الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرحة فلسطينية ذاكرة تحارب النسيان

فرحة فلسطينية ذاكرة تحارب النسيان
24 مايو 2008 23:55
إلى أجواء أسطورة ''زوربا'' الشهيرة، ومناخات رواية ''العجوز والبحر''، لآرنست همنجواي، حاول المخرج الفلسطيني يوسف علاري أن يأخذ مشاهدي فيلمه التسجيلي ''فرحة فلسطينية''، فإذا كان زوربا تعوّد أن يواجه مصائبه بالصمود وبالغناء والرقص والإصرار على الحياة، وإذا كانت رواية همنجواي ارتبطت بفكرة أنّ الإنسان يهزم أكثر من مرة ولكنه لا ينكسر ويستمر حتى تنتصر إرادة الحياة، فإنّ علاري استطاع أن يلتقط من وقائع عرس فلسطيني حقيقي ما يحاكي مثل هذه الأفكار، فاختار للبداية كلمات مؤثرة للفنان الشعبي نعمان الجلماوي الذي أحيا الحفل، تحكي قصة الدمار في محيط مقر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في رام الله، وتصفه بأنّه كان دماراً وقصفاً ''غير عادي''، لكنه كسر البناء والجدار ولم يكسر ''الإرادة''، واختار للنهاية قصيدة محمود درويش ''طوبى لشيء لم يصل''، ليذكرنا بدرويش وهو يقول: هذا هو العرس الذي لا ينتهي في ساحة لا تنتهي في ليلة لا تنتهي هذا هو العرس الفلسطينيّ· هذا الطرح المنطلق من رؤية لمعنى الفرح الفلسطيني وقيمته في حياة شعب لا يملك ما يحارب به محاولات تذويبه وإفنائه سوى التشبث بالذاكرة، يكتسب أهمية مضاعفة في هذه الأيام بالذات، حيث عرض الفيلم قبل أيام قليلة على ذكرى مرور 60 عاماً على احتلال فلسطين أو النكبة، وكأن المخرج أراد أن يقول في رسالته إن أعوام الاحتلال الطويلة وما جرى فيها من مصادرة وطمس وتشويه للهوية الفلسطينية، خاصة على صعيد التراث، لم تفلح في طمسها أو تغييبها عن أذهان الفلسطينيين لا في الداخل ولا في الشتات· فالفيلم ليس سوى توثيق أو تسجيل حي لعرس حقيقي جرى في أبوظبي، حيث احتفل العروسان فراس وهناء بزواجهما أمام عدسة المخرج علاري، فوظف المناسبة السعيدة في إنتاج فيلم تاريخي عرض مؤخراً بحضور عدد من ممثلي وسائل الإعلام والصحافيين· 55 دقيقة من الفرح والفيلم الموسوم بـ ''فرحة فلسطينية'' فيلم من النوع التسجيلي الذي يوثق طقوس العرس الفلسطيني التقليدي في 55 دقيقة، غايتها كما يقول المخرج علاري: ''توثيق التراث الفلسطيني لحفظه من الضياع في ''الشتات''· ويضيف: ''اقترحت فكرته على اللجنة الاجتماعية في السفارة الفلسطينية فقاموا بدورهم بالتنسيق مع العروسين والتحضير لحفل الزفاف الذي عقد في السفارة الفلسطينية في أبوظبي، بمشاركة وحضور نحو 700 شخص، استطاع الفيلم أن يجعل منهم جزءاً من أبطاله''· ويوثق الفيلم الذي تم تصوير بعض أحداثه في بيت عائلة فلسطينية بأبوظبي مراحل العرس، بدءاً من ''الجاهة'' أو ''الطُلبة''، عندما يذهب أهل العريس لطلب العروس من أهلها، ويشترطون الموافقة على طلبهم حتى يشربوا القهوة المقدمة لهم، ثم يرصد احتفالات ما قبل العرس التي تشمل ليلة الحناء، وتتنقل الكاميرا على نحو مشوّق بين غرفة احتفال النساء