السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سائقو دراجات نارية يستعرضون بين حدي المتعة والموت

سائقو دراجات نارية يستعرضون بين حدي المتعة والموت
22 ابريل 2010 19:39
خطورة الدراجات النارية تتزايد بشكل ملحوظ في شوارع العاصمة اللبنانية بيروت، في ظل افتقار معظم سائقيها إلى شروط السلامة، فيما يعمد آخرون لاستعراض عضلاتهم في القيادة بطريقة متهورة تلحق الأذى بهم وبالمشاة، وسط حملات توعية وتنظيم تشنها وزارة الداخلية لوضع حد لتدهور السيطرة على سائقي الدراجات النارية. مازال حادث مقتل الشاب أحمد أرناؤوط وإصابة آخرين نتيجة فقدان أحد سائقي الدراجات النارية، السيطرة واصطدامه بالموجودين في منطقة الشياح، الحدث المتداول على ألسنة المواطنين في تلك المنطقة. وهذه الحادثة المؤلمة هي واحدة من ضمن عشرات الحوادث التي وقعت، وذهب ضحيتها شبان في ريعان الصبا، تركوا الحسرة والوجع للأهالي الذين يتحملون المسؤولية، وإن كان جيل اليوم لا يبالي بنصائحهم ولا بسلامتهم نتيجة للأجواء السائدة في البلاد، وما تحمل من بطالة وانعدام فرص العمل، بالإضافة إلى أن المسؤولين المعنيين يتحملون قسطاً وافراً لعدم اتخاذهم الإجراءات الرادعة للحدّ من هذه الظاهرة الغريبة التي يشهدها لبنان منذ فترة بعيدة، لكنها ازدادت بشكل كبير منذ أمد قريب. سباق الموت يشهد المدخل الجنوبي للعاصمة بيروت، وتحديداً اوتوستراد منطقة الأوزاعي كل صباح أحد (عطلة نهاية الأسبوع في لبنان)، ظاهرة غير معقولة تتمثل في استعراضات ضخمة للدراجات النارية متخصص بفن قيادة الدراجات على مختلف أنواعها، يصفه البعض بحفل «جنون وفنون»، حيث يرى العائد من الجنوب، أو من يقوم وعائلته بنزهة قصيرة، «سيرك» أبطاله سائقي الدراجات، يؤدون حركات بهلوانية وحركات طيران مليئة بالإثارة والتشويق، خصوصاً عروض القيادة على دولاب واحد لمسافة طويلة، يكاد خلالها السائق أن يلامس الأرض، ويترافق ذلك مع حركات استعراضية من قبل أصحاب الدراجات الذين يصفقون ويهتفون من أجل المزيد من إظهار المهارة والقدرة في قيادة آلة الموت السريعة. وبدأت الظاهرة تعصف بالشباب اللبناني، بالرغم من حوادث الموت والإعاقة التي تركتها القيادة الهوجاء لبعض السائقين. واللافت في الأمر أن الإقبال يتزايد عليها، فسحر الدراجة يتحول لدى الفتية والمراهقين إلى وسيلة تسلية ولهو ومغامرة غير مدروسة، تؤدي في النهاية إلى الأذى البالغ والضرر الفادح، ناهيك عن أن كل من يجول في بيروت وضاحيتها يلاحظ أن خطر الدراجات يكمن في أنها أصبحت سمة ملازمة للشارع، ينجم عنها أنها وسيلة للفت النظر، واستعراض قوة مع صفة «التشفيط» في الأزقة والأحياء لجذب الأنظار والانتباه وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 500 ألف دراجة نارية، بحسب تقديرات مؤسسة الأبحاث العلمية، منها فقط 30 ألفاً مسجل قانونياً في وزارة الداخلية والبلديات. سيارة في الدراجة حكاية الدراجة النارية في لبنان تطول، نظراً لأنها غير معنية بقوانين السير، بل هي تخالف الأسس المرجوة من استعمالها، فلا يتورع معظم السائقين عن تجاوز السرعة المقررة أو المحددة بـ 30 كيلومتراً في الساعة، عدا أن هناك مشاهد لا يصدقها العقل البشري وتتمثل بنقل الأطفال إلى المدارس، حيث ترى أحد السائقين «محملاً» على دراجته 3 أو 4 أطفال، وما ينتج عن ذلك من وقوع أحد الأطفال عنها نتيجة لفقدان السلامة العامة، أو أن يتعرض الجميع لحادث اصطدام أو انزلاق خصوصاً في أيام الشتاء