السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«أم القنابل».. لماذا الانزعاج؟

20 ابريل 2017 01:19
أسقطت الولايات المتحدة، يوم الخميس الماضي، قنبلة في أفغانستان، بالقرب من مكان يدعى «اشين». وقد نسفت هذه القنبلة التي تزن 9800 كج من نوع «جي بي يو 43» شبكة أنفاق يستخدمها مقاتلو تنظيم «داعش» - ثم وسائل الإعلام بعد ذلك بوقت قصير. وظهرت خلال التغطية الإعلامية لـ«أم القنابل» حالة من الهيستيريا، حتى برنامج «فوكس والأصدقاء» اليومي تتبع التسجيل الصوتي للانفجار، والذي صورته الكاميرا المحمولة على بندقية. وبعد مرور ما يقرب من 16 عاماً منذ هجمات 11 سبتمبر، ما زلنا في حرب في أفغانستان. وقد أسقطت القوات الجوية الأميركية بالفعل 457 قطعة سلاح هناك في عام 2017، بيد أن شيئاً واحداً أصاب الناس بالجنون بعض الشيء. ربما يكون الاسم الحركي للقنبلة: (أم كل القنابل)، فلماذا كل هذا الاهتمام بقنبلة واحدة، والقليل من الاهتمام للحرب التي طال أمدها؟ نعم لقد كانت القنبلة كبيرة. فأم القنابل تنفجر بقوة تعادل 11 طناً من مادة (تي. إن. تي)، وهي أقوى قنبلة تقليدية في ترسانة الولايات المتحدة، على الرغم من أن قنبلة «جي بي يو 75 إيه/‏‏بي» أثقل. وتعد الذخائر المختلفة أفضل بالنسبة للمهام المختلفة، لكن القوة التدميرية الشاملة لأم القنابل تشبه حاملات القنابل الأخرى، مثل القاذفة بي-52 التي تحمل أكثر من 50 قنبلة زنة كل منها 750 رطلاً. أما أم القنابل، في حد ذاتها، فهي بديل لقنبلة قديمة، وأقل تدميراً قليلاً تعرف باسم «الأقحوان القاطع»، التي استخدمتها الولايات المتحدة لإحداث تأثير فظيع في فيتنام والعراق وأفغانستان. وبالتأكيد، فإن «أم القنابل» صدمت وأفزعت المراقبين هنا. وذكرت وكالات أنباء عديدة أن أم القنابل لها تأثير يضاهي القنبلة الذرية التي دمرت هيروشيما. هذا هراء: لأن أم القنابل تنفجر بقوة نحو 11 طناً من مادة (تي ان تي.)، أما القنبلة الذرية التي دمرت هيروشيما فكانت أكثر قوة بنحو ألف مرة. وقد أجريت التصويبات على النحو الواجب، لكن لهجة التغطية الإخبارية لم تتغير. ولم تكن هذه هي القنبلة الأولى التي تسقطها الولايات المتحدة في أفغانستان. وبالتأكيد لن تكون الأخيرة. ففي شهر يونيو الماضي، خفف الرئيس أوباما القيود المفروضة على الضربات الجوية الأميركية دعما للقوات الأفغانية. وبعد فترة ليست بالطويلة، بدأت قنابل بي -52 في ضرب أهداف هناك للمرة الأولى منذ عشر سنوات. ورغم ذلك، لم يكن هذا ملحوظاً في الولايات المتحدة - على الأقل حتى بدأ سلاح الجو إطلاق أول قنبلة من طراز أم القنابل في حالة القتال. أيا كان السبب، فإن الناس يتعاملون مع أم القنابل كما لو كانت سلاحاً نووياً، على الرغم من أنها ليست كذلك، سواء فيما يتعلق بكيفية عملها أو في قوتها التدميرية. وجزء من رد الفعل هذا ربما يعكس اللحظة التي نعيش فيها. فبعد حملة رئاسية طويلة ومريرة كان عبارة «إصبع دونالد ترامب فيها على الزر النووي»، هي الاستعارة التي تستخدم لمناقشة مدة أهليته أو عدمها لتولي مسؤولية المكتب البيضاوي الرهيبة، أصبح الناس متقلبين. فالضربات الجوية في سوريا، والتهديد بالحرب في شبه الجزيرة الكورية، أثارت قلق الكثيرين، ربما أكثر مما تستدعي الوقائع، بيد أن الأمر ينطوي على مسألة أكثر عمقاً – وهي العملية التي نقرر بها الأسلحة المحظورة والأسلحة التي ليست كذلك. والكثير من مواطنينا لم يكونوا ببساطة واضحين بشأن الجانب الغامض الذي تسقط عليه أم القنابل. ومن يستطيع توجيه اللوم إليهم؟ وعلى أي حال، فقد قررنا أن تدمير هيروشيما وناجازاكي بالأسلحة النووية كان فظيعاً، لكن إطلاق القذائف على طوكيو لم يكن كذلك. وأن الرئيس السوري بشار الأسد لا يجب أن يقتل الأبرياء بالغاز السام، ولكن فقط بالقنابل والصواريخ التقليدية. هذه فروق اعتباطية، ولكن عندما تظهر قنبلة جديدة، من الصعب معرفة كيف يمكن مواءمتها في الأطر الموجودة لدينا. *باحث في معهد ميدليبري للدراسات الدولية في مونتيري- كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©