الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسوار من الوحدة تعطيني الحياة

15 يوليو 2009 00:41
هناك لحظات تهيئ لغربة عنيفة... تعتبر نذيراً من جهة ومثبتاً من جهة. فهي نذير بقوة الموجة التي ستواجه الإنسان، لكنها بالمقابل تعطيه نوعاً من الثبات يمكنه من مواصلة الطريق. من هنا، يختار بعض الأحرار البعد لإعطاء غربته مزيداً من الغربة، ولذلك أيضاً آثرت الرحيل، كان من الممكن أن تكون أنت البديل، لكني آثرت أن أحتسبك عند الله. بنيت حولي أسواراً من الصمت، والغربة، والوحدة، متيقناً من أن هذا الأمر سيقتلني كثيراً، لكنه سيمنحني الحياة، وسيعطيني نوعاً من القوة. أنا أعلم أنك معي، وأنك تحب أن تكون كذلك، لكنني أعلم تماماً أن هناك عوائق ستمنعك من المضي معي، وستبقيك بعيداً عني حيث سأرحل غريباً أحمل في صدري ألمان، ألم غربتي، وألم رحيلك. ستذكرني لا شك في ذلك، ولن أذكرك، لكن، هل نسيتك حتى أتذكرتك، إنما يتذكر من ينسى، أما أنت، فأنت وقود الذكريات وزاد الأفكار وغذاء الآمال. أنت معي، أمسي ويومي وغدي، من بقائك أتلمس الحنان، ومن ذكراك أرجو المساندة، خير لي أن أمضي وحيداً وأنا أشعر أنك كنت ترغب في رفقتي، وأبقى وحيداً وأشعر أنك كنت تأنس بصحبتي، من أن نسير معاً ثم نفترق، ونتعاهد ثم نخلف ونخذل. لا تشعر بقسوة كلماتي، فإنما هي عندك همسة، وهي عندي صرخة، هي عندك نسمة، وعندي إعصار، إنما هي أحرف في نظر البعض، وخناجر في نظري. الأيام ستنطوي، والألم سيزيد، والهم سيكبر، لكن سينتهي إلى خير، وأرغب في البقاء وحيداً لأتمكن من مواجهة قسوتها وضيقها وطولها، وستبقى حولي طالما بقي في الجسد روح. نتكلم فنحفر في القلوب ما نحفر، ونترك أثراً أعمق من أعمارنا، ونسير فنخط بأقدامنا قصة طريقنا، ونقف فننحت في جدار الذكريات خواطر حياتنا، ونبقى يبحث الواحد منا عن نصفه وهو بين يديه، ونضحي بأنصافنا ونبذل أنفسنا، وفي كل هذا يحدونا أمل باللقاء بعد غيبة، وبأنس بعد وحشة، وببقاء بعد رحيل. أنت أنا، لم نفترق كي نتلقي، وإنما هي أجساد ابتعدت لتلتقي، أما حقيقتها فبين كفي وكفك نحمل سعادة اللقاء. عبدالله الريمي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©