الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«زوجات مهجورات».. وشريك الحياة خارج قفص الاتهام

«زوجات مهجورات».. وشريك الحياة خارج قفص الاتهام
14 مارس 2014 21:59
هناء الحمادي (أبوظبي) - تخلى عنها زوجها بعد «عشرة عمر» تقارب 18 سنة، هجرها من أجل الزوجة الثانية، وخوفاً من أن يعلم بأمرها أحد من أهلها جعلت «مريم.ص»، الأمر سراً، ومنذ هجران زوجها لها، أصبحت المسؤولة الأولى عن تربية الأبناء، حيث لم يفكر الزوج ولو مرّة واحدة في السؤال عن أحوالهم أو مستوى معيشتهم وكيف يواجهون الحياة.. وكما تقول: رغم محاولات الاتصال به أو سماع كلمة منه يُعلن فيها أنه غير مسؤول عنَّا، وعليَّ أن أدبر شؤون أبنائي بنفسي، حتى أشعر بالراحة النفسية، إلا أن مريم سرعان ما تسأل نفسها «كيف لي رعاية أبنائي الخمسة، وأنا مكتوفة اليدين، لا أقدر على تقديم طلب مساعدة، إلا بعد أخذ موافقته الشخصية، علماً أنه لا يعرف شيئاً عنا». وعلى الطرف الآخر، هجر سالم مبارك زوجته، وترك لها عدداً من الأبناء، لا تقدر على رعايتهم وتربيتهم، أو حتى الحصول على مساعدة من الجمعيات الخيرية، والسبب أنها غير مطلقة، وليس لديها ما يثبت هجران زوجها لها. مريم وغيرها من النساء تحت مسمى «نساء مهجورات»، يعانين الكثير لعدم قدرتهن على الحصول على أي دعم مالي من أزواجهن، أو من جهة أخرى لأنهن لم يحصلن على الطلاق الذي بوقوعه تحصل المرأة المطلقة على نفقة لها ولأطفالها تمكنها إلى حد ما من العيش، وهنا يتحوّل الأمر من «الكوميديا» إلى المأساة، وتصبح الزوجة المهجورة تحمل تبعات الحياة الثقيلة، التي لم يستطع الزوج الهارب تحملها، ناهيك عن أن الزوجة المسكينة تصير معلقة بين السماء والأرض، فلا هي متزوجة، ولا هي مطلقة! تزايد الأعداد من هنا نجد أن الزوجة المهجورة وقعت ضحية رجل غادر زوجته من دون سؤال، أو طلاق أو حتى خبر في ورقة صغيرة، وعن تزايد أعداد النساء المهجورات، ذكر جاسم المكي رئيس قسم الإصلاح والتوجيه بمحاكم رأس الخيمة، أن عددهن وصل عام 2012 إلى 36 حالة، بينما في العام الماضي 46 حالة، بزيادة 10حالات، ويرجع سبب ذلك من خلال ملفات القسم نتيجة عدم الانصياع لأوامر الزوج، والبعض الآخر من الأزواج يتهرب من مسؤولية تربية وإعالة وتحمل نفقات المنزل من الألف إلى الياء، غير ذلك يفضل الرجل الزواج بالثانية، لكن نظراً لمفهوم «عشرة العمر»، الذي جمعته بالأولى يفضل هجرها بدل تطليقها، وذلك مراعاة للأبناء، أو خوفاً من ردة فعل أهل الزوجة الأولى من «القيل والقال». ويضيف: أيضاً قد يكون السبب من الزوجة نفسها التي تفضل الهجر، بدل من أن تحمل كلمة «مطلقة» بعد هذا العمر، وتفضل أن تصبح ضمن فئة «النساء المهجورات». المكي أوضح أن الزوجات المهجورات مشكلة لم تكن معروفة في مجتمعنا، وأسبابها كثيرة، لكن عجز الأب عن إعالة أسرته من أكثر الأسباب انتشاراً هذه الأيام، حيث يجد الزوج نفسه غير قادر على الإنفاق على أسرته، ويصبح هو نفسه عبئاً عليها، فيهرب اعتقاداً منه أنه يخفف الحمل، وهنا مهما تعددت الأسباب، فإن دور قسم الإصلاح والتوجيه يحاول أن يعدل بين قرار كل من الزوجين، فيقدم النصح والإرشاد لكليهما حتى لا يؤثر ذلك على نفسيات ورعاية الأبناء وتحصيلهم الدراسي أو العملي، لكن إن أصر إحداهما على عدم استمرار العلاقة الزوجية أو استمرارها شكلياً أمام الأهل والناس، فإن البعض من الزوجات يلجأن إلى المحكمة الشرعية في حالة هجران الزوج لهن فترة طويلة، وعدم تحمله نفقات إعالة الأبناء، خاصة إن كانت الزوجة ليس لها دخل آخر لتربية أبنائها، والبعض الآخر من السيدات يفضلن الصمت والسكوت خوفاً من نظرات الناس و«القيل والقال»، وأحياناً تتحمل موقفها نتيجة إصرارها على الزوج