وهطول الأمطار. الأمر لا يقتصر عند هذا المشهد، بل إنك ترى أحدهم يقود دراجته وهو يتكلم على جهازه الخلوي، وآخر ينقل ركاب وأمتعة تعجز سيارة صغيرة عن نقلها. والأنكى من هذا كله أن غالبية السائقين بلا عمل، كل همهم «الكزدرة» والقيام بأي شيء ممنوع، مثل اختراق الطرق بالاتجاه المعاكس، مما يسبب بحوادث دموية وبزحمة سير خانقة، في شوارع وأزقة بيروت وضاحيتها. أما الإجراءات الخاصة بتنظيم سير الدراجات النارية، فحدث عنها ولا حرج، لأنه بالرغم من كل القوانين المتبعة والتي لا يتقيد بها سوى قلة ضئيلة من السائقين، فإن عدد القتلى الذين خلفتهم الحوادث هو بازدياد مطرد ومن عام إلى آخر، وتبين الإحصاءات الخاصة بقوى الأمن الداخلي، أن نسبة الإصابات بلغت 40 ضعفاً عما تسببه السيارات، لاسيما أن راكبي الدراجات النارية معظمهم لا يستعمل الخوذات الواقية، لذلك هم معرضون لإصابات وكسور في الرأس بنسبة خمس مرات مضاعفة عن الذين يستعملونها. حركات بهلوانية في كل حي وزاروب في لبنان، لا يصعب البحث عن دراجات نارية، فأنت تراها يمنة ويسرى في هذه الشوارع، وهي تنتشر بكثافة وتشكل ظاهرة مقلقة لراحة المواطنين في ظل استعمالها الخاطئ من قبل شبان مراهقين وطائشين، طوال الليل يمارسون طقوسهم الرياضية والسباقات داخل الأحياء الفرعية وعلى «الاوتوسترادات» الواسعة بطريقة سلبية غير حضارية، تزيد من الإزعاج والتوتر بحيث أنها سرقت النوم من عيون الكثير من المواطنين المتعبين، ويزداد ذلك عند منتصف الليل عندما تعم أصوات المحركات فيسمع «زئيرها» في مناطق أجرى بعيدة عن المنطقة التي يمرون بها، دون الالتزام بأبسط القواعد للقيادة السليمة، أو حين ترى مجموعة من السائقين يقودون دراجاتهم النارية برشاقة، من أول الشارع إلى آخره على دواليبها الخلفية، حيث ينالون نصيبهم من الشتائم والانتقادات من قبل المارة وسكان المنازل، وبعض أصحاب السيارات الذين يفاجأون بالحركات «البهلوانية» التي بإمكانها التسبب بحوادث قاتلة. وسائقو الدراجات النارية في لبنان لهم قانونهم الخاص، وهو بعيد كل البعد عن دساتير القوانين في بقية دول العالم، وإذا تطرقنا إلى البحث في كيفية استخدامها، بعيداً عن الاستعراضات «البهلوانية» على الطرقات، نجد أن هناك فئة أخرى من السائقين، تستعملها لتأمين خدمات التوصيل المجاني للمنازل، والتي تتبعها المطاعم ووسائل الإعلام، وشركات البريد الخاصة، وهؤلاء في معظمهم يملكون رخصاً تخولهم السير والتنقل شرط التقيد بما ذكرنا، لجهة الأوراق الثبوتية وارتداء «الخوذة»، واللوحات والسير دون الأنوار الأمامية والخلفية، وإلزام قائدها بعدم ركوب أكثر من شخص واحد حسب نوعية الدراجة والترخيص. حملة تنظيم مصدر مسؤول في مديرية قوى الأمن الداخلي، رفض الكشف عن اسمه، لأن المديرية تخطّر إعطاء أي تصريح يصدر عن أي شخص مسؤول، سوى ما تصدره المديرية من قرارات حول هذا الموضوع، أوضح المصدر الأمني لـ»الاتحاد» أنه لا يمكن للمديرية تحديد عدد الدراجات النارية في لبنان بشكل دقيق، لعدم وجود أوراق قانونية أو لوحات مرخص لها، ثبت وجودها، وهذا ما يضطرها إلى القيام بحملات مفاجئة على الطرقات العامة لتوقيف المخالفين، وأيضاً إلى القيام بمداهمات في بعض الأحيان إذا ما تأكدنا من قيام أحد أصحاب الدراجات بعملية سرقة أو نشل لتوقيفه، خصوصاً أن ظاهرة السرقة والنشل ازدادت في الآونة الأخيرة. ومن المعروف أن سرقة الدراجة تتم بسهولة، لذلك فإن معظمها زود بأجهزة إنذار تصدر أصواتاً تحذيرية