الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مبيكي··· يخرج عن الصمت

مبيكي··· يخرج عن الصمت
27 مايو 2008 02:24
بعد أسبوعين من التنديدات المحتشمة بأعمال العنف ضد المهاجرين التي هزت جنوب أفريقيا، وصف الرئيس الجنوب أفريقي ''ثابو مبيكي'' يوم الأحد موجة الهجمات المعادية للأجانب بأنها ''وصمة عار'' لطخت سمعة البلاد، حيث قال في خطاب دام 10 دقائق بث على التلفزيون الوطني: ''منذ ولادة ديمقراطيتنا، لم يسبق أبدا أن شهدنا مثل هذه القسوة''· وقد جاء خروج الرئيس عن صمته بعد تعرضه لانتقادات شديدة واتهامات بفقدانه الزعامة خلال الفوضى والاضطرابات التي خلفت 50 قتيلا، حيث دعته ''ذا صانداي تايمز''، وهي واحدة من الصحف الكبرى في جنوب أفريقيا، إلى الاستقالة ضمن افتتاحيتها التي نشرتها على صدر صفحتها الأولى يوم الأحد، ومما جاء فيها: ''طيلة هذه الأزمة -تعد اللحظة الأخطر والأكثر سوادا في تاريخ دولتنا الشابة- أظهر مبيكي أنه لم يعد مؤهلا للقيادة''، وعابت عليه الصحيفة مغادرته البلاد أثناء أوج أعمال العنف، وعدم زيارة أي من الأحياء التي شهدت الهجمات، فقالت: ''سيدي الرئيس، من الواضح أنك فقدت الاهتمام بتسيير شؤون الجمهورية، نناشدك أن تتنحى من أجل مصلحة بلدك''، وقبل ذلك بنحو أسبوع، كان ''ماثيوز فوزا'' -الأمين العام لحزب ''مبيكي''- قد دعاه إلى عدم إكمال ولايته الرئاسية، التي من المرتقب أن تنتهي أبريل المقبل، قائلا إنه ''لم يعد على تواصل مع قاعدة الحزب''· غير أن آخرين من قياديي المؤتمر الوطني الأفريقي سرعان ما أوضحوا أن التصريح إنما يعكس رأي فرد، وليس الحزب، ولكن الأكيد هو أن ''مبيكي'' يوجد في وضع ضعيف للغاية منذ أن مني بهزيمة نكراء في ديسمبر الماضي، حين انهزم في تصويت حول أعلى منصب في الحزب أمام ''جاكوب زوما'' الذي أقاله ''مبيكي'' من منصب نائب رئيس الجمهورية في ·2005 وقد التقى ''زوما'' -الذي يعتقد عدد من المراقبين أنه هو من سيخلف مبيكي- يوم الأحد بالحشود شرق ''جوهانسبورغ'' حيث حدثت أشد أعمال العنف، وبالمقابل، اكتفى ''مبيكي'' بإلقاء خطاب مسجل من على كرسي فاخر ووثير، بأسلوبه الرتيب الذي عرف به، وقال: ''كيفما تكن التخوفات الموجودة بخصوص السكن والوظائف وغيرها، إلا أنه يمكن ويجب التعاطي مع هذه الأمور بطريقة تتماشى مع الخصائص الكريمة والإنسانية التي تتحلى بها أغلبية شعبنا، وليس عبر الوسائل الإجرامية''· والواقع أن الهجمات المتفرقة على الأجانب تحدث في أفريقيا منذ سنوات، ولكن الهجمات على المهاجرين قبل أسبوعين في حي ''أليكزاندرا'' بالقرب من وسط ''جوهانسبورغ'' سرعان ما امتدت لتشمل أجزاء أخرى من المنطقة، وفي إحدى هذه الهجمات، صور المصورون الصحفيون رجلا يُحرق حيا، وهي صورة جعلت الكثير من الجنوب أفريقيين يشعرون بالعار· وإذا كانت أعمال العنف قد تراجعت في ''جوهانسبورغ''، فإن الهجمات انتشرت في مدن أخرى مثل ''دوربان'' و''كيب تاون''، ونتيجة لذلك، فر نحو 30000 أجنبي من منازلهم، ولجأوا إلى مراكز الشرطة والكنائس، هذا في حين غادر آلاف الأجانب اليائسين جنوب أفريقيا للعودة إلى زيمبابوي وموزمبيق ومالاوي ودول أخرى، غير أن معظم المهاجرين مازالوا في البلد، ويذكر أن جنوب أفريقيا، التي تشكل ثلث الإنتاج الاقتصادي لبلدان أفريقيا جنوب الصحراء، تضم خمسة ملايين أجنبي يتنافس العديد منهم على الوظائف، إلا أنه وسط ارتفاع نسبة البطالة ومشاكل السكن وارتفاع الأسعار في جنوب أفريقيا، يُحمَّل الأجانب في كثير من الأحيان وزر المشاكل الاقتصادية التي يعانيها الفقراء المحليون، والذين يصبون غضبهم على الفقراء المهاجرين· والحال أن الفقراء المحليين غير راضين عن الحكومة أيضا، فقد وصل ''مبيكي'' إلى السلطة في 1999 بعد انتصار كاسح، ليخلف ''نيلسون مانديلا''، وإذا كان يفتقر إلى كاريزما وجذابية سلفه، إلا أنه كان يبدو شخصا هادئا وعقلانيا يحظى بالاحترام، وإن لم يكن محبوبا من قبل الجميع، وفي عهده حققت البلاد أطول فترة من النمو الاقتصادي المستديم في تاريخها، ونتيجة لذلك، تمت إعادة انتخابه بأغلبية كبيرة في ·2004 والحال أن التقدم الاقتصادي لا يُقتسم على نحو متساو، حيث لا يعود بالفوائد والمزايا إلا على جزء صغير من مواطني البلاد السود - أصحاب المهارات العالية وأولئك الذين لهم معارف ذوو نفوذ- وقد حذر ''ديسموند توتو'' -القس الأنجليكاني المتقاعد والحائز على جائزة نوبل للسلام في 2004- من ذلك بقوله: ''في الوقت الراهن، يعيش العديد من أبناء شعبنا في فقر مدقع ومحط من كرامة الإنسان وإنسانيته، إننا نجلس على برميل بارود''· ويبدو أن العنف ضد المهاجرين فتيل مشعول مرتبط بذاك البرميل، وقد حدث في وقت عانى فيه ''مبيكي'' الكثير من الانتكاسات إلى درجة أن ترِكَته تبدو اليوم بصدد الانهيار، وإلى جانب خسارته أمام ''زوما'' تضررت صورة ''مبيكي'' في البلاد بسبب ادعاءات بأنه سعى لحماية قائد الشرطة من اتهامات بالفساد، ويضاف إلى ذلك رفضه الشديد انتقاد رئيس زيمبابوي ''روبرت موجابي'' الذي دفعت سياساته هذا البلد إلى الفوضى الاقتصادية، ودفعت حوالي ثلاثة ملايين شخص إلى الفرار إلى جنوب أفريقيا· وإلى ذلك، بات النمو الاقتصادي المستديم الذي حققه ''مبيكي'' اليوم معرضا للخطر بسبب قلة الكهرباء التي أرغمت الصناعة على تقليص الإنتاج، وباعتراف ''مبيكي'' فإن الحكومة لم تتبع تحذيرات الخبراء بخصوص ضرورة إنشاء محطات جديدة لتوليد الطاقة· باري بيراك- جوهانسبورغ ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©