الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بالصور.. الكاريكاتير .. فن الشقاوة إلــى أقصاه بجرأة وسخونة

بالصور.. الكاريكاتير .. فن الشقاوة إلــى أقصاه بجرأة وسخونة
20 ابريل 2017 21:50
إنه فنّ النقدِ والشقاوة، تتفتّح فيه الرسومات بجرأة، تُداعبُ خطوطه مُخيّلة القارئ، تُثير فضوله، وتنتقم له أحياناً. إنه فنّ السياسة ومضامينها، فنّ الرسومات القاتلة، رشيقٌ وخطيرٌ بأسلوبه وعناصره؛ مُعزّزٌ بلغة قليلة، ودلالات عميقة، ورموز نمطية أشبه بالأيقونات (حنظله مثلاً). في الكاريكاتير الصورة مُغايرة هنا، حيث الكائنات والأشياء مرِحة، عفوية، ساذجة، تحملُ استعارات ساخرة وملامح فوضوية. إنّه فنّ الممارسة القصوى للنقد، يعكسُ المزاج الوطنيّ، وتنتظمُ فيه هواجس الناس وهمومهم، أفكارهم المكبوتة والمُعلنة، سخطهم على السلطة والساسة وأوضاع البلاد. لقد ارتبط فنّ الكاريكاتير منذ بداياته المُعاصرة بالصحافة، ونما وانتشر وأصبح أكثر فاعلية من خلال موقعه في كنف هذه المطبوعات، إذ اقترنت تعبيراته بشكل خاصّ بالسياسة، فهو اللّغة المُتأثّرة باليومي، بالأحداث الطارئة، والأشخاص والمناسبات والاستحقاقات العظيمة. لكنّ الرسوم الرمزية سبقت الكتابة بزمن طويل، إذ يقال إنها شقّت طريقها كوسيلة تعبير غير محكية في القرن الثلاثين قبل الميلاد، وأنّ قُدماء المصريين كانوا أوّل من استخدم فنّ الرّسم السّاخر على أوراق البردي المعروفة. وربما شهدت بعض التجارب الأولى لهذا الفن علاقة وثيقة بفنون الأدب الساخر وحكايا ظرفاء العرب، حتى كأنه فنٌّ انبثق تدريجياً من فكرة تصوير الحكايا وتجسيدها صورياً، قبل أن يتفرّد كفنّ مستقل لاحقاً. ومن اللافت انسحاب هذا الفنّ من الصحافة العربية تدريجياً، وازدهاره كفنّ مستقلّ في أوروبا والغرب عموماً، مع العلم أن مصر لا تزال تقيم وزناً لهذا الفن على خلاف بلدان الوطن العربي الأخرى، إذ لا تزال مدرسة الأهرام الكاريكاتورية مؤثّرة في الجيل الجديد، وأيضاً هناك مجلات عدّة متخصّصة بالكاريكاتور تواظب على الصدور باستمرار. ينتمي فنّ الكاريكاتير إلى عدّة مدارس كلاسيكية لكلّ منها نمطها الخاص واتّجاهاتها، فالمدرسة الأوروبية الشرقية ركّزت على الرسم فقط من دون تعليق أو كلام، فيما اعتمدت المدرسة الأوربية الغربية على الرسم التخطيطي البسيط مع تعليق ساخر وفكاهي، أما المدرسة الأميركية فقد جمعت بين المدرستين الأوروبيتين، وأسّست للحوار الكاريكاتوري ضمن اللوحة الواحدة. وكلمة كاريكاتير هي اسم مشتقّ من الكلمة الإيطالية «كاريكير» Caricare وتعني «يبالغ»، وهي تحريف للملامح الطبيعية للشخص، أو الاستعاضة عن الملامح بأشكال حيوانات أو طيور. ويقال أن كلمة كاريكاتير تعود للأصل اللاتيني caricare التي تعني حمّل charger والتي بدورها مأخوذة من كلمة care وكانت تُستعمل عند الشعب الغالي، وتعني عربة، لكنها كانت تُطلق على التماثيل الصغيرة الساخرة أيضاً. انطلاقاً من أهمّية هذا الفن المؤثّر، يُخصّص «الاتحاد الثقافي» صفحتين كلّ شهر للكاريكاتير، يجمعُ فيهما أبرز الرسومات محلّياً وعربياً وعالمياً، والتي تعكس أحداث الشهر، فضلاً عن شخصية أحد رسامي الكاريكاتير العرب