اعتركت امرأة مرض ابنها، ويئست من علاجه، كان يتقلب في أوجاعه ليل نهار، أجمع الأطباء على أن حياته آيلة للنهاية، يسير لحتفه مع كل دقيقة يتنفسها، لم يدرك معنى الموت وسطوته، ولم يعرف من الحياة إشراقتها، فقط أذاقته الألم والوجع، سقط في براثن المرض الذي شد عنقه للنهاية، فجوته كانت حلما يراوده وهو أن يكون شرطيا.
تحضنه عيون والدته المكلومة، تكتم آهاتها وتنتزع أوحال اليأس عن مسيرها، ومع سقوط وليدها يوميا وتآكل عمره، كانت تبحث في كل الاتجاهات لتحقيق أمنية طفلها الذي قد يضمه التراب في كل لحظة فيغمض عينيه للأبد، اتفقت مع أصدقائها على تحقيق أمنية ابنها المستعصي مرضه الذي يحلم بأن يكون شرطيا ولو ليوم واحد، سعت في كل الاتجاهات، ذهبت لحاكم الولاية وطلبت منه تحقيق هذه الأمنية لابنها، لم يقصر الحاكم وقدّر لهفتها وساعدها، حيث أعطى أوامره لمعمل خياطة ملابس الشرطة، وتم تخييط زي الشرطي على مقاس الطفل، واستنفر الجميع لتحقيق هذه الأمنية إذ سهروا الليل لتجهيز الشارع الذي سيمر منه الطفل والدراجة النارية التي سيركبها، وتحققت أمنيته في أقصى سرعة حيث كان الجميع في صراع مع الموت والوقت، وتحققت أمنية الطفل ليوم واحد إذ أصبح شرطيا حقيقيا، تحققت أمنيته وفي اليوم الموالي كانت وفاته ونهايته، إنه الطفل كريستوفر جيمس عمره 7 سنوات كان يحلم أن يصبح ضابط شرطة.
هكذا بدأت فكرة مؤسسة «تحقيق أمنية» الأطفال الذين خسروا معركة الحياة مع أمراض مستعصية، هذه القصة أطلقت شرارة انطلاق مؤسسة «تحقيق أمنية» في أميركا منذ ثلاثين سنة خلت، بدأ التفكير في إدخال السعادة على قلوب أطفال يرمي بهم المرض للقاع، هو عمل خيري إنساني بحث، بحيث تمتد الأيادي البيضاء والقلوب االرحيمة لمسح دموع أطفال لم يعودوا يتنفسون إلا بالأمل والمساندة، من ساعتها تأسست MAK - A- WISH وكان ذلك سنة 1980 من طرف دافيد ويليامس، وهي مؤسسة تقوي وتمنح الأمل لمن يعيش حالات خطيرة تجعله قريباً من الموت، وخاصة الأطفال.
وبعد عمل هذه المؤسسة في أميركا لمدة 13 سنة تكونت لها فروع خارج أميركا في القارات الخمس في 33 دولة بنفس الهدف، وتم تحقيق أكثر من 225 ألف أمنية لأطفال يداهمهم الموت حول العالم، وهناك أزيد من 33 ألف متطوع يعملون في هذه المؤسسة حول العالم، وتعتبر الإمارات أول بلد عربي تأسست فيه مؤسسة «تحقيق أمنية» وكان ذلك سنة 2004، حيث حققت 80 أمنية، وستعمل اليوم بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثلاثين للمؤسسة الأم، والذي يؤرخ لها في 29 أبريل من كل سنة، على تحقيق 100 أمنية دفعة واحدة، والمؤسسة برئاسة سمو الشيخة شيخة بنت سيف بن محمد آل نهيان.
عدد اليوم
