الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

من أي جنس هو؟

9 مارس 2011 22:20
لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، ولكن ولد وفي أحشائه درر كثيرة من الموهبة وبحور شاسعة من الخلق ومن الإبداع، كان يكفيه مثل الكيميائيين البارعين أن يتلقى إشارة بالحدس وبكل الحواس، كانت له تأشيرة وبوصلة.. تأشيرة ليدخل تلك البحور ويغوص عميقاً من أجل أن يطلع بمرجانات المجد، فيصبح اليوم بقوة الإنجازات وبفورة الجنون الخلاق وبعنف الثورة التي صاغها بفكره وبخياله وبجرأته مدرب هذا الزمان. تلمس جوزي مورينيو بحكم البيئة التي فيها نشأ، الطريق الأولى نحو مهنة التدريب، فهو يذكر أنه وهو في مرحلة الصبا، جاب ملاعب كثيرة بالبرتغال مرافقاً لوالده لاعبا ومدربا، ويعترف أن الخربشات الأولى له على ورق الحلم عندما كان مصباحاً لوالده فيليكس مورينيو وهو يتقلب بتواضع كبير بين الأندية جعلت منه لاعباً رغم أنفه، فمورينيو برغم أنه حاز شهادة الانتماء لعالم الاحتراف كلاعب، إلا أن قوة هادرة بداخله كانت تدفعه إلى الاعتزال، ليحترف ما كان أصلاً في كيميائه وفي تركيبته، أن يكون قائداً، مدرباً وصانعاً لثورة نمطية في منظومة كرة القدم. لست أدري إن كان ذلك مكراً أو تشفياً أو حتى حباً في معاودة الظهور، ولكنني وقفت مجزوعاً عند الذي أراد جون جاسبار وهو رئيس سابق لبرشلونة، قاد البلوجرانا ما بين 2000 و2003 أن يسر به عن مورينيو، عندما ذكر بمروره بالبارسا مترجماً للمدرب الإنجليزي بوبي روبسون مقابل 60 أورو شهرياً، وقال إن فضل البارسا زاد قليلا يومها، إذ عندما أظهر مورينيو أنه أكثر بكثير من مجرد مترجم حصل على مقابل اقتنى به بيتاً في برشلونة. ولو أن مورينيو في فسيفساء فكره لا يتبرم من ماضيه حتى لو حكى عنه البعض بهذا الخبث، إلا أنه لا يحصل في واقع الأمر إلا على ما تحدثه شخصيته وفكره من استفزاز وأحياناً من تحرش صريح بالأنا العليا لكثير من الذين ليسوا بذات درجة شموليته ونزقه. بالقطع عالمية مورينيو هي خليط سحري بين المدرب الكاريزماتي، الذكي والمتحصن بفلسفة هي الأكثر تطابقاً مع واقع الحال والتي قادته ليتحصل في ظرف زمني قصير جداً على ألقاب تزيد عن عدد أصابع اليدين وهي أيضا بمختلف المقاسات والأحجام وإن كانت كلها ألماسات وأحجار كريمة وبين المفكر الرياضي الذي يرسم جيداً المسافة بينه وبين الآخرين ومن ثم يحدد بدقة نوع العلاقة التي ينسجها مع محيطه الكروي، فالرجل يوجد اليوم في كوكب رابع وهو يقود ريال مدريد، إذ كان ذات وقت بمسقط رأسه بالبرتغال، ثم انتقل لإنجلترا ومنها لإيطاليا، والذي يستطيع الانتقال بسلاسة بين كل هذه الكواكب المختلفة أضواؤها والمتشعبة مسالكها والمتباعدة ثقافاتها الكروية لا يمكن إلا أن يكون فريد زمانه.. إلى الآن لم يصبح مورينيو في مرتبة هيلينو هيريرا مبدع الكاتناشيو الذي قلب الأنظمة في كرة القدم، ولا في مرتبة رينوس ميتشيل الذي أبدع الكرة الشاملة وأدخلنا بها مدن المتعة، ولا هو في مرتبة يوهان كرويف الذي أعطى طابع الحداثة للكرة الشاملة، ولكنه يظل على كل حال طائر السنونو الذي يبشر بمقدم الربيع ويتكلم بلغة الأمل، برغم أن بعض الذين يحسدونه أو يتضايقون من نجاحه يقولون إنه صورة من طائر الفينيق. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©