بسام عبدالسميع، حسونة الطيب (أبوظبي)
رغم مرور عشرات السنين، لا يستطيع الدكتور شامشير فاياليل - وهو من أبرز رجال الأعمال الهنود العاملين في الدولة - نسيان موقف حدث بينه وبين والده، تعلم منه الابن الصغير كيف يبحر في مسيرة من النجاح والتفوق، في مجال الرعاية الصحية في الدولة والمنطقة.
فبينما كان «شامشير الصغير» يطلب من والده أن يدله على مكان قريب ليلعب مع رفاقه لعبة التنس، قام الأب بتسوية مساحة صغيرة من الأرض لهذا الغرض، ثم قال له: «أديت عملي وستكمله أنت»، فما كان من الابن سوى أن بدأ بالتفكير في كيفية تصميم ملعب لهوايته مع رفاقه، وتمكنوا من إنجازه بعد بذل جهد كبير، ليتعلم الطفل من والده كيف يعتمد على نفسه في تسيير شؤونه..
الدكتور «شامشير»، الذي أصبح اليوم العضو المنتدب لمجموعة «في بي اس» للرعاية الصحية، والتي تضم عدداً من المستشفيات والمراكز الطبية داخل الدولة وخارجها منها برجيل، ومديور، ولايف لاين، لا ينسى هذا الموقف، ويؤكد أثناء حديثه معنا أنه كان له الأثر البالغ في مسيرته المهنية والعملية، وفي تحقيق نجاحاته في مهنة الطب وخدمات الرعاية الصحية الراقية.
لم يكن الرجل يعلم ما تخبئه له الأقدار، فبعد أن حصل على بكالوريوس الطب في تخصص الأشعة من جامعة بوسطن الأميركية، خطط لإكمال مسيرته التعليمية في الدراسات العليا في الولايات المتحدة، إلا أن تعقيدات واجهته في ذلك، أسهمت في تغيير خطته، فغير وجهته واختار دولة الإمارات. جاء إلى الدولة في عام 2004 ليعمل طبيباً في مستشفى خليفة في أبوظبي، وبعد مرور عام ونصف العام بدأت قصة من نوع مختلف، حين ترك الوظيفة وبدأ مسيرته كصاحب أول مستشفى خاص له.. مستشفى «لايف لاين».
كان الطموح بتحقيق الأفضل هو ما يسيطر على تفكير الطبيب، فأشرف على جميع التفاصيل في مشروعه الخاص، وعمل بيديه مع فريقه كخلية نحل لتصميم أجزاء هذا المستشفى المختلفة، وهنا يقول «شامشير»: «الحياة هي المدرسة الأساسية التي تحقق النجاح والتفوق، كنت أرغب في أن أكون رجل أعمال مثل والدي وهو ما أستطيع اليوم وبعد مرور 10 سنوات، أن أقول إنني حققته».
وتابع «الإمارات هي البيئة المثالية للنجاح والتفوق، فمن يعمل هنا يستلهم من القيادة الطاقة الإيجابية والتوجه نحو تحقيق الإنجازات.. من يعيش في الإمارات لديه فرصة كبيرة لتحقيق تجربة استثنائية استلهاماً من الروح الإيجابية التي تحفزها قيادة الدولة».
وأوضح أن 10 سنوات هي تجربتي الميدانية في الحياة العملية لا تشكل شيئاً في عمر الأشخاص أو الكيانات الاقتصادية، ولكنها في الإمارات اختصرت الزمن، وحققت نجاحات كبرى.