والعالميين، ويعرضُ أبرز الكتب الصادرة حول فنّ الكاريكاتير أيضاً. رخّا وابنته والصاغ شاكر وفقاً لما ذكره الكاريكاريست المصري عبد المنعم رخّا في مقابلة أجرتها معه مجلة «المجلة» قبل ثلاثين سنة، أنّه بعد تأميم الصحافة المصرية، وقع خلاف في دار أخبار اليوم بين صاحبيها: علي أمين ومصطفى أمين، وبين الصاغ أمين شاكر مبعوث الدولة لإدارة المؤسّسة، انتقل على إثرها علي أمين إلى دار الهلال، وفكّر في كيفية استثمار عبقرية وشعبية الرسام الكبير عبد المنعم رخا (1910-1989) في مجلات دار الهلال. لكن كيف السبيل ورخا جوهرة ثمينة من العاملين تحت إمرة الصاغ شاكر، الذي لن يسمح له بأيّ شكلٍ من الأشكال بالعمل لدى غريمه. لذلك قام أمين بالاتّفاق مع رخا بمقلب من المقالب الطريفة في تاريخ الصحافة، فنشر خبراً أشار فيه إلى أنّ سنيّة ابنة رخا ظهرت عليها ملامح العبقرية في الرسم شأنها شأن أبيها، وأن أسلوبها متأثّر كثيراً بأسلوب والدها، إن لم يكن أكثر شباباً، وستقوم مجلة «المصوّر» بنشر رسومها ودعم موهبتها في أعدادها اللاحقة فترقّبوها! وفعلا ظهرت صفحتان من الرسوم الكاريكاتيرية بتوقيع «بنت رخا»، فاجأت الجميع بمن فيهم سنيّة نفسها ابنة رخا، التي كانت طالبة في كلية الطب حينها، واستمرّت «المصوّر» تنشر لهذه الفنانة أفكارها الجميلة وسط استحسان وإعجاب القرّاء، وغيظ وغضب الصاغ شاكر الذي استدعى الفنان رخا بعد أن محّص تلك الرسوم طويلاً، وقال له: أنا أعرف أن ابنتك لا تُجيد رسم شجرة، وأنك أنت من يقوم بالرسم نيابة عنها، وسأحيلك إلى التحقيق كي يتمّ استدعاؤك أنت وابنتك للاختبار. ردّ عليه رخا: أنا موظّف ويمكنك استدعائي، لكنك لن تستطيع استدعاء ابنتي أو التشكيك بموهبتها. فردّ عليه الصاغ: إذن إمّا أن تقسم لي بأنّها هي التي ترسم لـ «المصوّر»، أو تقدّم استقالتك من دار الأخبار. فردّ رخا قائلاً: لن أقسم على شيء، وأفضّل أن أقدّم استقالتي، وقدّم استقالته فعلاً. وصل الخبر إلى الرئيس عبد الناصر الذي تدخّل استجابة لطلب مصطفى أمين من أجل إعادة رخا إلى الأخبار، واستعادة توقيعه الصريح على صفحات «المصوّر»، وبذلك انتهت المسيرة الفنّية الطريفة والقصيرة لبنت رخا.. جورج بهجوري: رسمت لأسخر من العالم جورج عبد المسيح بشاي شنودة ساليدس جرجس، ولد سنة 1932 في محافظة قنا في الأقصر، المعروفة باسم بهجورة وإليها يرجع اسمه الفنّي، وهي القرية المشهورة بزراعة القصب والنخيل. درس في كلية الفنون الجميلة في القاهرة، وانتقل بعدها لدراسة فنّ التصوير في باريس. عمل كرسام كاريكاتيري في مجلتي «روز اليوسف» و«صباح الخير» منذ سنة 1953 حتى 1975، ثم انتقل للإقامة في باريس سنة 1975 ليعود إلى القاهرة ويستقرّ فيها نهائياً في التسعينيات. إنه رسام الكاريكاتير العالمي جورج بهجوري، التشكيلي والنّحات والناقد الساخر، الذي تجرّأ على الرؤساء، وامتدّت خطوطه إلى وجوه الحياة السياسية والاجتماعية في مصر. رسَمَ أنفَ الرئيس جمال عبد الناصر من أوّل الصفحة إلى آخرها، وانتقد الرئيس أنور السادات بالسخرية نفسها، ورسَمَ الرئيس السيسي بفنّ التشكيل أخيراً. أصدر بهجوري كُتباً عدّة كان آخرها «أيقونة مصر»، الذي وقّعه عشية افتتاح