عند الاقتراب منها، أو ربطها بسلاسل، أو ركنها في مرآب خاص لمنع عصابات السرقة من «استعارتها» والوصول إليها. وأوضح المسؤول الأمني أن هذه الظاهرة المخيفة لكثرة الدراجات في البلد، وما ينتج عنها من حوادث مقلقة تتعلق بقيادة هوجاء على الطرقات، أو عمليات سرقة ونشل كلها، دفعت وزارة الداخلية إلى منع سير الدراجات النارية بعد الساعة السابعة مساء، للحدّ من التجاوزات والحوادث إلاّ في حالات استثنائية مرخص لها، والتشديد في الإجراءات الأمنية في العاصمة بيروت والضاحية في مواعيد السير والتدقيق في الأوراق الثبوتية للدراجة والسائق، مشيرا إلى أنها جملة إجراءات تقوم بها الداخلية منذ فترة ضمن خطة شاملة لرصد كل المخالفات. ووجهت وسائل الإعلام ببيانات مديرية قوى الأمن، حيث تكون حصيلة حجز الدراجات المخالفة بعدة مئات لعدم حيازتها المواصفات القانونية والتي يصار إلى مصادرتها ورميها في مواقف خاصة تابعة لقوى الأمن، وبعد الفرز تتلف الدراجات التي تفتقر إلى مقومات السلامة العامة، أو لا يملك أصحابها أوراقاً ثبوتية. أما الصالحة للسير فتطبق عليها أحكام المادة (7) من المرسوم المعدل رقم (8949) بتاريخ 1974، التي تنص على طرح أي سيارة أو دراجة مضى على حجزها ما بين سنة وسنتين للبيع بالمزاد العلني. «عنتريات» في القيادة كل من يجول في شوارع العاصمة وضواحيها، يلمس خطر الدراجات النارية، واستعراضات «التشفيط» وإبراز المهارة في القيادة و»عنتريات» السير على دولاب واحد، عدا عدم احترام الإشارات الضوئية، وإشارات السير والسرعة المحددة بـ30 كيلومتراً في الساعة. «الاتحاد» التقت بعض سائقي الدراجات النارية، ومنهم سامر محيو يقتني دراجته منذ ثلاث سنوات، قال:»أفضل الدراجة على السيارة، لأن قيادتها تشعرني بالحرية والانفلات من القيود التي وضعها الأهل والدولة، فأنا أبلغ من العمر 17 سنة وهذا لا يمنعني من قيادة الدراجة بإتقان، مع القيام بعرض عضلات في الشارع في بعض الأحيان، من أجل لفت انتباه صديقتي». أما محمد دقماق فقال:»بسبب سوء الأحوال المعيشية اقتنيت دراجة مستعملة من اجل إيصال أولادي الثلاثة إلى المدرسة صباحاً وظهراً، لأنه ليس باستطاعتي دفع أجرة الباص الذي يكسر الظهر، طبعاً آخذ الاحتياطات اللازمة عند التنقل، وعندما تتيسر الأوضاع المادية سأستغني عنها». من أجل التوفير عماد عثمان، الموظف في مصرف، قال:»أستعمل الدراجة في عملي بالرغم من امتلاكي السيارة، وهذا يعود لزحمة السير الخانقة التي نشهدها كل يوم، وأيضاً حتى نصل على الدوام المطلوب. ولا أخفي عليك أن مصروف الدراجة النارية أخف وطأة في ظل الأزمة الاقتصادية التي نعيشها، وأنا لا أخالف القانون فكل أوراقي قانونية وسليمة». ويرى جميل خريس أن خطورة الدراجات النارية تتزايد بشكل ملحوظ، في ظل افتقار معظمها للشروط الفنية، التي يجب توافرها مثل المصابيح والإنارة «والخوذة»، مبديا استغرابه من عدم التزام الأشخاص الذين يركبون الدراجات بأبسط قواعد الأنظمة، وهذا ما يشكل خطراً محدقاً، لاسيما أن هناك بعض القاصرين والأطفال الصغار يركبون الدراجات دون حسيب أو رقيب، ولا يستطيعون التحكم فيها، وهذا ما يعرض حياتهم والآخرين لحوادث مؤسفة. ويعدد مصطفى منصور السلوكيات الخطيرة لبعض سائقي الدراجات التي لا تقتصر خطورتها على سلامتهم فقط، بل تتعداها لسائقي السيارات الذين قد يكونون ضحية لهؤلاء المغامرين بحياتهم وتهورهم من دون أي وعي وإدراك.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©