وكانت انطلاقة نجاح الدكتور شامشير مع افتتاح مستشفى «إل إل اتش» عام 2007 في شارع «إلكترا» في أبوظبي، وتبعها افتتاح سلسلة مستشفيات حتى أصبحت مجموعة متطورة ومتكاملة في تقديم خدمات الرعاية الصحية، يتقدمها مستشفى برجيل كأول مستشفى 7 نجوم في المنطقة، ومستشفى «إل إل اتش»- المصفح في أبوظبي، ومستشفى لايف كير في منطقة الراحة في أبوظبي، فضلاً عن مستشفى ليكشور في الهند، ومستشفيي «إل إل اتش» في صحار وصلالة العُمانيتين، وأحدثها مستشفى برجيل للجراحة المتطورة في دبي، إضافة إلى أكثر من 30 عيادة في أبوظبي، وشركة لتنظيم الفعاليات الطبية في الإمارات وسلطنة عمان والهند. وعن كيفية التوفيق بين مبدأ العمل الإنساني في الطب ومبدأ العمل التجاري، يؤكد شامشير أن مهنة الطب هي مهنة الإنسان في المقام الأول، فالواجب أن يحصل المريض على أفضل درجات الاهتمام الطبي، مؤكداً أن أي طبيب ينظر إلى مريضه على أنه وسيلة لتحقيق الربح المادي، فهو طبيب قصير النظر، ويضيف: «الإنسان هو الأساس.. هذا ما تعلمته وأعلمه لفريق عملي، أما العوائد المالية، فلا ينبغي أن نجري وراءها.. فمتى ما حققنا المبدأ السليم، فكل جوانب النجاح ستتحقق».
الدكتور شامشير يؤكد أن الإمارات ستكون في المستقبل القريب عاصمة للطب والرعاية الصحية في المنطقة، نتيجة لوفرة البنية التحتية العالية والمتطورة من طرق ومطارات ووسائل نقل وتكنولوجيا واتصالات وأجهزة متطورة في مختلف القطاعات وخدمات إلكترونية، فضلاً عن قطاع السياحة العلاجية الذي يشهد نمواً كبيراً.
ونوه بأن عدد الزوار لمجموعته الطبية VTS داخلياً وخارجياً يتجاوز 11 ألف مريض، وتستحوذ الإمارات على الحصة الأكبر من هؤلاء الزوار، مشيراً إلى أن مجموعته الطبية قامت بربط كل أجهزة الفحص والبيانات داخلياً وخارجياً لتوفر لأي طبيب التعامل مع المريض عبر بيانات دقيقة في مختلف المناطق. وذكر أن الاستثمار في الرعاية الصحية توجه مهم، حيث تتراوح نسبة المرضى من سكان العالم ما بين 10 إلى 15%، إضافة إلى الأصحاء الذين يحتاجون إلى الفحوص وإجراءات الوقاية والتنبؤ بالمستقبل. وحول مشاريع المجموعة حالياً، أفاد بأن العمل جارٍ للانتهاء من مستشفى السرطان في مدينة محمد بن زايد في جزيرة أبوظبي، على أن يفتتح العام المقبل، إضافة إلى التوجه لإنشاء بعض المستشفيات في عدد من دول التعاون، إضافة إلى مستشفيات المجموعة في عمان والكويت.
تم تكريم الدكتور شامشير في مناسبات عديدة في الدولة، حيث منح جائزة الشيخ حمدان بن زايد للمساعدات الإنسانية عام 2013، وجائزة القياديين الرواد في عالم الصحة العربية عام 2012، وجائزة الشيخ خليفة للامتياز عام 2009، كما صنفته مجلتا أريبيان بزنس وفوربس الشرق الأوسط ضمن قائمة 100 رجل أعمال هندي الأكثر نفوذاً في الخليج والشرق الأوسط.
مدينة برجيل الطبية
تعد مدينة برجيل الطبية، هي مستشفى للرعاية الرباعية للأورام وسط مدينة محمد بن زايد في أبوظبي، ومن المتوقع أن تكون أكبر مرفق للرعاية الصحية في الإمارات، حيث تضم ما يزيد على 400 سرير ومرفق وفلل للرعاية الصحية طويلة الأجل ومبنى للإدارة ومرفقاً تعليمياً، تغطي مساحة قدرها 120 ألف متر مربع.
وتتوسط المرفق المبنى الرئيس للمستشفى، بجانب القبو وأربع منصات وستة أبراج ومهبط لطائرات الهيلوكوبتر وتركز هذه التحفة المعمارية على، مجالات أكثر تخصصاً مثل، الأورام والرعاية الصحية طويلة الأجل وصحة الناس، بالإضافة إلى قسم الأشعة والطوارئ والمناظير ومركز لإعادة التأهيل وخدمات الأطراف الصناعية وتقويم العظام والعيادة الخارجية وقسم للعمليات يعمل بآخر التقنيات الحديثة، فضلاً عن أقسام للعناية الحرجة.
عدد اليوم
