الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«انتفاضة» النساء الأفغانيات

12 يوليو 2009 00:52
لم يكن سهلا على المرأة الأفغانية أن تكون مهنية ممتازة تحظى بمستوى تعليمي جيد في أي وقت خلال العقود الماضية. ومن حسن حظي أني التقيت ببعضهن هنا في واشنطن، التي وصلنها في بعثة نظمتها لهن «وكالة العون الأميركي» بالتعاون مع «مجلس النساء الأفغانيات». وقد تولت إحداهن إدارة مدرسة سرية لتعليم الفتيات في عهد «طالبان»، مع العلم أنها «جريمة» كان من الممكن لها أن تعاقب عليها عقاباً صارماً في حال القبض عليها. وتولت أخرى إدارة برنامجا للتنمية الاجتماعية تمكن من تشغيل 25 ألف فتاة قبل أن يلقى القبض عليها. كما قام أفراد بنهب ممتلكاتها الخاصة من منزلها، بينما هددوا باختطاف أطفالها. وقد تمكنت النساء الأفغانيات اليوم من تحقيق تقدم كبير، قياساً إلى الماضي القمعي الطويل الذي قيدهن. والآن هناك نحو مليوني تلميذة وطالبة أفغانية في شتى المدارس المنتشرة في ولايات البلاد، بينما كان عدد الطالبات في تلك المدارس لا يزيد على مليون طالبة فحسب قبل ست سنوات. وتؤدي النساء اللائي التقيتهن أدواراً عظيمة في مجالات التعليم والأشغال العامة والزراعة، وهو ما لم يكن ممكناً مجرد تصوره في ظل حكم «طالبان». ففي ذلك الوقت، كانت طالبات المدارس يتعرضن لسكب الأحماض الحارقة على وجوههن، بينما تطال تهديدات القتل العاملات في صفوف قوات الشرطة والجيش وفي الحياة العامة بشكل أوسع. وكان لمتطرفي «طالبان» والمتعاونين معهم من المتطرفين الأجانب مزاج خاص -لا يستطيع تفسيره إلا عالم التحليل النفسي فرويد- في ترهيب النساء وقهرهن وإهانتهن. ومع ذلك ليست هذه السلوكيات القمعية بحق النساء قاصرة على «طالبان» وحدها. فقد أقر قانون الأسرة والأحوال الشخصية الذي أجيز مؤخراً من قبل البرلمان، ووقع عليه الرئيس الحالي حامد كرزاي، الكثير من النصوص التي تنتهك كرامة المرأة وتحد من حقوقها في السفر والتنقل. غير أن هذا التشريع المجحف بحق النساء، من وجهة نظري الخاصة، يخضع للمراجعة والتعديل الآن، بفضل الضغط المحلي والدولي الذي مورس ضده. وعليه تظل أفغانستان إحدى أشد مناطق العالم صعوبة وعسراً على النساء. وفي مثل هذه الظروف المعقدة فإن من المفهوم جداً أن تميل النساء إلى التعبير عن ردة فعلهن بالغضب والثورة على الواقع. إلا أن الأفغانيات اللائي التقيتهن اتخذن طريقاً مختلفاً جداً. ففي رأيهن أن التعليم يمثل أهم وأنجع استجابة لواقع القهر والظلم. وليس التعليم المقصود قاصراً على محو الأمية وحدها، وإنما تحتاج الفتيات والنساء إلى معرفة أفضل بقيم دينهن، على حد قول «رحيلةا هاشم صديقي» التي تعمل مستشارة رئيسية بمفوضية الخدمة المدنية الأفغانية. كما تحتاج النساء الأفغانيات للتعلم من تجارب الدول الإسلامية الأخرى مثل إندونيسيا وبنجلاديش، وكذلك من الدول العربية التي لا يمنع فيها تعليم الفتيات والنساء أبداً. والعقبة الرئيسية التي تواجهها النساء الأفغانيات -من وجهة نظر رحيلة- هي نقص المعرفة بالإسلام نفسه خاصة في المناطق الريفية، حيث تختلط الثقافة الشعبية المحلية بفهم الدين الإسلامي. فالناس هناك لا يدركون الفرق بين التقاليد والدين، أي أنهم عاجزون عن الاستماع إلى أولئك النساء اللائي يتحدثن عن تعاليم الدين الخاصة بحقوق النساء، واحترامهن، باعتبارها مصدراً للإصلاحات الاجتماعية التقدمية داخل الثقافة الشعبية الأفغانية نفسها. وتتحدث هؤلاء النساء باحترام خاص عن السيدة خديجة، زوجة الرسول (صلى الله عليه وسلم) باعتبارها نموذجاً للمرأة المسلمة المتعلمة صاحبة الأعمال الخاصة. وفضلا عن ذلك تشير النساء المعنيات إلى عدد من الأئمة الأفغان الذين يدافعون عن هذه الآراء. وفي هذا المقام تضيف «رحيلة صديقي» قائلة: «إن النساء الأفغانيات بحاجة إلى وجهة نظر إيجابية مشجعة لهن. غير أن الملاحظ أن حقوق النساء الأفغانيات لم تكن مطلقاً بين أولويات مصالح أميركا ولا حربها الدائرة هنا. ولكن على المسؤولين أن يدركوا أنه ومن دون مشاركة النساء الفاعلة في التنمية والتحول الديمقراطي، فستنتهي أفغانستان إلى دولة فاشلة خطيرة. مايكل جيرسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©