مهرجان شرم الشيخ للسينما العربية والأوروبية قبل أيام، وجمعَ فيه أعماله كلّها منذ خمسين سنة وحتى اليوم في 300 صفحة، فضلاً عن «أيقونة أم كلثوم»، التي جسّد فيه شخصية «ديفا العرب» في 132 لوحة فنّية. أقام بهجوري عشرات المعارض في سائر أرجاء العالم، وفاز بجوائز محلّية وعربية وعالمية، من بينها الجائزة العالمية الأولى للكاريكاتير في روما سنة 1985. جورج بهجوري، شخصية هذا العدد الكاريكتورية، تحدّث إلى «الاتحاد الثقافي» عن مسيرته وفنّه، فأكّد أنه «تفرّغ للرسم التشكيلي كلّياً لأنه أكثر استمرارية وأطول عمراً، فالفنّ الكاريكاتيري سريع وعابر على الرغم من تأثيره القويّ في الجماهير». ويرى بهجوري عمله السابق أيام الكاريكاتير، أنّه نوعٌ من «الهِزار» وجزءٌ من السخرية على العالم، أما الآن فأنا أرسم العالم من حولي على نحو مرِح، أرسم كلّ ما أراه بريشةٍ ضاحكة، لكنها لوحات تشكيلية وليست كاريكاتوراً، علماً أنّني لا أفكّر إلّا بأسلوب الكاريكاتير عندما أرسم، لأن هذا الفن يولد مع الإنسان ويبقى جزءاً من شخصيّته». تأثّر بهجوري بالمدرسة الأوروبية الغربية كما يقول، «لكنني أضفت على هذا الفنّ الكثير مما تعلّمته من البيئة المصرية الشعبية. نحن العرب ليس لدينا مدرسة لفنّ الكاريكاتير عموماً، باستثناء مدرسة روز اليوسف طبعاً. أنا رائد مدرسة كاملة أسّستها جنباً إلى جنب مع أحمد حجازي والليثي وصلاح جاهين وآخرين، وقد ازدهر هذا الفن كثيراً في أيامنا، وأسهمنا في إغناء صحفنا المحلية والمطبوعات الأوروبية بأفكارنا وخطوطنا». برتراند تيليي: الكاريكاتير فن عنيف! الكتاب: Caricaturesque La Caricature en France, toute une histoire De 1789 A Nos Jours المؤلف: Bertrand Tillier يعرضُ هذا الكتاب للتطوّر التاريخي الذي شهده فنّ الكاريكاتير في فرنسا منذ القرن السابع عشر وحتى اليوم. ويصف المؤلّف برتراند تيلييه أستاذ تاريخ الفنّ المعاصر في جامعات باريس، الكاريكاتير بأنّه فنّ الاستهزاء بالرموز والصفات الجسدية بطريقة جريئة؛ فهو فنّ عنيف، قائم على السخرية والخدش، وهو فنّ يُمارَس تحت عناوين الضحك والاحتجاج والفُكاهة السوداء. يُعيد الكتاب رسم مسار فنّ الكاريكاتير في فرنسا، ويتتبّع مراحل نموّه وتطوّره منذ 1789 وحتى اليوم، فهو ممارسة قديمة ظهرت منذ عصور، لكنه عُرف بفنّ الكاريكاتير في القرن السابع عشر، وقد بدأ خلال الثورة الفرنسية وبعدها يظهر بطريقته الساخرة والناقدة للسياسيين ومنفّذي الثورة الفرنسية أيضاً. بعد ذلك انتشرت طريقة النقد السياسي، وتحوّل الكاريكاتير في البلاد إلى لغة نقد سياسي واجتماعي. يرصد الكتاب أبرز المراحل المفصلية لفنّ الكاريكاتير، بدءاً من عهد لويس السادس عشر، أي قبل الثورة الفرنسية، مروراً بمرحلة تكريس المُثل الديمقراطية، ومن بعدها قضية دريفوس التي شكّلت أحد أكثر القضايا السياسية سخونة في التاريخ الفرنسي الحديث، وصولاً إلى القرن الواحد والعشرين، ورسومات النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، والتي نُشرت في صحيفة «شارل إيبدو» وأدّت إلى هجوم مسلّح على مبنى الصحيفة سنة 2015.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©