الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مزارعو تركيا.. ضحية مساومات بوتين وأردوغان

20 ابريل 2017 01:20
تداعيات الحرب في سوريا تتسلل إلى تركيا في صورة عقوبات فرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أن أسقطت قوات الرئيس رجب طيب أردوغان طائرة روسية قبل 16 شهراً، وهذه العقوبات تضر أشد الضرر بالمزارعين الأتراك الذين تعفن محصولهم من الطماطم (البندورة) على امتداد قطاع خصيب في شمال شرق البحر المتوسط، ويؤكد «منير سين» رئيس جمعية تجار الخضراوات والفاكهة في مدينة ميرسين في جنوب تركيا أن المزارعين لا يمكنهم الصمود دون السوق الروسية، وأن نسبة التلف في المحصول لم يشهدها من قبل، لكن بوتين يرفض التراجع عن الحظر على تصدير الطماطم ليغلق دون الأتراك سوقاً كبيراً لصادراتهم الزراعية. صحيح أن تركيا ترسل بعض الشحنات إلى أسواق أخرى، لكن الفجوة الروسية التي تقدر بنحو ربع مليار دولار في العام أكبر من أن يجري تعويضها في أسواق أخرى. والقيود التي يفرضها بوتين تفاقم من البطالة والعجز التجاري التركي، وردت تركيا على الحظر الروسي بمنع شراء القمح من روسيا التي تعد أكبر مصدر للقمح في العالم. وفي مقابلة أجريت في نهاية مارس الماضي في إسطنبول، ناشد وزير الزراعة التركي فاروق جليك روسيا أن تتفاوض من أجل التوصل إلى هدنة وتجنب الأضرار بالمنتجين والمستهلكين في كلا البلدين، لكن مزارعي تركيا المتضررين وقعوا فيما يبدو ضحية نزاع أكبر وأكثر تدميراً يتمثل في الحرب بالوكالة من دول متعددة في سوريا، ورغم أن بوتين استعان بدعم أردوغان في جهود إنهاء الصراع الدائر منذ ست سنوات الذي انضمت إليه روسيا في نوفمبر 2015، لكن هوة الخلاف بين الزعيمين شاسعة، فتركيا من ناحية، تريد التخلص من الرئيس بشار الأسد، حليف بوتين، وموسكو من ناحية أخرى تؤيد عناصر كردية تعتبرها أنقرة إرهابيين. ويرى ألكسندر شوميلين رئيس مركز صراعات الشرق الأوسط في موسكو أن الإبقاء على حظر استيراد بعض المنتجات الزراعية التركية يخدم بالنسبة لبوتين غرضين، فهو يسمح له بأن يحتفظ بنفوذ يمارسه على أردوغان، بينما يساعد الأنشطة الاقتصادية المحلية على الاستثمار في إنتاج الطعام لدعم مسعى الكرملين في تحقيق الاكتفاء الذاتي، والجهات التنظيمية تحث موسكو على أن تبقي الحظر لبضع سنوات لحماية المستثمرين المحليين الذين بدأوا دخول هذا المجال. وفي العاشر من مارس الماضي، كان أردوغان يأمل، أثناء زيارته موسكو، أن يتمكن من إقناع بوتين برفع كل العقوبات المتبقية لكنه عاد خالي الوفاض، فلم ترفع روسيا القيود إلا على عدد قليل من الخضراوات التي لا تمثل مجتمعة إلا قسطاً صغيراً من المبيعات، ورد أردوغان بعد ذلك بقليل بانسحاب المعارضة المدعومة من تركيا في سوريا فجأة من محادثات سلام متعددة الأطراف نظمتها روسيا في قازاخستان. وتفاقمت الأجواء بعد قرار تركي أسقط روسيا من قائمة «المصادر المسموح بها» التي يستخدمها التجار لتفادي جزاءات رسوم التصدير. واحتمال منع الدخول إلى سوق محورية قرع أجراس الخطر في موسكو، وأدى أيضاً إلى أول تراجع في أسعار القمح للشحن من البحر الأسود منذ نهاية العام الماضي. والواقع أن روسيا تستطيع بيع معظم القمح الذي لا تأخذه تركيا في بلدان في أفريقيا بحسب تقرير نشرته شركة «أوكراجروكونسالت» الاستشارية التي تتخذ من كييف مقراً، لكن روسيا كانت تكافح بالفعل لبيع محصول قياسي في غمرة فائض دولي في العرض مما أثار احتمالات فقدان لقبها هذا العام باعتبارها أكبر مصدر في العالم. وتركيا من جانبها عززت وارداتها من حبوب دول البلقان لسد الفجوة الروسية وحجزت شحنات من مناطق تتضمن أوكرانيا والمجر، حسبما ذكرت شركة إس. آند بي. جلوبال بلاتس الاستشارية، لكن تركيا تسعى جاهدة للعثور على قمح عالي البروتين الذي تحتاجه لإعادة تصديره كطحين، حسب قول فلوديمير سلافينسكي التاجر في شركة نيبولون لتجارة الحبوب في مقابلة في كييف مطلع هذا الشهر. وفي 21 مارس، هدد وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي بأن يصل بالمشتريات السنوية من الغذاء الروسي إلى صفر من مستواها الحالي البالغ 1.83 مليار دولار ما لم ترفع روسيا كل القيود. وتحذيره يأتي بعد يوم من نشر مقاتلين أكراد سوريين بياناً أعلنوا فيه أن روسيا وافقت على تدريبهم. ولم تنكر روسيا المزاعم معلنةً أن لديها وحدة عسكرية في منطقة شمال غرب سوريا التي يسيطر عليها الأكراد لمراقبة وقف لإطلاق النار، ولا يبدو في الأفق بادرة على تهدئة لأن أردوغان وبوتين ما زالا يدعمان أطرافاً متعارضة في الحرب السورية، ويبدو أن بوتين وأردوغان مصران على مواقف يعتبرانها حيوية للأمن القومي مما لا يوحي بوجود بادرة على انفراجة في الأفق لصناعة الطماطم المحاصرة في تركيا. *مراسلو «واشنطن بوست» في تركيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©