرة القنوات الفضائية والجلوس أمام الكمبيوتر بالساعات قضى على النشاطات الأسرية المشتركة، وأصبح لكل فرد اهتماماته الخاصة، بالاضافة الى التفاوت الكبير بين الأجيال، فالجيل السابق غير راغب في قبول افكار الشباب ودائما يوجه إليهم الاتهامات، مما جعلهم يلجأون إلى الآخرين لمناقشة قضاياهم ومشاكلهم· خطوات مهمة تشير منى اليافعي الأخصائية النفسية بمنطقة أبوظبي التعليمية الى وجود حالات كثيرة صادفتها خلال عملها المباشر مع الطلاب الى أن هناك مشاكل سلوكية وانحرافية عديدة، كان يمكن تجنبها اذا وجد الحوار، وبنسبة تفوق 75 في المئة، فعندما يتعرض الطفل أو المراهق لمأزق أو مشكلة انحرافية أو سلوكية ، ويشعر بالأمان يعترف أنه خاف أن يصارح والديه في بداية المشكلة لانعدام الحوار والمصارحة أو المكاشفة، أو أنه لا يتوقع من والديه سوى الزجر أو التهكم أو العقاب، ان لم يكن يتعلل بعد وجود الوقت أو الظرف المناسب للحوار والتواصل بين أفراد الأسرة''·وتضيف اليافعي:'' ان السبب في غياب الحوار الأسري، وتراجع قيمة الشورى إلى ثقافتنا التقليدية التي تؤكد المجتمع الأبوي ، بمعنى أن الأب والأم دائمًا مصدر السلطة والقرار''دون نقاش أو حوار'' ، هذا إلى جانب تيار العزلة الذي فرض نفسه حديثًا على المجتمع، بسبب انشغال الآباء في تحصيل الرزق لتدبير احتياجات الأسرة، إلى جانب وسائل الاتصال الحديثة التي تأخذ وقت الكثيرين بشكل منفرد، وليس جماعيًا، فحتى مشاهدة التلفاز يجلس الجميع أمامه في صمت تام، فهناك تقارب جسدي فقط، هذه الأسباب مجتمعة تجعل من الحوار أمرًا غير وارد، وبالتالي تغيب الشورى بين أناس يغيب بينهم الحوار أصلاً· فالحوار الأسري يفشل في حال عدم ادراك أهميته وآدابه وضوابطه، وعدم وجود أرضية مشتركة للتفاهم بين الزوجين
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©