الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وادي سوات... عودة حذِرة للاجئين

وادي سوات... عودة حذِرة للاجئين
15 يوليو 2009 01:01
ظلت جثة الرجل النحيف متدلية من برج لنقل الكهرباء خارج «وادي سوات»، ومع أنه من غير الواضح من الذي قام بتعليق الجثة بتلك الطريقة أهُم الأهالي، أم رجال الشرطة، إلا أن القصد من ذلك واضح وهو تبني أحد تكتيكات «طالبان» نفسها لضمان عدم عودتها مجدداً إلى الوادي، وهي الرغبة التي يتقاسمها العديد من الأهالي الذين اضطروا لترك منازلهم والهروب خارج سوات بعد اندلاع المعارك بين القوات الباكستانية ومتمردي «طالبان». ولدى عودة اللاجئين إلى منازلهم واستمرار تدفق الشاحنات التي تنقلهم إلى وادي سوات يتحدث السياسيون عن الانتصارات التي تحققت في المعارك والسلام الذي حل أخيراً، لكن مع ذلك ظلت مشاعر الحذر والترقب طاغية على الأهالي العائدين، ولم يبدُ الرجوع حدثاً ساراً بالضرورة، لا سيما في ظل السنوات الأخيرة التي انتقلت فيها السلطة على الوادي بين الحكومة تارة و«طالبان» تارة أخرى، وهو ما يثير الخوف في نفوس الناس من احتمال عودة المليشيات الإسلامية المتشددة ومدى قدرة القوات الحكومية على حمايتهم. ولشهور عديدة خاض الجيش الباكستاني والمتمردون معارك شرسة بين حقول الأرز وبساتين التفاح التي تتخلل وادي سوات بخضرته المعروفة وطبيعته الخلابة، ومع احتدام القتال اضطر أكثر من مليوني شخص مغادرة المنطقة والتزاحم في خيم أقيمت على عجل لإيواء الأعداد الكبيرة من اللاجئين، أو التوجه إلى بيوت أقرابهم في المناطق المجاورة بالشمال الغربي لباكستان. وبعد إعلان الجيش حسم المعركة وطرده لعناصر «طالبان» من وادي سوات بدأت الحكومة يوم الإثنين الماضي عملية إعادة جزء من المهجرين إلى منازلهم ومساعدتهم على الاستقرار في منطقتهم، لكن قبل ذلك وفي خطوة يبدو أن الهدف منها طمأنة الناس ودفعهم إلى الرجوع، توجه موكب من السياسيين المحليين برفقة حراسهم من الجيش إلى «مينجورا»، وهي أكبر مدن الوادي لتفقد المنطقة والوقوف على حجم الدمار الذي لحق بالبيوت والمباني العامة، ومع أن الكثير من القرى والبلدات في وادي سوات بدت في حالة جيدة ولم يطلها الخراب، إلا أن بيوتها المهجورة تشي بالمعارك التي كانت دائرة في المنطقة، فضلا عن بيوت أخرى تداعت بسبب قذائف المدفعية التي لم توفر المدارس ومراكز الشرطة، كما تحول وسط المدينة بمحلاته وفنادقه إلى كومة من الركام بسبب كثافة القصف وشراسة المعارك، وهو ما عبر عنه «خليل الرحمن»، أحد السياسيين البارزين في مينجورا قائلا «إنها المدينة بعدما دمرتها طالبان وأحالتها إلى خراب». وقد اختارت «طالبان» أثناء سيطرتها على مينجورا ساحتها الرئيسية لرمي جثث ضحاياها إلى درجة أطلق عليها السكان، بسبب أعمال القتال والتنكيل، ساحة المجزرة، وهو ما يوضحه «خليل الرحمن» بقوله «لقد تقوت شوكة طالبان تدريجياً في المنطقة ولم يجدوا أي مقاومة عندما دخلوا المدينة، فقد اعتقد الأهالي ألا مشكلة بين الشرطة وطالبان إلا أن بدأت هذه الأخيرة في استهدافهم وقتلهم»، وبعد خروج «طالبان» أطلقت الحكومة على الساحة اسم «ساحة الشهداء». وبحلول يوم الإثنين الماضي، كان الجنود قد انتشروا في عموم الوادي بعدما حولوا المدارس والمباني الحكومية إلى ثكنات عسكرية وقاموا بنصب الحواجز في الطرق لمنع تسلل الانتحاريين، ومازالت سوات حتى اليوم تعيش حظراً للتجول فرضته السلطات الحكومية، كما أن المحالات وحركة التجارة في المدنية لم تستأنف نشاطها بعد. ومع أن أغلب سكان الوادي آثروا السلامة وفروا من المعارك الشرسة، إلا أن البعض الآخر فضل البقاء ومساعدة الأهالي مثل «شاه دروان» الجراح الذي غادر منزله لكنه بقي في المنطقة ليسعف الجرحى ويساعد المرضى، بل أعد علاجاً يدوياً لمرضى السكرى بعد نفاد الأنسولين وأنقذ حياة الكثير من الجرحى. وقد أعلنت الحكومة الباكستانية بعد استعادتها لوادي سوات مقتل ما لا يقل عن 1500 من عناصر «طالبان» لقوا حتفهم على يد القوات الحكومية أثناء المعارك، رغم أنه لم يتأكد سقوط سوى زعيم واحد من قادة 27 «طالبان» في المنطقة، فرغم تأكيد الجيش أن «مولانا فضل الله»، قائد «طالبان» قد أصيب بجروح في العمليات العسكرية نفى متحدث باسم الحركة أن يكون زعيمها قد تعرض لأي مكروه. وتواجه الحكومة حالياً تحديات كبيرة بعد عودة الهدوء إلى سوات أهمها توفير الخدمات الأساسية للسكان العائدين إلى منازلهم وبناء البنى التحتية التي جرى تدميرها، فضلا عن حماية الأهالي وتشجيعهم على الرجوع إلى ديارهم، لكن الأهم من ذلك هو ضرورة استعادة قوات الأمن الحكومية لثقة الأهالي بعد أدائهم المتواضع في البداية عندما دخلت «طالبان» المدينة، بحيث يُتوقع إرسال الحكومة لقوات إضافية تصل إلى 2500 من رجال الشرطة إلى وادي سوات لتعزيز الأمن وطمأنة السكان. وبالإضافة إلى المشكلة الأمنية وحماية الأهالي تواجه الحكومة مشكلة توفير الاحتياجات الغذائية للمزارعين الذين تركوا محاصلهم قبل موسم الحصاد، وهو ما أشار إليه أحد المسؤولين المحليين في المنطقة الذي أكد عزم الحكومة توفير الغذاء طيلة خمسة شهور للعائدين إلى منازلهم. جوشوا بارتلو- باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©