والصبايا وبين احتفالات الشباب، وتبرز كلمات وألحان الأغاني في المكانين التناقض في الأجواء، فالصبايا يودعن العروس بالأغاني الحزينة التي تعبّر عن مشاعرها لفراق بيت الأهل والأحباب، وتخوّفها من الأجواء الجديدة التي ستعيشها مع عائلة جديدة، وفي المقابل تجد الأجواء حماسية عند الشباب، حيث العريس يستعد ليضيف لعائلته فرداً جديداً، وأصدقاؤه يدقون الأرض بأقدامهم في دبكاتهم الحماسية ضمن ليال ما يعرف ''بالتعاليل''، التي تمتد نحو أسبوع قبل يوم الزفاف· ويفـــرد المخــــرج حــــيزاً خاصــــاً لما يعــــرف بـ ''حمام العريس'' حيث الحلاق يحلق شعر العريس ويزينه، وسط كلمات يغلب عليها عادة الفكاهة والمزاح، فالأغاني تحذر الحلاق أنّه إذا ''سال دم العريس'' أثناء حلاقة ذقته، سوف يسيل دمه هو الآخر، ثم تأتي الفقرة الأكثر فكاهة عادة في تقاليد العرس الفلسطيني، حيث يضرب العريس من قبل أصدقائه بنوع من المزاح، وهو طقس يمزج عادة بين إغاظة العريس قبل الزفاف وبين التعبير عن غيرة الشباب الذين ينتظرون دورهم في الزواج· حصان العر يس بعد هذه المشاهد يعرض الفيلم قدوم العريس وعائلته على ظهور الخيل لأخذ العروس، وهنا يختصر الفيلم المرحلة بحضور العريس وأهله لساحة العرس، وأداء المشهد، أمام الحضور، في الساحة التي جرى فيها العرس في أبوظبي، لأخذ العروس، وطلبها للخروج من بيت أهلها مع أهل العريس، وفق التقاليد التي تجري عادة في بيت أهلها الفعلي· ويستمر الفيلم بالمرور على فقرات العرس، من ''تلبيس الذهب'' وتقديم الهدايا النقدية للعروسين ''النقوط'' وسط أغان غاية في الحماس والإتقان أداها الفنان نعمان الجلماوي، أشهر فناني فلسطين في مجال أغاني الأعراس ''الحدّاية''، بمشاركة منقطعة النظير من الحضور، الذين تحولوا، وهم من شتى المناطق الفلسطينية، ومن أبناء مواطني دولة الإمارات والجاليات الأخرى المقيمة، إلى جزء من الفيلم، عندما أدوا أدوارهم كما لو كانوا أفراداً حقيقيين من عائلتي العريس والعروس، ليشاركوا بفقرات الزفاف بنشاط وفعالية تحاكي تماماً النشاط المتوقع من عائلات العروسين الفعلية· واستطاعت لقطات المخرج المتعددة من تصوير تعابير الحضور ومشاركتهم، وتوظيفها في سياق الفيلم ولاسيما فقرات الدبكة التي كانت غاية في التنسيق والعفوية· وقال مجدي عطاري المشرف الإعلامي على الفيلم إنّ عرض الفيلم على الإعلاميين هو بداية لبرنامج يبتغي ترويجه وعرضه على العديد من القنوات التلفزيونية الفضائية، وتسويق وتوزيع شريط الفيلم للجمهور، ليكون وثيقة ضمن الوثائق الوطنية التي تحفظ الهوية الفلسطينية· مما يذكر أنّ فيلم ''فرحة فلسطينية''، وهو من إنتاج فرقة ''البيارة'' يُضاف إلى نشاطات اللجنة الاجتماعية الفلسطينية في أبوظبي، التي بدأت العمل منذ ما يقارب ست سنوات، نظمت خلالها ما يزيد على تسعين فعالية، وهو الفيلم الثاني الذي تنتجه اللجنة بعد رعايتها إنتاج فيلم ''السيرة والمسيرة''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©