الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصيد بالصنارة على شاطئ غزة.. هواية لقتل الفراغ وملاذ للرزق

الصيد بالصنارة على شاطئ غزة.. هواية لقتل الفراغ وملاذ للرزق
12 يوليو 2009 00:38
الصيد بالصنارة هواية غير شائعة في قطاع غزة، رغم أنَّ البحر والقطاع جاران جغرافيان لصيقان منذ آلاف السنين، إلا أنها بدأت مؤخراً تجذب عدداً من المواطنين الذين فقدوا أعمالهم بسبب الحصار، وعدم تمكنهم من دخول اسرائيل للعمل فيها. فأصبح من العادي أن تجد عدداً كبيراً من المواطنين يجلسون على حواف الكتل الاسمنتية ويصطادون بالصنارة، في محاولة لقتل الوقت، ونسيان ما يعانونه من بطالة وحصار، ولإطعام عائلاتهم أيضاً. هواية وملاذ في أحد الأركان يجلس منذر العبد الأدغم (41 عاماً) من مدينة غزة على حافة كتلة خرسانية في ميناء الصيادين ويقذف بصنارته إلى البحر، ويبدأ في انتظار صيداً ثميناً. بعد دقائق يسحب الصنارة ويعود ليلقمها بالطعم، ويقذفها مرة أخرى إلى البحر، ويقول:»آتي إلى هنا كل يوم تقريباً، وأمضي ما يزيد على السبع ساعات في الصيد لعلي أظفر بشيء من السمك أعود به إلى عائلتي». ويتابع بينما يراقب حركة «الطوافة»، وهي قطعة الفلين التي تطفو فوق الماء لتدل على حركة الصنارة، إنَّه يمارس هذه الهواية منذ سبع سنوات تقريباً، وقد أصبحت هوايته الدائمة بعد أن فقد عمله. يقول الأدغم بعد دقائق معدودة من الهدوء محدقاً خلالها في زرقة ماء البحر التي تلوثت بفعل مخلفات الصيادين والقوارب: كنت أعمل في البلاط، وأصنع الجرانيت المستخدم في المطابخ والسلالم، لكنني ومنذ خمس سنوات فقدت عملي وجلست في البيت أنتظر رحمة المساعدات والكوبونات التي تقدمها لنا الأونروا، والتي لا تغني ولا تشبع، ولكنها فقط تبقينا أحياء. ويسترسل موضحاً إنَّ الفراغ هو الذي دفعه إلى معاودة ممارسة هوايته القديمة، التي أصبحت نوعاً من الإدمان لا يستطيع الفكاك منه. صياد اللاشيء كانت مياه البحر هادئة على امتداد شريط الميناء، في حين راحت أشعة الشمس ترسل أشعة قوية تلسع وجوه الصيادين على الشاطئ لتزيد من معاناتهم وصعوباتهم. الضوضاء والحركة المعتادة لموانئ الصيادين في كل دول العالم غابت عن المكان، ولم يقطع الهدوء سوى حركة خفيفة للأمواج التي كانت تضرب الكتل الخرسانية بهدوء. طال انتظار الأدغم ولم يظفر بسمكة واحدة، لكنه لم يفقد الأمل، وراح يعبئ صنارته بالطعم ويقذف بالعجينة فوق سطح الماء لجذب الأسماك، قبل أن يردف قائلاً: لا نتمكن من الصيد كل يوم، وأحياناً نعود بلا شيء، وأحياناً أخرى نعود بكيلو أو اثنين من الأسماك التي تجذبها رائحة الخبز، خاصة البوري والقريص. يشعر صيادو الصنارة في ميناء غزة بتحسن ملحوظ في كمية الصيد خلال هذه الأيام، بسبب امتناع صيادي المراكب عن الصيد داخل حوض الميناء إلى جانب منع الصيد بالشباك «الشنشولة». يقول الأدغم الذي بقي محافظاً على هدوئه رغم أن جعبته بقيت خالية من الأسماك: إن الصيد الآن أحسن من السابق، وأنه يتمنى أن تتجمع الأسماك في الميناء مع ازدياد حرارة الجو. ويتابع مفسراً بعد أن لاحظ الدهشة على وجوه الحاضرين: «عندما تجوع الأسماك وقت اشتداد الحرارة تبدأ في البحث عن الطعام داخل الميناء، فتزداد إمكانية اصطياد المزيد منها»! ولا يعتبر الأدغم نفسه صياداً محترفاً، رغم أنه أمضى سنوات طويلة مع البحر، بدأت مع احتراف العائلة مهنة الصيد مثلها مثل عشرات العائلات في قطاع غزة. يقول: «كان أبي وإخوتي يعملون في البحر منذ سنوات، لكنني بدأت مؤخراً أعشق هذا المكان، وأمضي فيه ساعات طويلة». متمنياً أن تنفرج الأحوال ويعود إلى عمله السابق». الصيد بالصنارة كما يؤكد الأدغم لا يحتاج إلى مهارة خاصة، فقط إلى قليل من الانتباه وكثير من الصبر. في انتظار الأسماك قلة المهارة ورخص أسعار الأدوات دفعت الكثيرين من شباب غزة إلى مناطق مختلفة من شاطئ البحر ليصطادوا أنواعاً مختلفة من الأسماك التي يجود بها البحر يومياً. كما أن شراء الأسماك في غالب الأحيان غير متيسر لكثير من العائلات الغزية بسبب ارتفاع ثمنه وندرته في الأسواق، جراء الحصار الممارس ضد الصيادين في القطاع، الذين لطالما تعرضوا لعمليات إطلاق النار وتمزيق شباكهم. أما صيادو الصنارة فهم بعيدون عن كثير من المشاكل التي يواجهها الصيادون عادة. يقول الأدغم، وهو يراقب زميله الذي جلس على بعد عدة أمتار منه وهو يضع سمكة اصطادها في وعاء خاص، إنهم لا يواجهون أية مشاكل أو صعوبات معينة، متسائلاً: لماذا نواجه مشاكل ونحن نجلس على شاطئ البحر في انتظار الأسماك؟
المصدر: غزة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©