الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفصل في الحافلات… تطبيق إسرائيلي للعنصرية

6 مارس 2013 23:06
جوشوا ميتنيك إسرائيل بالقرب من أحد المراكز التجارية تنطلق الحافلة رقم 210 من محطتها الأولى بضواحي تل أبيب إلى الضفة الغربية عابرة الأراضي الإسرائيلية. لكن بالنسبة للمواطنين الإسرائيليين الذين يريدون ركوب الحافلة، فإن السائق يحول دونهم، والسبب أن الخط رقم 210 هو أحد خطين جديدين مخصصين للفلسطينيين فقط دون غيرهم، بحيث استحدثت وزارة النقل الإسرائيلية الحافلتين بهدف نقل الفلسطينيين الذين يتوافرون على رخص العمل داخل إسرائيل إلى بيوتهم في الضفة الغربية عند الانتهاء من العمل. وتقول الوزارة إن الخطين يهدفان إلى تخفيف عبء التنقل عن عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين وجعلها أقل تكلفة، لكن الفلسطينيين والمدافعين عن حقوق الإنسان يرون في إنشاء الخطين الجديدين محاولة لاستحداث نظام فصل في الحافلات لعزل الفلسطينيين عن المستوطنين الذين يجدون أنفسهم جنباً إلى جنب مع بعضهم البعض في حافلات آخر النهار وهم يعودون إلى بيوتهم. فبعد السماح لعدد أكبر من الفلسطينيين بالعمل داخل إسرائيل وحصولهم على تراخيص الدخول بعد الانتفاضة الثانية مطلع العقد الماضي، بدأت تظهر بعض مظاهر التوتر بين الطرفين في الحافلات. فالمستوطنون يقولون إنهم يُتركون في المحطات بسبب عدم توافر مقاعد شاغرة بعد أن يملأها الفلسطينيون، الذين يشتكون بدورهم من أن الشرطة الإسرائيلية أخرجتهم من الحافلات بطلب من المستوطنين ليضطروا إلى السير مسافات طويلة بين محطات الحافلات، وهو ما عبر عنه «محمد حسين»، عامل فلسطيني كان يستقل الحافلة رقم 210 في طريق العودة إلى بيته في نابلس، قائلا «لم نعد قادرين على ركوب الحافلة 81 فقط لأننا عرب»، مضيفاً «في رأيي أن الهدف من استحداث الخط الجديد ليس تسهيل حياة الفلسطينيين». ومن جانبها، تقول الجماعات الإسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان إن نظام الحافلات الجديد يمثل عنصراً آخر من عناصر الاحتلال العسكري للضفة الغربية، وأنه يستدعي أيضاً عناصر في نظام الفصل العنصري، الذي كان يميز بين الأعراق في جنوب أفريقيا، أو الفصل العنصري في الولايات الجنوبية لأميركا خلال النصف الأول من القرن العشرين. وأصدر وزير النقل الإسرائيلي، بياناً يوم الإثنين الماضي أوضح فيه أنه أعطى تعليماته للمسؤولين بالسماح للعمال الفلسطينيين من أصحاب التراخيص بركوب الحافلات العامة التي يريدون، ويبدو أن الخطوط الجديدة ترمي للحد من النقل غير المنظم، بالإضافة إلى فرض تعرفة مخفضة لا تتجاوز 1.34 دولار للرحلة الواحدة من مدن الضفة الغربية إلى «كفر سابا» بإسرائيل، وضعفها إلى تل أبيب. وحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، يصل عدد الفلسطينيين الذين يعتمدون في دخلهم على إسرائيل إلى 73 ألف عامل، لكن وفيما تتعهد وزارة النقل بأن خدمة الحافلات ستكون «متساوية ومفتوحة» أمام جميع السكان، تبقى الحافلات الجديدة محصورة على نقل الفلسطينيين دون الإسرائيليين، بحيث يبدأ الخط 210 في الفجر حوالي الساعة 4:30 لينطلق من معبر «إيال» الذي يفصل الضفة الغربية عن إسرائيل والمخصص لعبور الفلسطينيين فقط ليمر عبر عشر محطات منها «كفر سابا» قبل الانتهاء في ضاحية «رعنانا»، إلا أنه ما أن تدخل الحافلة إسرائيل حتى تتوقف عن قبول ركاب جدد. وبالإضافة إلى الخط الأول هناك خط ثاني يحمل رقم 211 ينطلق من معبر «إيال» إلى وسط تل أبيب. وليست خطوط الحافلات، هي وحدها المنفصلة في إسرائيل، بل أقامت السلطات الإسرائيلية نظام طرق خاص فقط بالفلسطينيين داخل الضفة الغربية، كما أقامت نقاط عبور خاصة بالفلسطينيين إلى إسرائيل، بل حتى مظاهر البنية التحتية الأخرى مثل شبكات المياه منفصلة أيضاً، وهو ما يعبر عنه «مايكل سفارد»، المحامي المتخصص في قضايا حقوق الإنسان قائلا «إن فكرة الفصل بين السكان باعتباره أداة أفضل لخدمة جزء من المجتمع هي الفكرة ذاتها التي رفضتها المحكمة الأميركية العليا قبل ستين عاماً. هذا النظام القائم على الفصل مصمم على أساس عرقي، وهو معمول به في سياق سيطرة مجموعة معينة على أخرى وبنية الحفاظ على هذه السيطرة»، ويعترف كل من النشطاء الإسرائيليين في المنظمات الحقوقية والفلسطينيين أن المستوطنين اليهود الذين يركبون الحافلات نفسها مع الفلسطينيين لدى عودتهم مساء إلى بيوتهم هم من طلبوا إلى السلطات الأمنية منع الفلسطينيين من ركوب الحافلات نفسها، إلا أن المشكلة بالنسبة لإحدى النساء الإسرائيليات التي كانت تنتظر في محطة حافلات ورفضت الإدلاء باسمها يكمن في الازدحام الشديد داخل الحافلات. قائلةً: «لا أحد ينكر أن الفلسطينيين بشر هم أيضاً ويحتاجون إلى حافلات، لكن يجب وقف الفوضى وفرض بعض القواعد». ولدى ركوب الحافلات المخصصة للفلسطينيين، يمكن سماع الموسيقى العربية، فيما السائق يشق طريقه من الضفة الغربية إلى داخل إسرائيل. وعن هذا الأمر، يقول «موسى محمد»، أحد ركاب الحافلة «ينطوي الأمر على مفارقة فداخل إسرائيل نستطيع ركوب الحافلات والقطارات كما يحلو لنا جنباً إلى جنب مع الإسرائيليين، لكن لدى عودتنا مساء إلى البيت في الضفة الغربية يكون علينا ركوب حافلات خاصة بالعرب بعد أن نُفصل عن الباقي». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©