الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان والمصير

22 ابريل 2010 01:29
يخطئ من يتصور أن "أزمة السودان" قد انتهت أو في طريقها إلى الانتهاء، بإجراء أول انتخابات برلمانية. نعم جرت الانتخابات بالصورة والكيفية التي خطط لها الحزب الحاكم، وذلك رغم الاعتراضات والاتهامات التي سجلها قادة أحزاب المعارضة والمرشحون "المستقلون" ضد المفوضية القومية للانتخابات، ورغم كل محاولات الخيرين من الزعماء، الذين تصوروا أن صداقتهم وتحالفهم مع النظام ستجعله يستجيب للرجاء بتأجيل الانتخابات حتى يتهيأ المطلوب لإجراء انتخابات يطمئن لها كل المواطنين السودانيين، وينخرطوا فيها جميعهم، خاصة في تلك المناطق من دارفور، التي لم تعد تحت سيطرة الحكومة المركزية. لذلك يصح القول إن الحكومة الجديدة- القديمة التي سيشكلها حزب "المؤتمر" وحلفاؤه العلنيون والسريون، ستجد أن أزمة السودان وأحواله بعد "تحقيق" الديمقراطية البرلمانية، ستكون كما هي قبل الانتخابات وانتزاع الحزب الحاكم الشرعية الدستورية- الديمقراطية، التي لم يعترف له بها أكثرية السودانيين، والتي كان تحقيقها أول وأهم أهدافه من الانتخابات. يصعب الآن على أي محلل سياسي التنبؤ بمصير السودان ما بعد إجراء الانتخابات، أو معرفة ما هي خطة وبرنامج حزب المؤتمر (الفائز) لسنة واحدة قادمة، ولكن المؤكد أن الجميع وفي مقدمتهم قادة "الإنقاذ" يعلمون أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أرادوا وتمنوا أن تكون نهاية لمرحلة ضاق بمشاكلها وأزماتها عامة السودانيين، وبداية لمرحلة جديدة من الشرعية الدستورية والمنافسة الديمقراطية السلمية تحت "قبة البرلمان" والنتيجة لضيق أفق الحزب الحاكم، جاءت التجربة الانتخابية بعقدين من الزمان من حكم الحزب الواحد مخيبة للآمال باعتراف المراقبين الأجانب والمحليين، ويبدو أن "المؤتمر الوطني" يدرك ذلك ويعلم أن أزمة السودان التي هي في الحق أزمته هو لن تحل باحتلاله مراكز السلطة لسنوات أربع... لذلك فقد بدأ أعضاء الحزب المعروفون، الحديث عن تشكيل حكومة قومية يشارك فيها زعماء المعارضة، وذلك قبل إعلان نتائج الانتخابات، فقاموا بالحديث (قل التفاوض) مع الترابي وياسر عرمان ومبارك المهدي والصادق، كل على حدة. وحسب معلومات مجالس الخرطوم، فإن الترابي ومبارك المهدي وياسر قد أغلقوا باب الحديث حول المشاركة في حكومة قومية يعرفون حاجة "الحزب الفائز" لها لمواجهة المشاكل التي كانت قائمة في وجهه، وستزداد حدتها بعد "فوزه الكاسح" للانتخابات. أما الصادق الحريص دائماً على أن يسجل له "التاريخ" بادرة "للتصالح الوطني"، فقد قبل المشاركة الوطنية بشروط منها: أن يقبل الحزب الحاكم بجدية وصدق تكوين حكومة مؤقتة يشارك فيها الجميع، وأن يكون الإعلان عن "حكومة مؤقتة" لفترة زمنية محدودة سلفاً، تتبنى بنوداً لتحقيق برنامج وطني يوافق عليه الجميع، أولها حل أزمة دارفور حلاً يقبله أهلها، ويحقق لهم مطالبهم، ثانيها: الاتفاق القومي على حل مشكلة ترسيم الحدود بين الجنوب والشمال، اتفاق تقبله وتوافق عليه "الحركة الشعبية" وأهل مناطق التماس بين الجنوب والشمال، ويشمل الاتفاق القومي حول ترسيم الحدود للمناطق الثلاثة المحددة في اتفاقية نيفاشا: أبيي وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق. البند الثالث، هو الاتفاق القومي على أن تتعهد الحكومة المؤقتة بحل المشاكل والبرامج التنموية المتفق عليها بين الحكومة و"الحركة الشعبية"، بدعم وتأييد المانحين، والتي كان الهدف منها إعادة الثقة المفقودة لدى الجنوب تجاه الشمال، وجعل خيار وحدة السودان الطوعية عند الاستفتاء. على أن يتم ذلك بموافقة ومشاركة "الحركة الشعبية"، التي من الطبيعي في هذه الحالة أن تقبل بتأجيل الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب، حتى نهاية "الفترة المحددة" من عمر الحكومة المؤقتة المقترحة. البند الرابع، يتعلق بحل الإشكالية القائمة بين حكومة "المؤتمر الوطني" ومحكمة الجنايات الدولية. وفي تكملة الرواية، تقول مجالس الخرطوم إن "المهدي" شدد في حديثه على ضرورة الجدية والصدق والالتزام بهذا البرنامج الذي قد يخرج الوطن من الأزمة التي صنعها حكم الحزب الواحد لعشرين عاماً. ولو صدقت الرواية سيظل القول إن السودان يواجه المصير المجهول. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©