السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

صعوبات تواجه تحقيق العملة الآسيوية الموحدة

صعوبات تواجه تحقيق العملة الآسيوية الموحدة
26 مايو 2008 00:26
لعل من المستغرب أن يعمد بنك التنمية الآسيوي الى عقد اجتماعه السنوي في أوروبا· فقد عقد هذا البنك التنموي الذي يتخذ من مانيلا مقرا له اجتماعا الاسبوع الماضي في اسبانيا أحدى الدول الاحدى عشرة التي تبنت العملة الأوروبية الموحدة ''اليورو'' لأول مرة في العام ·1999 ومنذ ذلك الوقت تنامت منطقة اليورو لتضم 15 دولة عضوة بينما ظلت العديد من الدول الآسيوية ترغب في تكرار هذه التجربة· وعلى الرغم من عدم وجود جدول زمني محدد حتى الآن وإحجام الزعماء الآسيويين عن الاشارة بوضوح الى ''اليورو'' الآسيوي القادم الا أنهم استمروا يفضلون فيما يبدو الايعاز إليه واجماله في مصطلحات مثل ''التكامل الاقليمي'' و''الارتباط الاقتصادي'' بينما بقي الهدف النهائي يتمثل في طرح عملة آسيوية مشتركة يتقاسمها عدد يصل الى 16 دولة في القارة· ولكن هذه الطموحات جعلت من مكان وتوقيت اجتماع بنك التنمية الآسيوي في هذا العام أمراً يدعو للدهشة والاستغراب وبخاصة أن منطقة اليورو تعاني من العديد من المشاكل الخاصة بها إذا ما أرادت القارة الآسيوية أن تتعلم الكثير من التجربة الأوروبية· فقد أدت عملة اليورو الى تحسين الفعالية الاقتصادية في منطقة يمكن مقارنة انتاجها بإنتاج الولايات المتحدة الأميركية· وتم التخلص ايضاً من التقلبات في أسعار صرف العملات بينما أصبحت الأسواق المالية في القارة تتسم بالمزيد من العمق والمرونة· وفي نفس الأثناء ازداد ازدهار التجارة البينية الأوروبية وأصبح اليورو البديل الأنسب للدولار الذي تراجع بمعدل 45 في المئة تقريباً أمام اليورو في خلال فترة السنوات الست الماضية· ولكن الوحدة النقدية الأوروبية ما زالت ليست في أفضل حالاتها إذ أن إحدى المشكلات تكمن في قوة اليورو نفسه وبشكل أدى الى تقلص تنافسية الصادرات· وهناك مشكلة كبيرة أخرى تتمثل في السياسات التي ينتهجها البنك المركز الأوروبي والتي تتناقض بشدة مع الظروف الاقتصادية لبعض الدول الأعضاء· فالاقتصاد الإسباني على سبيل المثال أصبح يعاني من انفجار فقاعة العقارات والمساكن· وفي السنوات الأخيرة فإن حالة الضعف التي أصبحت تساور بعض الاقتصادات مثل ألمانيا شجعت البنك المركزي الأوروبي على تبني سياسات نقدية توفيقية وبشكل لا تحتاجه اقتصاديات إسبانيا وايرلندا على الاطلاق في الوقت تزدهر فيه أسواق العقارات في هاتين الدولتين وبشكل أفضى الى نتائج أقرب الى ما حدث لفقاعة الأصول والموجودات على الطريقة الأميركية· أما وقد أصبح الاقتصاد الألماني الآن يؤدي بصورة جيدة فقد بات كل من رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني والرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي يرغبان في أن يعمد البنك المركزي الأوروبي الى خفض اسعار الفائدة· لذا فإن التجربة الأوروبية أصبحت تنطوي على العديد من المصاعب والمشكلات التي يأتي في مقدمتها وجود بنك مركزي واحد يسعى للسيطرة على السياسة النقدية الخاصة بأكثر من دستة من الاقتصادات المنفصلة· وكذلك فإنه عبر التجول والترحال في