التي ارتضت به رغماً عن موافقة أهلها. حالات هجران بعد البحث لكثير من حالات الهجر في ملفات المحاكم ومكاتب التوجيه الأسري، لم نجد أمام الأعين الدامعة والوجوه التي لم تعرف الابتسامة منذ سنوات، إلا أن نسمع حكايات المهجورات، فهذه حالة أخرى لا تختلف كثيراً عن «مريم. ص»، تتحدث بحسرة وقد سبقت دموعها كلماتها، فقد ارتبطت فاطمة حميد عبر زواج تقليدي من شاب خليجي، فأنجبت طفلها الأول، وهنا بدأت تظهر بوادر الأزمة، فهو غير مقتنع بها كزوجة على الرغم مما تبذله من جهد لترضية. وتصف رحلة الهجران: أخذ زوجي يتغيب عن البيت أياماً، لم أكن أعرفه عنه إلى أين يذهب؟، ثم يعود ليبقى معي أياماً يختفي بعدها، ويتكرر هذا السيناريو مرات عدة، ولم يكن يعلم الأهل بذلك إلى أن أصبح لديها 3 أبناء، عندها لم أرى زوجي الغائب فترة طويلة ورغم سؤالي عنه، لدى أهله إلا أن الصمت كان الرد الذي لم يشفي كل التساؤلات التي كانت تدور في رأسي من حينا لآخر، عن سبب هجرانه لعائلته التي تركها بلا معيل، لكن رغم ذلك عملي بوظيفة جيدة جعلني أعتمد على نفسي في تربية الأبناء وخلال فترة غيابة الطويلة دفعني الحال إلى اللجوء للمحكمة لطلب الطلاق، وما زال الأمر معلقاً حتى الآن لتكشف لي الأيام مؤخراً أنه متزوج من فتاة أخرى من نفس الدولة الخليجية التي يسكن بها. مصارحة الزوج ولجأت خلود التي رفضت ذكر اسمها الثاني إلى المحكمة الشرعية في أبوظبي لرفع دعوى ضد زوجها، وطالبت فيها بالتفريق بينهم بسبب الضرر المادي والمعنوي الذي أصابها، حيث تزوجت وكانت تتمنى أن تكون لها أسرة، لكن معاملته القاسية وإفصاحه لها أنه تزوجها إرضاءً لرغبة الأهل بعد الضغط عليه جعلها تشعر بالصدمة منذ اليوم الأول والشعور بالنقص. وأضافت: شعرت بالذعر والخوف، ولم أدر ماذا أفعل، هل أصبر عليه بعد أن صارحني بعدم حبه لي وزواجي لتحقيق رغبة أهله، وأنه قرر أنه لن تدوم عشرتنا مهما كانت النتيجة، فوجدت نفسي بين خيارين كلاهما مر، هل أتركه وأنا لم أكمل 24 ساعة أم أتحمل ونعيش في منزل واحد كالإغراب؟ وتابعت: قررت الصبر وعندما صارحت والدتي، قالت لي لا يوجد طلاق بالعائلة فتحلي بالصبر، والعشرة ستجعله يحبك، فوافقت، ولكن كل يوم كان يمضي كان يتصرف معي بشكل بشع وبعد سته أشهر صارحني أنه سيتزوج التي يحبها وأهله اشترطوا عليه أن أظل على ذمته لإتمام الأمر، فلم أصدق الأمر وأنا التي لي 6 أشهر متحملة العيش مع هذا الإنسان، فطلبت منه الطلاق فرفض، ويريد أن أعيش معه على الورق، ويأتي لي بزوجة ثانية. امرأة معلقة الاستشارية الأسرية الدكتورة غادة الشيخ، من واقع عملها وتجارب الكثير من النساء المهجورات اللاتي يبحن لها بهمومهن ومعاناتهن من أن الزوجة المهجورة تكون أكثر عرضة للمرض النفسي، بالتالي تصاب بالاكتئاب، حيث لا تستطيع أن تتحمل كونها زوجة معلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة، تذكر أن الأسباب التي تؤدي إلى الهجران بقولها: يحدث الهجران إما بسبب عدم التفاهم من الناحية الزوجية، أو انتقام الزوج نتيجة تراكمات زوجية سابقة دفعت به إلى هجرانها لكسرها عاطفياً ونفسياً أو نيته الزواج من الثانية على حساب رفض الأولى التي ترضخ في نهاية الأمر من أجل تربية الأبناء، حتى لا يتأثروا نفسياً بانفصالهم، أو أن الزوجة تهجر الفراش بسبب الزوج وعدم قدرته على القيام بواجباته الزوجية والعكس، خوفاً من الفضيحة، أو كلام الأهل ترضخ للأمر الواقع، أيضاً لا ننسى انشغال الزوج بمواقع التواصل الاجتماعي وكثرة خياناته المتكررة، وخوفاً من انهيار الحياة الزوجية تعيش الزوجة في غرفة والزوج في غرفة أخرى، وذلك من أجل استمرار الحياة الزوجية شكلياً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©