الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصحافة ترفض الرقص!!

7 مارس 2012
بعد ساعات من إجازة الرقابة على المصنفات الفنية في مصر، عرض فيلم "على واحدة ونص"، بطولة الفنّانة الاستعراضية سما المصري، والتي قامت بتأليفه وإنتاجه أيضاً، "قامت الدنيا ولم تقعد"، حيث طالب مجموعة من الصحفيين مشيخة الأزهر والبرلمان بإصدار فتوى بوقف عرض الفيلم، بل بلغ الأمر مداه، بعد أن هدد بعض الصحفيين بالتقدم ببلاغ إلى النائب العام ضد الرقابة التي صرحت بعرض الفيلم، لما يحمله من إساءة إلى مهنة الصحافة، خاصة أن بطلة الفيلم تقوم بدور صحفية، ثم تواجه ظروفاً حياتية صعبة تدفعها للعمل راقصة استعراضية في أحد الملاهي الليلية.. ولم يكتف صحفيو مصر بذلك، بل قادوا أكثر من 50 حملة على "فيسبوك" تدعو لمقاطعة هذا الفيلم الذي وصفوه بـ "المهزلة" في حق مهنة الصحافة المحترمة، والتي لها مكانتها الأدبية والثقافية في المجتمع، والتي لا يجب أن تتعرض لإهدار كرامتها على شاشة السينما عبر فيلم "هابط"، وصفه البعض بأنه يغرق في الإسفاف والابتذال لمخرجه جمعة بدران. وهذا الفيلم الذي يمكن أن يقتحم دور العرض المصرية هذه الأيام، ما هو إلا نتاج المرحلة المضطربة التي تعيشها مصر حالياً، والتي أصابت جدران المجتمع بالتصدع، وأغرقته في نهر من الفوضى، نتيجة اتجاه الفئات المختلفة إلى اتباع قاعدة "تصفية الحسابات"، وتشويه الآخر. ولكن هذا لا يمنع من أن الفوضى أيضاً طالت عدة مجالات منها الصحافة نفسها، التي لم يحترمها بعض القائمين عليها، وافتقدت للدقة والمصداقية منذ قيام ثورة 25 يناير، واعتمدت في نشر أخبارها على الإشاعات والمصادر المجهولة، حتى أن بعض المطبوعات ساهمت في إحداث اضطرابات وفتن وكوارث بقصد أو من دون قصد، نتيجة عدم الالتزام المهني، والركض خلف الإثارة، ونشر أكاذيب بهدف تضليل الرأي العام.. إضافة إلى ظهور بعض الصحف الجديدة التي حاولت القفز على أكتاف الساحة الإعلامية، لتحقيق مكاسب مهنية أو مادية، ولعبت على أوتار الإثارة، دون التقيد بمبادئ وشرف المهنة. كل هذا دعا مطربة "صغيرة" ومبتدئة في حجم سما المصري، لأن تكون المؤلفة والمنتجة والبطلة لفيلم يطعن مهنة الصحافة دون هوادة، ما دفع الغيورين على المهنة إلى الانتفاضة، وهم يرون صاحبة الجلالة تتعرَّض للإهانة على الشاشة، عبر فيلم تجاري وصفه الكثيرون، من خلال عرض "البرومو" الخاص به، بـ"الهابط". ورغم ما قيل عن هذا الفيلم، إلا أن المطالبات بحرية الرأي في مصر، تستدعي أن يتم عرض الفيلم، دون الحجر عليه، فقد يكون يحمل رسالة هادفة للجمهور، بعيداً عن أحداثه غير المنطقية التي وضعت صحفية محترمة في ثوب الراقصة..!! في كل الأحوال، الرقابة صرّحت بعرض الفيلم، ولا أعتقد أنها سوف تصغي لصوت الصحفيين الذين انتفضوا وطالبوا بوقف عرضه، حتى ولو وصل الأمر للنائب العام، ولا أعتقد أن رصيد الصحافة المنخفض حالياً، سوف يشفع لها ويؤهلها لتكسب تعاطف الجمهور وتقنعه بمقاطعة الفيلم، ولا أعتقد أن أداء الكثير من الصحف خلال الفترة الماضية، يدخل في دائرة الاحترام للمهنة حتى يحترمها الآخرين، فالصحافة في مصر تطاولت على نفسها، قبل أن يتطاول عليها الصغار من خلال فيلم سينمائي.. وكل ما عليها الآن أن تشرب من نفس الكأس، لعلها تفيق وتستعيد مكانتها وتكون مرآة حقيقية للمجتمع. soltan.mohamed@admedia.ae?
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©