الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صواريخ «سكود» ...ضربة للتقارب السوري- الأميركي

صواريخ «سكود» ...ضربة للتقارب السوري- الأميركي
22 ابريل 2010 01:27
كان لدى أوباما بعد توليه الحكم استراتيجية بارعة لترطيب الشرق الأوسط الملتهب وتحقيق الاستقرار فيه، آنذاك بداً الأمر أشبه بفكرة جيدة للغاية في ذلك الوقت، حيث لم تكن تتعلق بمبادرات ودية تجاه أعداء قدامى، أو أحاديث خشنة مع أصدقاء قدامى، وإنما كانت شيئاً مختلفاً تماماً. ولا أخفي عليكم أنني أيضاً اعتقدت أن الأمر يستحق محاولة. كانت تلك الفكرة تتعلق بتركيز بؤرة الاهتمام بشكل هادئ على سوريا، التي تعتبر قاسماً مشتركاً في الكثير من الملفات المتعلقة بالمصالح الأميركية في المنطقة. لسنوات طويلة كانت سوريا سبباً في مفاقمة أي مشكلة تواجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة. مما كان يعني بالضرورة أن تغيير هذا الوضع سوف يحقق منافع هائلة للولايات المتحدة: فلو تماشت سوريا مع الخط الأميركي في المنطقة، فإنها ستستطيع حتماً - حسب الفكرة-تقديم مساعدات جمة لجلب السلام للعراق، والمساعدة في عزل إيران، وزيادة أكلاف الموقف المتحدي الذي تتبناه بشأن برنامجها النووي. كما كان يمكنها كذلك المساهمة في تأمين نظام ديمقراطي فاعل ومعتدل في لبنان، وتعزيز وضع المعتدلين الفلسطينيين، وتمهيد الطريق للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل بينها هي وبين إسرائيل. لسوء الحظ أن مقاربة أوباما الجديدة تجاه سوريا، شأنها في ذلك كشأن معظم المبادرات الأميركية في المنطقة تحقق في الوقت الراهن فشلًا ذريعاً. فمنذ أن بدأ أوباما حملته لتحسين العلاقات مع سوريا، وفصلها عن "حزب الله" و"حماس"، فإن كل ما فعلته دمشق هو السخرية من المحاولات الأميركية. ففي الوقت الراهن تحتضن سوريا إيران بقوة أكبر من ذي قبل، وتغدق المزيد من الأموال على المليشيات العديدة الحليفة لها في المنطقة. ولكن ليس معنى هذا أن المبادرات الأميركية في المنطقة كانت من دون تأثير، فالقوى الصديقة للولايات المتحدة في الدول العربية، عندما رأت السياسة الأميركية تجاه سوريا تتغير، عملت على التصالح مع دمشق. علاوة على ذلك، تبدو سوريا حالياً أقوى مما كانت عليه في أي وقت خلال السنوات الأخيرة. أما واشنطن فلم تتلق شيئاً في مقابل جهودها: ففي لبنان دأب زعماء القوى التي كانت يوماً موالية للولايات المتحدة، ومناوئة لسوريا على السفر واحداً تلو الآخر إلى دمشق لتقديم التحية للرجل، الذي وجهوا إليه اللوم عن مقتل أفراد عائلاتهم، واختطاف بلدهم بأكمله من قبل في الوقت نفسه الذي كانت فيه دمشق مستمرة في دعم "حماس" المتعارضة مع خط "فتح" الفصيل الفلسطيني الأكثر اعتدالاً. آخر الأنباء القادمة من سوريا تفيد أن هناك انقلاباً في موقفها، قد يشكل خطورة بالغة بالنسبة لواشنطن، وحلفائها لدرجة أن البعض وصفوه بأنه خطوة "مغيرةً لقواعد اللعبة"، ويمكن أن تعجل بنشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط. فوفقاً للأنباء القادمة من هناك، يُقال إن سوريا مؤخراً نقلت بعض من أحدث الأسلحة الموجودة لديها - أهمها صواريخ سكود - إلى أصدقائها الراديكاليين في لبنان أي مليشيا "حزب الله"، الذي نشأ على أيدي إيران. ويمكن لصواريخ "سكود"، التي أرسلتها سوريا للحزب الوصول إلى أي مكان في إسرائيل، وهو ما أثار قلقاً بالغاً لدى الأخيرة، لأن الحزب الذي يعلن أن هدفه هو تدمير إسرائيل، قد أثبت المرة تلو الأخرى، أنه لا يحصل على الأسلحة من أجل التباهي بعرضها فحسب. عندما ينتاب القلق إسرائيل من البرنامج النووي الإيراني، فإن السيناريو الذي يخطر على بالها حينئذ ليس هو قيام إيران بشن هجوم مباشر عليها، وإنما وقوع المواد النووية التي بحوزتها - أو الرؤوس النووية - في أيدي حلفاء إيران أي "حزب الله" وحركة "حماس". وقد أعرب المراقبون عن قلقهم العميق عندما التقى قادة إيران وسوريا و"حزب الله" و"حماس" وجهاً لوجه في اجتماع نادر في دمشق في فبراير الماضي، أطلق عليه البعض"مجلس حرب". والمدنيون الإسرائيليون واللبنانيون، ذاقوا بالفعل طعم ما يمكن أن يحدث عندما تنشب الحرب بين إسرائيل و"حزب الله"، فمنذ أربع سنوات على وجه التحديد، تسلل عدد من مقاتلي الحزب عبر الحدود إلى إسرائيل وقتلوا واختطفوا عدداً من جنودها، مما دفعها لشن هجوم على منطقة الجنوب اللبناني بحثا عن الجنود المختطفين - الذين كانوا قد قتلوا بالفعل - وسعياً لتحطيم ترسانة الأسلحة الضخمة، التي كان الحزب ينشرها وسط منطقة كثيفة السكان. كانت تجربة الحرب تلك مروعة، شأنها كشأن معظم تجارب الحروب، حيث نزح عشرات الآلاف من السكان المدنيين على الجانبيين عن مساكنهم، بسبب القصف المتبادل، كما لقي الكثيرون منهم مصرعهم. في العام 2006، أطلق "حزب الله" قرابة 4000 صاروخ من طراز "كاتيوشا" الذي يصل مداه إلى 60 ميلًا على المدن الإسرائيلية الشمالية. أما صواريخ "سكود" الجديدة التي يُقال إن الحزب تلقاها من سوريا مؤخراً، فيصل مداها إلى ما يتجاوز 400 ميل، وهو ما يعني أنها قادرة على الوصول إلى مطار إسرائيل الرئيسي ومدنها الكبرى والمهمة جميعاً. إن نشوب حرب جديدة ستكون مأساة بمعنى الكلمة... ولكن الحقيقة أنها قد غدت احتمالاً يتزايد باستمرار. منذ توليه لمنصبه عمل أوباما على تخفيف العقوبات الاقتصادية على سوريا مع إبقائها في الوقت ذاته على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وعمل كذلك على تقليل استخدام وصف الدولة الخارجة على القانون الدولي، وعين سفيراً جديداً للمرة الأولى منذ حادث اغتيال الحريري، الذي كان سبباً في إدخال العلاقات الأميركية -السورية مرحلة من الجمود التام. قد يعمل مجلس "الشيوخ" على إعاقة خطة الرئيس الأميركي لتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، لكن إدارة أوباما ذاتها مطالبة أيضاً بالعمل بسرعة من أجل مراجعة ما بدا ذات يوم، وكأنه فكرة ممتازة للغاية. فريدا جيتس محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم.سي.تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©