الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أستراليا والصين بين الاقتصاد وحقوق الإنسان

أستراليا والصين بين الاقتصاد وحقوق الإنسان
26 مايو 2008 03:04
تعرضت العلاقات الأسترالية -الصينية التي تزداد رسوخاً يوماً بعد يوم- إلى ضغـــوط كبيرة خلال الآونة الأخيرة عندمــا حاولت السلطات في العاصمة احتواء الاحتجاجات، والاحتجاجات المضادة للجالية الصينية خلال جولة الشعلة الأولمبية في العاصمة الأسترالية، ''كانبيرا''، فقد نشبت مشادات بين التبتيين والصينيين، بينما كانت الشعلة الأولمبية تتقدم في طريقها عبر شوارع العاصمة مستكملة جولتها العالمية قبل الوصول إلى الصين، مكان انعقاد الألعاب في شهر أغسطس المقبل· وخلافاً للمظاهرات التي نظمت في أوروبا والولايات المتحدة احتجاجاً على قمع الصين لسكان التبت واتسمت بطابعها السلمي والهادئ، كانت الاحتجاجات في أستراليا أكثر حدة· فقد حمل المئات من التبتيين الذين يعيشون في الصين ملصقات كتب عليها'' ''شعلة العار''، وأخرى فيها'' ''لا تحرقوا التبت''، كما تبادل المتظاهرون عبارات غاضبة مـــع ما يقـــارب ألف صيني، وأغلبهم من طلبة الجامعـــات الأستراليــــة يُعتقــــد أن السفارة الصينيــة في ''كامبيرا'' سهلت وصولهم إلى مكان المظاهرة· وقد تبادل المسؤولون الصينيــــون والأستراليــــون الاتهامات حول الدور الذي لعبه مناصرو الصين في تلك المظاهرات الذين نُعتوا ''بالمخربين'' من قبل البعض، نظراً لسلوكهم غير اللائق الذي أظهروه خلال جولة ''كانبيرا''، وقد كان لافتاً أن المتحدث باسم الحكومة الصينية أعطى في مؤتمر صحفي عقده عشية وصول الشعلة الأولمبية إلى العاصمة الأسترالية، الحق لأنصار الصين بالتدخل إذا تعرض حامل الشعلة إلى أي تهديد، طالباً من الحضور أن يستخدموا أجسامهم كحلقة للدفاع عن الشعلة ومنع المحتجين من الوصول إليها، غير أن الوزير الأسترالي المكلف بالمناطق المحيطة بالعاصمة، ''جون ستانهوب'' قال في غضب: إن المسؤولين الصينيين لا دخل لهم في مسألة حماية الشعلة الأولمبية، مؤكداً أن الشرطة الأسترالية ستتولى الأمور، وفي حال تدخل الصينيين فإنـــه سيتم القبض عليهم فـــوراً· الواقع أن الأحداث التي صاحبت جولة الشعلة الأولمبية في ''كانبيرا'' وضعت السلطات الأسترالية في وضعية صعبة، فهي من ناحية تتعاطف مع التبتيين في محنتهم وتتمسك بحرية الأشخاص في التعبير عن آرائهم، لكن من ناحية أخرى لا تريد الحكومة استعداء الصين، لاسيما بعدما تفوّقت على اليابان وأصبحت الشريك التجاري الأول لأستراليا بفضل شهيتها المفتوحة للفحم الأسترالي، وباقي المواد الخامة التي تصدر إلى الصين، فقد شهدت العلاقات الصينية الأسترالية تطوراً مطرداً انتقل من حسن إلى أحسن في السنوات الأخيرة، ومن المرجح أن تستمر العلاقات الوثيقة بين البلدين في عهد رئيس الحكومة المنتخب حديثاً والسفير السابق ''كيفين رود''، الذي يعتبر أول قائد غربي يجيد التكلم بلغة ''الماندرين''؛ والأكثر من ذلك أن أستراليا تضم جالية صينية كبيرة، فضلاً عن الآلاف من الطلبة الصينيين الذين يدرسون في الجامعات الأسترالية المختلفة، يضاف إلى ذلك أن الازدهار الاقتصادي الذي تعرفه أستراليا يرجع في جزء كبير منه إلى إقبال الصين المتنامي على مواردها الطبيعية، لكن الأستراليين يعتزون أيضاً بصراحتهم مع الصين، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالإشارة إلى أخطائها، ولعل ذلك ما دفع رئيس الوزراء ''كيفين'' للتعبير خلال جولة له في الصين عن قلقه بشأن ''حقوق الإنسان في التبت''· هذه الانتقادات التي أغضبت المسؤولين الصينيين، أعاد التأكيد عليها الوزير الأسترالي ''ستانهوب'' أثناء الخطاب الذي ألقاه بمناسبة استقبال العاصمة ''كامبيرا'' للشعلة الأولمبية قائلاً: ''أرجو أن تتحمل صداقتنا بعض الكلام الصريح، فنحن لا نكمم أفواه المعارضة فقط لأنها قد تحرجنا، أو تحرج أصدقاءنا''، لكن في ظرف أقل من ساعة وعندما كانت الشعلة تمر أمام مبنى البرلمان الفدرالي في العاصمة الأسترالية ارتمت مجموعة من التبتيين المحتجين أمام آليات الشرطة وأعاقت الحركة، وهو ما أدى بهذه الأخيرة إلى اعتقالهم، وفيما كانت إحدى الطائرات التي اكتراها الحزب ''الأخضر'' الأسترالي تخط السماء وترسم عبارة: ''حرروا التبت''، ظهرت طائرة أخرى بعد دقائق تجرّ وراءها ملصقاً يقول'' ''لنذهب إلى أولمبيات بكين''· غير أنه في الوقت الذي كانت فيه الشعلة الأولمبية تواصل طريقها في شوارع ''كامبيرا'' اندلع التدافع والتزاحم بين أنصار الصين من جهة والمحتجين عليها من سكان التبت من جهة أخرى، وفي هذا الإطار قالت ''فيفيان موراي'' -عضو في المجلس الأسترالي للتبت-: ''لقد كان الصينيون شديدي العداء، حيث أمسكوا براية التبت التي كنت أحملها وطوحوا بها إلى الأرض''؛ ومن جانبه قال ''لوبسانج تشويجال'' -أحد اللاجئين من التبت الذي فرّ إلى أستراليا منذ أكثر من ثلاث سنوات-: ''إن الهدف من هذه الاحتجاجات هو التركيز على القمع الذي تمارسه السلطات الصينية ضد سكان التبت''، لكن رغم الإرباك الذي صاحب مرور الشعلة الأولمبية بالعاصمة الأسترالية وتدخل قوات الشرطة لاعتقال عناصر من الجانبين، اعتبر المنظمون أن المناسبة كانت ناجحة، وبأن الشعلة ستواصل طريقها· نيك سكوايرز-كامبيرا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©