الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

علماء الدين: منتدى «تعزيز السلم» يعكس إرادة سياسية لجمع الأمة على مشروع إسلامي وسطي ينطلق من أبوظبي

15 مارس 2014 00:45
محمد يونس، وفارس المهداوي (أبوظبي) ــ أكدت نخبة من علماء الدين أن احتضان الإمارات لمنتدى “تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية” الذي شارك فيه حشد كبير من أبرز علماء الأمة، يعبر عن إرادة سياسية واضحة لجمع الأمة على مشروع إسلامي وسطي مستنير ينطلق من أبوظبي، مؤكدين أهمية المنتدى الذي عقد في هذا العام الذي يشهد مرور 100 سنة على قيام الحرب العالمية الأولى، بينما لاتزال العديد من المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية تعاني من صراعات متعددة تتطلب الاتفاق على أسس دولية لضمان السلم العالمي. و استطلعت “الاتحاد” عقب اختتام أعمال المنتدى آراء نخبة من كبار علماء الدين المشاركين بالمنتدى للتعرف على تصوراتهم لآليات نشر “فقه السلم” وثقافة السلام وتوصيات المنتدى في المجتمعات الإسلامية. قال الدكتور سيد ولد أباه أستاذ الفلسفة والدراسات الإسلامية بجامعة نواكشوط الموريتانية إن اهم آليات نشر “فقه السلم” وإشاعة ثقافة السلام في المجتمعات الإسلامية، تتمثل في الحوار النقدي الموضوعي الذي ينطلق من آليات التعايش والنقاش العام والثوابت الكبرى للأمة التي تجمعها ولا تفرقها. وأضاف أن هذه الآليات تشمل أيضا تفعيل المجامع الفقهية بحيث تؤدي دورا في الضبط العلمي لفوضى الفتوى، كما تشمل تفعيل دور الجامعات والوسط الأكاديمي في توجيه النظر إلى الأبعاد القيمية المنفتحة والمتسامحة في الإسلام. ووأوضح الدكتور فهمي جدعان أستاذ الفكر العربي والإسلامي بجامعة الكويت، انه من المهم العمل على إعادة تشكيل صورة إيجابية عن الإسلام وحقائقه الأصيلة تسمح بتبديل الصورة المشوهة التي تتشكل اليوم عن الإسلام والمسلمين لدى العالم. وطالب بالتركيز على قضايا العنف وضرورة التوصل إلى الحلول المجدية للمشاكل التي تنجم عنها، لافتا إلى أهمية توجيه الانتباه لمرحلة الصبا والشباب لأن الأفعال المساعدة التي تصدر عن مراكز العنف تتشكل خلال تلك الحقبة. ويعتبر فضيلة الشيخ هاني فحص عضو اللجنة الشرعية للمجلس الشيعي الأعلى بلبنان، أن المسلمين تأخروا كثيرا في العمل على نشر ثقافة السلام وإفشاء السلم في المجتمعات الإسلامية، ويجب ان نسرع ولا نتسرع، موضحا أن المسألة مشبعة فكريا، ويبقى أن نلملم المفاهيم المؤسسة لعقل السلام حتى لا نختلف، ثم نعطي أولية للتطبيق والعمل الميداني. وشدد على ضرورة أن نتفق على كره المعصية لا كره العاصي وأن ننطلق من هذا المنطق، مطالبا بتحويل الحوار والعيش المشترك الى علم الحوار، على أن يكون علما أكاديميا بغائية شعبية، كأنه علم تطبيقي. العدل أساس السلم من جانبه أوضح الدكتور عبد الإله محمد أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الزيتونة بليبيا، أن السلم في المجتمعات يتحقق بإقامة العدل مؤكدا أن الحاكم حينما يقيم العدل فإنه ينشر السلم بين العباد لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فإقامة العدل يترتب عليه رضا يفضي إلى وجود السلم بين أفراد المجتمع، مشيرا إلى ان المجتمعات