الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هيفا

هيفا
12 يوليو 2009 00:33
يحلو لمحبي الشاعر أبو الطيب المتنبي، وهم كُثر، أن يصفوه بمالئ الدنيا وشاغل الناس ذات عصر مضى، وبعيداً عن أي محاكمة موضوعية تسعى لتبيان مقدار صحة هذا القول، لا يمكن لمقاربة راهنية منصفة إلا أن تلحظ أنَّ من كانت الخيل والليل والبيداء تعرفه قد أخلى مكانه، وتخلَّى عن مكانته، للنجمة هيفا.. ذلك أنَّه ليس سراً أنَّ سيدة «الواوا» تسير اليوم قدماً نحو ملء دنيا السينما، بعد أن شغلت أهل الغناء لسنين خلت.. بالتأكيد ثمة مفارقة صارخة، بل هي موجعة ربما، أن تكون وريثة المتنبي، بقامته الشامخة، وحضوره الصاخب، أنثى تقتصر إمكاناتها على مقاييس جسدية مستوفية للشروط المرعية الإجراء في زمن العولمة الجسدية، يضاف إليها بعض مقومات الإغراء المفبركة، لكنَّها الحقيقة التي لا يجدي التغاضي عنها في نفيها أو تسخيفها أو تسفيهها.. عندما غنت هيفا بدا صوتها أقل من عادي، لكنَّ طموح عارضة الأزياء العازمة على التحول نجمة من نجوم الصف الأول، والتي تدين بجزء رئيسي من نجوميتها إلى فضيحة مخملية الطابع، كان طاغياً، تلقت يومها الكثير من سهام النقد والرفض، فلم تتردد في رد الحجر (الحجار) من حيث أتت، ولم تجد حرجاً في القول إنَّها، وإن لم تكن تملك الصوت الآسر، فهي صاحبة إطلالة استثنائية، تمنحها حضوراً استعراضياً ساحراً، اتُّهمت يومها بأنَّها تستخدم جسدها في تدعيم حضورها الفني، قالت بغنج بات مألوفاً: «لمَ لا؟! فجسدي ملكي، ولستُ أقترض شيئاً من أحد»!! اليوم، وبالثقة البديهية نفسها، نرى هيفا تقتحم مضمار التمثيل، ثمة أسماء لامعة في «دكان شحاتة»، لكنَّ وفرتها وتميز أصحابها، لم يمنع الناس والنقاد على حد سواء من وصف الفيلم، والتعامل معه، على أنَّه فيلم هيفا الأول، قد تبلغ المفارقة ذروتها إذا تنبهنا لوجود غادة عبد الرازق، التي تميزت ذات موسم رمضاني سابق، بدور نعمة الله، والتي قيل الكثير عن عدم اعتنائها بالحشمة في أدوارها المتعددة، وفقاً لهذا التوصيف تصير مساهمة هيفا التمثيلية نوعاً من التعرض لـ«نعمة الله» في معقلها الحيوي، غادة قبلت التفوق الهيفاوي بروح رياضية احتاج تبلورها لجرعة عالية من موهبة التمثيل.. ما يجدر التوقف عنده بعناية أنَّ أداء نجمتنا التمثيلي لم يكن متفوقاً على مثيله في الغناء، لكنَّ ذلك لم يحل دون تظاهرات، قاربت مستوى أحداث الشغب، واجهتها في صالات السينما التي توجهت إليها لتدشين عرضها السينمائي الأول. المسألة بلغت من الحضور المتجذر حداً يجعلها جديرة بدراسة موضوعية هادئة، تخرج على إطار الاتهام المستسهل، وعن نزعة الاستسلام الهادئ لنغمة تبرئة الذات وتنزيهها عبر إدانة الآخرين، ولعلَّ سير الأمور يقتضي القول إن تفاقم ظاهرة هيفا، وفقاً لما هو حاصل، يخرجها عن كونها مجرد تجربة مثيرة لأنثى متمردة، فما رأيكم لو يتم التعامل مع الوريثة بوصفها انعكاساً خفياً لمكبوت جماعي، أو انفجاراً مباغتاً لمسكوتٍ عنه تعاونَّا جميعاً على نفيه تحت ركام التغاضي والتجاهل؟ وبشيء من التجرؤ على المحظور: ماذا لو صح فينا وفيها قول الشاعر: ما كانت الحسناء ترفع سترها لو أنَّ في هذي الجموع رجالا؟!! هو مجرد اقتراح لإعادة النظر. علي العزير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©