الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليابان: حلم مؤجل في «توهوكو»

14 مارس 2014 23:12
هل يحب رئيس وزراء اليابان «شينزو آبي» الجنود الذين قتلوا أثناء الحرب العالمية الثانية أكثر من اليابانيين الأحياء اليوم؟ قد يبدو هذا السؤال خالياً من المنطق، بعض الشيء. ولكنني لا أستطيع منع نفسي من طرحه وأنا أتفحص اللافتات المرفوعة في المسيرات المناهضة للحكومة بمناسبة الذكرى الثالثة لزلزال وتسونامي «فوكوشيما» الذي خلف ما يقرب من 20 ألف شخص ما بين قتيل ومفقود. وعلى إحدى اللافتات كتبت عبارة «آبي غائب» وعلى الأخرى كتب «الوطنية لا تخلق فرص العمل!» أما أكثر اللافتات التي حركت مشاعري فقد كانت تحملها أم في حوالي الثلاثين من عمرها وترتدي قميصاً عليه عبارة «لا للأسلحة النووية. أطفالي ما زالوا لا يستطيعون اللعب في الخارج». وبعد مرور 1095 يوماً، وضياع مليارات لا تحصى من الدولارات من الإنفاق العام، وتعهدات لا حصر لها بتسريع وتيرة الجهود المبذولة لإعادة البناء، لا يزال الإشعاع يتسرب من «فوكوشيما». أما مشروعات الإسكان العام المخطط لها فلم يقارب منها على الانتهاء سوى 3,4 في المئة فقط. ويُجري جيل كامل من الأطفال في منطقة «توهوكو» التي تقع في الشمال الشرقي اختبارات دورية لسرطان الغدة الدرقية. إنهم لا يتذكرون سوى المساكن المؤقتة، ويتساءلون عما إن كانت توجد ملاعب في الهواء الطلق. ولو قضى «آبي» جزءاً من وقته في مساعدة المدن التي دمرها التسونامي واللاجئين الذين خلفهم زلزال «فوكوشيما» بدلاً من الصراع مع جيران اليابان، لأصبح مواطنو «توهوكو» أفضل حالاً بكثير. فهل هذا نقد غير منصف؟ إن الذين يساهمون في رسم صورة سلبية عن «آبي» يعتقدون ذلك، فهم يشيرون إلى الزيارات الثلاث عشرة التي أداها إلى «توهوكو» منذ ديسمبر 2012. ولنواجه الأمر. فهذه الرحلات القصيرة التي أداها إلى الشمال ليست أكثر من كوارث فاضحة من وجهة نظر المنتقدين. والصور التذكارية التي يتم التقاطها مع مسؤولي الحكومة المحلية والأسر والأطفال المشردين الذين يشعرون بالحزن لفقدان زملاء الدراسة قد تسجل نقاطاً كبيرة في طوكيو، ولكنها لا تفعل شيئاً على أرض الواقع. ويرجع السبب الرسمي للبطء الشديد في وتيرة إعادة الإعمار إلى النقص في الأيدي العاملة، ومواد البناء وحجم العروض المقدمة من صناعة البناء والإنشاءات. والمشكلة الحقيقية هي أن المؤسسة السياسية في طوكيو قد نسيت «توهوكو» إلى حد كبير. وعلى رغم أن «آبي» قد ورث هذه المشكلة، إلا أن الغيوم التي تحجب عنه الأزمة يبدو وكأنها تزداد حجماً مع مرور الشهور. وقد أدى سلفه، رئيس الوزراء السابق «يوشيهيكو نودا» أيضاً زيارات متكررة إلى «توهوكو» وكذلك فعل «ناوتو كان». ولكن كيف يتأتى لأمة معروفة بالكفاءة الفائقة، وقد نهضت من رماد الحرب العالمية الثانية لتهدد الهيمنة الاقتصادية الأميركية لفترة من الوقت، أن تفشل في إتمام هذه المهمة؟ لم يعد حجم المشكلة عذراً مقبولاً للتخلي عن 100 ألف شخص في أماكن مؤقتة للإيواء، أماكن باردة ومتواضعة وتخلو من الخصوصية. ولكن دعونا نصدق الحكومة في مزاعمها بأنها تجد صعوبة في جذب عمال البناء -ما عليها سوى أن توفر لهم المزيد من النقود. أليس كذلك؟ إن فريق «آبي» يزعم أن هناك نقصاً في العمالة، فهل انتبهوا إلى هذا الأمر قبل ممارسة الضغوط لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية 2020. ولماذا لا تقوم باستيراد عمال بناء من أي مكان آخر في آسيا؟ إن الغاية قد تبرر الوسيلة في دولة تعاني من تقلص في القوى العاملة. كما أن الحركة التي ستحدثها المشاريع الكبرى الجديدة قد تعطي الاقتصاد دفعة مرحباً بها. نعم، إن اليابان دولة بيروقراطية، وهذه الأمور تستغرق وقتاً. ما في ذلك شك. ولكن «آبي» الذي يتمتع بأغلبية في مجلسي البرلمان، كانت أمامه 62 أسبوعاً لجعل أعضاء مجلس الوزراء والمشرعين ومسؤولي إعادة الإعمار يجتمعون معاً لخفض الإجراءات الروتينية، إلى جانب 440 يوماً لتخفيف آلام من ما زالوا يعانون مما تسميه اليابان «11 مارس» وهو تاريخ حدوث التسونامي عام 2011، وكذلك 10560 ساعة للمطالبة بأن يقوم أرباب صناعة التشييد والإنشاءات المقربون للحزب الديمقراطي الليبرالي، والذين حققوا مكاسب ضخمة في إزالة الأنقاض، ببذل المزيد من الجهد لإزالة التلوث من المناطق المحيطة بـ«فوكوشيما» لتصل إلى مستويات مقبولة. لقد كان لدى «آبي» الوقت الكافي لزيارة «بيونس آيرس» لطمأنة اللجنة الأولمبية الدولية بأن إشعاع فوكوشيما بات «تحت السيطرة»، وقد شمل جدول أعماله القيام برحلات إلى تركيا والهند لبيع التكنولوجيا النووية بالإنابة عن «شركة اليابان». كما شملت رحلاته أيضاً أماكن أخرى متنوعة مثل أيرلندا وماليزيا وموزمبيق وحتى «وول ستريت» لتوصيل رسالة مؤداها أن «اليابان قد عادت» وهي على استعداد للاضطلاع مجدداً بدور قيادي في آسيا. ولكن عدم قدرة الحكومة على التعامل مع أزمتها في البلاد يتناقض مع طموحاتها العالمية. وقد أهدرت الوقت الذي كان من الواجب تخصيصه للتخطيط لاحتواء أزمة توهوكو في مناقشة فظائع الحرب العالمية الثانية، وتعليم «الوطنية» لأطفال المدارس، وتزويد الإذاعة الوطنية «إن إتش كي» بالمحافظين الذين لديهم نفس أسلوب التفكير وهم يدافعون عن زيارة رئيس الوزراء لضريح «ياسوكوني» في طوكيو، حيث يرقد 14 من مجرمي الحرب من الطبقة الأولى بين قتلى الحرب الآخرين. ويبدو أن «آبي» يعتقد أن اليابان كانت ضحية للتاريخ. ولكن لماذا يتجاهل أيضاً ضحايا الكارثة الحاليين؟ ‎ويليام بيسيك محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©