الإسلامية لديها رصيد ثقافي وعقدي هائل من قيم السلم، فالسلام من اسماء الله الحسنى، والإسلام دين السلام ورسوله بعث رحمة للعالمين، والرحمة تقتضي السلام مع الخلق جميعا. استلهام تراثنا في التسامح ويتفق الدكتور مصطفى عمران رئيس الجامعة الأسمرية الإسلامية بليبيا مع الرأي السابق، داعيا الى استلهام تراثنا في التسامح والسلم وتحقيقه على أرض الواقع، موضحا أن ذلك يتطلب العمل على أكثر من مستوى، في مقدمة ذلك قيام المدرسة والجامعة بتضمين قيم السلم في المناهج التعليمية، ووسائل الإعلام من خلال إبراز القدوة الحسنة في المجتمع، بالإضافة إلى دور منظمات المجتمع المدني في إشاعة السلم، ثم شغل أوقات فرغ الشباب بأنشطة توجه طاقاته إلى العمل الإيجابي، وإيجاد فرص العمل لهم. ولفت الدكتور سلامة النعيمات وزير دولة في الحكومة الأردنية الى أن هذا العام تمر 100 عام على قيام الحرب العالمية الأولى التي مهدت للحرب العالمية الثانية، وفي نفس الوقت يشهد عالمنا اليوم صراعات ومشاحنات في العديد من أرجائه، وكل ذلك يؤشر إلى خطورة الوضع العالمي وضرورة الاتفاق على أسس دولية تضمن السلم العالمي وهو ما يؤكد أهمية المنتدى في صياغة رؤى وتصورات تسهم في تحقيق السلم بالمجتمعات الإسلامية والعالم. وأكد أن الإسلام بمنظومته المتكاملة من التشريع إلى إصلاح الأفراد والمجتمعات وتنظيم علاقات الدول، يسهم في تحقيق السلم العالمي، فالدين الحنيف يضمن حرية الفرد والعقيدة وكرامة الإنسان وحقوقه سواء كان مسلما أو غير مسلم. كما يسهم الإسلام في تحقيق السلم العالمي كونه يحرم الاعتداء بكل أنواعه وينشر العدل “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربة”: مما يسهم في تحقيق هذا الهدف من خلال المحافظة على الأسرة والعلاقات الاجتماعية وتنمية المال وفق الأسس الصحيحة. ومن هنا تأتي أهمية المنتدى في بيان كل ذلك للشباب وتفعيل دور علماء الدين ومؤسسات التنشئة الاجتماعية لبيان المفاهيم الصحيحة للإسلام ودعوته للحوار وفهم الآخر. وأوضح عبد الرزاق العياري عضو الأمانة العامة للشبكة العربية للتسامح أن هناك العديد من الآليات لتعزيز السلم في المجتمعات، من أبرزها: أولا: محاولة توسيع دائرة النقاش مع كل التيارات السياسية والأيديولوجية للبحث عن المشترك بين الجميع والبناء عليه. ثانيا: تنشيط المنابر المنتجة للقيم بدءا من المدرسة وحتى وسائل الإعلام بحيث تعزز مفاهيم التسامح في المجتمع. وذلك من خلال تغير أساليبها والمناهج التي تتعبها والتي ينتج عنها نتائج عكسية، فقد أصبحت بعض المدارس منبتا للعنف، وتحول بعض وسائل الإعلام الى منابر لتغذية لتشاحن والاحتقان. وهنا ينبه العياري إلى أن بعض وسائل الإعلام تلعب دورا في صنع العنف بالمجتمعات الإسلامية، وعليها أن تتوقف عن ممارسة هذا الدور الذي يتنافي مع كل المعايير المهنية والأخلاقية ومواثيق الشرف الإعلامية. ثالثا: العمل بكل السبل على محاصرة العنف وتثبيت ثقافة التسامح وهنا يبرز دور المجتمع المدني في تحقيق هذا الهدف، مطالبا بضرورة التخلص من الصراعات التاريخية التي تشكل حاليا أساس التشاحن بين القوى التيارات الرئيسية في عدد من المجتمعات العربية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©