الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ساندي كي»... هل تصبح «أوباما إيطاليا»؟

«ساندي كي»... هل تصبح «أوباما إيطاليا»؟
13 يوليو 2009 01:02
أحد ملصقات حملته الانتخابية كان يُظهر أحد زعماء هنود أميركا الشمالية وبجانبه التعليق التالي: «لقد فرضوا عليهم الهجرة؛ وها هم اليوم يعيشون في محميات!». والواقع أن حزب «رابطة الشمال» لطالما اتُّهم بإشاعة الخوف بين الإيطاليين وتأليب المعارضة ضد المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء؛ غير أن الحزب، الذي يصفه منتقدوه بأنه عنصري ومعاد للأجانب، في صعود مضطرد حيث حصل خلال الانتخابات البرلمانية الأوروبية، التي جرت الشهر الماضي مثلا، على ضعف ما حصل عليه من أصوات خلال انتخابات سابقة في 2004، رافعاً بذلك نصيبه إلى 10 في المئة. واليوم، فاجأ حزب «رابطة الشمال» منتقديه بفائز جديد غير متوقع: ساندي كي، وهي امرأة سوداء نصف أميركية كان أبوها الذي وُلد بولاية ماساتشوسيتس جندياً ضمن القوات الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية. وقد انتُخبت «كين»، التي أصبحت أول عمدة سوداء في إيطاليا، في انتخابات محلية أجريت بتزامن مع الانتخابات البرلمانية الأوروبية. وتُلقب كين بـ«أوباما إيطاليا» حيث يعد شعرها الأسود المجعد ولون بشرتها إرثاً عرقياً مختلطاً يشبه إرث الرئيس الأميركي، بل إنهما يشتركان في سنة الميلاد نفسها. ولكن أوجه التشابه تنتهي عند هذا الحد لأن سياسة «كين» تضعها على يمين أوباما. وتُعد «رابطة الشمال»، التي طالبت على مدى سنوات بحكم ذاتي أكبر لشمال إيطاليا الأكثر ازدهارا، القوةَ الدافعة وراء حملة صارمة تستهدف المهاجرين غير الشرعيين، مثل قانون مُرر مؤخراً يجعل من التواجد في إيطاليا من دون الأوراق القانونية المناسبة جريمةً يعاقب عليها القانون. وتستهدف هذه السياسة عشرات الآلاف من المهاجرين الذين تدفقوا على إيطاليا من أفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية، والذين يتهمهم العديد من الإيطاليين بأنهم السبب في كثير من جرائم الشارع، ومن ذلك جرائم اغتصاب هزت الرأي العام الإيطالي. اليوم، تجد العمدة كين نفسها مكلفةً بشؤون مدينة فيجيو الصغيرة في شمال البلاد (عدد سكانها 5300)، والتي تقع على مرمى حجر من الحدود مع سويسرا. وتشدد على أنه لا يوجد تناقض بين أن يكون المرء أسود ومناصراً لحزب «رابطة الشمال»، إذ تقول: «أن تكون مناهضاً للهجرة غير الشرعية لا يعني أنك عنصري»، مضيفة «إن المشكلة تتمثل في كون هؤلاء الأشخاص لا يتوفرون على أوراق ومعوزين جداً؛ وبالتالي، فإنهم إما سيسرقون حتى يأكلوا أو سيُستغلون من قبل مشغّلين يمنحونه مالا قليلا ولا يكترثون إن ماتوا... إن الإيطاليين لا يقولونها بصراحة، ولكن هناك الكثير جداً من المهاجرين غير الشرعيين إلى درجة أن المدن الكبيرة باتت مخيفة هذه الأيام». وتُعد «كين» ممن يؤيدون السياسة التي تبنتها إيطاليا مؤخراً، والمتمثلة في اعتراض سبيل قوارب المهاجرين غير الشرعيين أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط وإرغامهم على العودة إلى ليبيا التي تنطلق منها معظم قوارب المهاجرين. وفي هذا السياق، يُظهر أحد ملصقات حزب «رابطة الشمال» أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة صورة قارب مكتظ بمهاجرين أفارقة غير شرعيين يقول بغير قليل من الفخر: «لقد أوقفنا الغزو». وتقول «كي»، التي كانت تعمل مرشدة سياحية ومترجمة للغة الإنجليزية قبل أن تُنتخب عمدة للمدينة: «إن المشكلة أكبر من أن تعالجها إيطاليا بمفردها، وأعتقد أنه ينبغي أن يكون للأمم المتحدة حضور أكبر في بلدان مثل ليبيا حتى يمكنها دراسة ملفات الناس هناك. وعلى أي حال، كم واحداً منهم هو لاجئ حقا، وليس مهاجراً اقتصادياً؟». وكان والد «كين» الأميركي ذو الأصول الأفريقية قد التقى بزوجته الإيطالية حين كان يتلقى العلاج بعد جرحٍ أصيب به في القتال بفرنسا خلال الحرب؛ فتزوجا وأنجبا بنتين، ولكنهما انفصلا لاحقاً. وفي 1971، حين كانت «كين» في العاشرة من عمرها، أعادتها والدتها إلى مدينتها «فيجيو». وتقول: «منذ أن أتيتُ إلى إيطاليا، لم يوجه لي أحد إهانة عنصرية سوى مرة واحدة ، وكان ذلك من قبل شاب ثمل في أحد النوادي الليلية، وقد اعتذر لي أصدقاؤه نيابة عنه. إن الإيطاليين غير عنصريين، ولكنهم يخافون من الأزمة الاقتصادية ويخشون فقدان وظائفهم»، مضيفة «إن الناس الذين صوتوا لي لا يهتمون إن كنت سوداء أو بيضاء أو وردية أو خضراء – إنهم يعرفونني فقط بـ «ساندي». وكعمدة للسنوات الخمس المقبلة، تقول كين إنها لن تتردد في جعل الشرطة تقوم بعمليات لمراقبة الهوية من أجل توقيف المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في المدينة وتقول: «أريد أن أراهم يرحّلون». هذا، ولطالما دعت عصبة الشمال إلى حكم ذاتي أكبر لمناطق إيطاليا الشمالية الأكثر رخاء، بل إنها تؤيد الانفصال، وإن كانت قد حدت من مطالبها اليوم وباتت تدعو لنقل السلطات من العاصمة، التي يصفها العديد من أنصار حزب عصبة الشمال بـ «روما لادرونا»، أي «روما السارقة». وتقوم أيديولوجية العصبة على مزاعم مشكوك فيها تاريخيا تقول بأن لشمال إيطاليا إرثا خاصا يذكر هنا أن شعارها الرسمي هو عبارة عن فارس من منطقة لومباردي (بشمال إيطاليا) كان أحد الشعوب الجرمانية قد غزاها في القرن السادس ميلادي وأسس بها مملكة يحمل سيفا ودرعا . نيك سكوايرز - روما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©