أنحاء القارة الأوروبية سرعان ما تنتهي الى مسامعك نبرة الغضب الشديد التي تربط ما بين طرح عملة اليورو وانتشار التضخم· وهو الأمر الذي يجعل كل شخص يزور ايطاليا أو البرتغال أو إسبانيا قبل وبعد تبني عملة اليورو يتعاطف مع هذه النظرية· ولكن جميع هذه المشاكل الأوروبية ربما تبدو صغيرة وهامشية بالمقارنة مع ما يمكن ان تختبره القارة الآسيوية في تجربتها المأمولة في تبني العملة الموحدة الخاصة بها· فالأمر قد استغرق من أوروبا 30 عاماً من التخطيط والمفاوضات والعمل الصعب الدؤوب حتى تتوصل الى العملة الموحدة في نهاية المطاف· بل ان العملية انطوت على قدر كبير من الثقة النسبية التي تم بناؤها بعيد أن وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها· ولقد سعت القارة الى المحافظة على السلم ودفع عجلة الازدهار والرفاه قدماً في وقت كانت فيه الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي منهمكتين في الحرب الباردة وفي سباق التسلح· بيد أن القارة الآسيوية تفتقد من جانبها الى أي شيء يمكن أن يحقق مثل هذه الثقة فالتوترات والعصبية بشأن الماضي ما زالت تعني أن أكبر ثلاثة اقتصادات في القارة - الصين واليابان وكوريا الجنوبية - أبعد من أن تدخل حتى في مجرد محادثات مع بعضها البعض· وبلا شك أن الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني هو جينتاو الى اليابان مؤخرا وهي الأولى من نوعها من رئيس صيني طوال عقد من الزمان تعتبر خطوة مهمة على الطريق الصحيح· ولكن آسيا ما زال أمامها طريق طويل يتعين عليها أن تمضي فيه من أجل ترقية وتحسين العلاقات· وفي الحالة الأوروبية نجد أن الرغبة السياسية في التكامل ساعدت على تجاوز المعوقات الاقتصادية· أما في آسيا فإن السياسة نفسها ما زالت تمثل المعوق الأكبر أمام هذا التكامل· وكما يقول سايمون كروس هيدج استراتيجي الشؤون النقدية في مجموعة ال جي تي في سنغافورة ''لا أرى أية رغبة سياسية في آسيا فيما يتعلق باستحداث سلطة نقدية مستقلة بالكامل مثل البنك المركزي الأوروبي· ولا أعتقد أن أياً من هذه الدول سوف يوافق على إنشاء مثل هذه المنظمة ما لم يوكل اليها إدارتها''· وبالاضافة لذلك فإن الاقتصادات الآسيوية أكثر تبايناً وتباعداً بكثير عما هو عليه الحال في الاقتصادات الأوروبية· ولنأخذ على سبيل المثال الدول العشر الاعضاء في منظمة دول جنوب شرق آسيا المعروفة باسم الآسيان والتي انشئت خصيصاً لتطوير النمو والتعاون الاقليمي· فالآسيان تحتوي على اقتصادات يصعب مقارنتها مع بعضها البعض متى ما علمنا أن دخل الفرد في سنغافورة يبلغ 29 ألف دولار في العام بينما لا يزيد على 500 دولار فقط في كمبوديا في نفس الوقت الذي يبلغ فيه هذا الدخل أقل من ذلك بكثير في ماينمار لدرجة أن البنك الدولي لم يكلف نفسه تسجيل هذا الرقم في ملفاته· وكذلك فإن المنطقة تفتقد أصلاً الى الهيكل أو الوعاء الجامع مثل الاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو أو منظمة مثل منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي من أجل الدفع بعملية التكامل الى آلاتها المنشودة· عن ''انترناشونال هيرالد تريبيون''
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©