الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التنويع الاقتصادي

19 ابريل 2017 23:35
مهما اختلفت وتنوّعت معايير القياس، فإن أي قراءة في مؤشرات أداء اقتصاد أبوظبي خلال الفترة الماضية تؤكد أن هذا الاقتصاد، الذي قطع شوطا بعيدا في النمو والازدهار، وأحرز درجة كبيرة من التنوّع والاستقرار في غضون فترة زمنية قصيرة، يتحرك من قوة إلى قوة، ومن نجاح إلى آخر، في ظل توجيهات قيادية رشيدة وإدارة حكيمة تستفيد من التجارب الماضية في سعيها إلى تحقيق الاستغلال الأمثل للفرص والإمكانيات المتاحة، من أجل بناء اقتصاد قوي، يعتمد في نموه على قطاعات وأنشطة متنوعة تجنبه آثار التقلبات التي تتسم بها أسعار النفط في الأسواق العالمية. إن التحول الاقتصادي الكبير الذي شهدته أبوظبي خلال الفترة الماضية، وبقدر ما هو تحول كمي قوامه النمو في مؤشرات الأداء الاقتصادي، فإنه في الوقت نفسه تحول نوعي واضح، نقل الاقتصاد المحلي خلال فترة وجيزة من اقتصاد تقليدي يعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط، إلى اقتصاد حديث متعدّد الأنشطة ومتنوّع الإنتاج. وحسب بيانات مركز الإحصاء- أبوظبي، شهدت حصة الأنشطة غير النفطية في اقتصاد أبوظبي ارتفاعا ملحوظًا في السنوات القليلة الماضية، حيث بلغت مساهمة هذه الأنشطة 69.5% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية خلال الربع الأخير من العام الماضي، بينما بلغت مساهمة الأنشطة والقطاعات النفطية نحو 30.5% فقط. يبدو من الوهلة الأولى أن هذا الارتفاع القياسي في مساهمة الأنشطة الاقتصادية غير النفطية سببه الانخفاض الكبير في أسعار النفط، ولكن يكفي للدلالة على أن هذه الأنشطة تشهد نموًّا حقيقيًّا وازدهارا ذاتيا، الإشارة إلى نمو هذه الأنشطة بنسبة كبيرة بلغت 5.1% بالأسعار الجارية خلال الربع الأخير من العام الماضي، برغم الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي تمر بها دول المنطقة بشكل عام، والتأثيرات السلبية المباشرة التي طرأت على أسعار النفط. إن بناء اقتصاد متنوّع ومستدام يستمد قوته من ثرواته الطبيعية ولكنه لا يخضع في توسعه ورخائه عليها، كان هو الهدف الذي سعت أبوظبي إلى تحقيقه طيلة الفترة الماضية. وإذا كان قطاع النفط قد لعب دورا مهما في مسيرة التنمية الاقتصادية، فإن إيرادات النفط لم تكن قادرة لوحدها على الوصول باقتصاد أبوظبي إلى ما وصل إليه اليوم لولا توافر الإدارة الرشيدة والقيادة الواعية التي استشرفت آفاق وفرص المستقبل، وأدركت بشكل مبكّر خطورة الاعتماد على مورد النفط وحده. وإن التقدّم الكبير التي أحرزته أبوظبي في مضمار توسيع وتنويع قاعدة الإنتاج ما هو إلا مقدمات لنمو أكبر ينتظر أن تشهده الأنشطة غير النفطية خلال السنوات المقبلة. وفي هذا المسار المحاط بتطلعات وطموحات كبيرة، ولكنها واقعية أيضًا، تبقى الفترة المقبلة وفي طياتها الكثير من مبشرات الازدهار والنجاح ومصادر الدخل المتنوعة للاقتصاد المحلي، ويبقى ضمان آليات الاستدامة والاستمرار والاستقرار لهذا التنوع الاقتصادي المتزايد ضرورة إعطاء مسؤولية أكبر للقطاع الخاص. * المدير العام لمركز الإحصاء -أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©